انطلقت اليوم فعاليات "المؤتمر الدولى الأول لعصور ما قبل التاريخ فى الوطن العربى" الذي تقيمه كلية الآثار جامعة القاهرة لمدة خمسة أيام، بمشاركة 150 باحثا من معظم أنحاء الوطن العربي. يتناول المؤتمر عصور ما قبل التاريخ منذ بداية الأزمنة الجيولوجية وحتى بدايات التاريخ في الوطن العربي. وقال د.محمد حمزة عميد كلية الآثار جامعة القاهرة ورئيس المؤتمر أن المؤتمر يهدف إلى التوعية بأهمية التنقيبات وإجراء الحفائر لمواقع عصور ما قبل التاريخ في الوطن العربى، بغرض ترشيح عدد اكبر لمواقع عصور ما قبل التاريخ لإدراجها على قائمة التراث العالمي .
في كلمته قال د. زيدان كفافي عميد معهد الملكة رانيا للسياحة والتراث، ومدير متحف الأردن، أن الإنسان منذ بدء الخليقة حائر في أمور كثيرة، منها كيفية قدومه إلى الكون، وماذا يحدث بعد الممات، ثم اهتدى للإجابات من خلال المعتقدات ثم الديانات.
وأكثر ما حيرالإنسان هو التكاثر الإنساني، لذلك نجده قدس المرأة، حيث تم العثور في بعض المواقع الأوروبية على عديد من الدمى التي تمثل المرأة في حالة الحمل وبالتحديد في النمسا. هذا الإنسان تطور مع الزمان ليس فقط اقتصادياً بل عقائدياً وذهنياً، فعرف الله قبل أن يعبده.
عرض مدير متحف الأردن للإنسان القديم في "قرية عن غزال" بالأردن، ويمتد موقعها على ضفتي نهر الزرقاء، وهناك تم الكشف عن كثير من المعتقدات.
في الفترة من 7250 – 6500 قبل الميلاد، مارس الناس طقوساً دينية مختلفة، وكانت لهم عقائد متعددة، كذلك لعب السحر دوراً هاماً في حياتهم.
أيضاً عبد القدماء أسلافهم، بدليل انهم دفنوا تحت أرضيات منازلهم الجدود ثم بعد فترة استخرجوا الجمجمة وجملوها ثم دفنوها في زاوية البيت ثم عبدوها.
كذلك عبدوا المرأة فقد كان حملها دلالة على قدسيتها، كذلك عُرف في هذه الفترة التضحية بالحيوانات، فقد وجد دمى لحيوانات تم التضحية بها، وأخرى سيقت للمعبد. وأكد كفافي أن الإنسان قبل استقراره بحكم الزراعة مارس العبادة، لكنه في العصر الحجري الحديث بنى أماكن خاصة للتعبد.
تميزت الفترة بين 6500 إلى 6000 قبل الميلاد ببناء بيت للمعبود، وفي القترة بين 6000 حتى 5500 قبل الميلاد دفنت دمى المعبود في ساحات المنازل ثم في فترة الازدهار بنوا أماكن للعبادة.
وأكد الباحث أن السحر لعب دوراً كبيراً في حياة الإنسان الزراعي الذي ارتبطت حياته بالطبيعة، فقد كان الرعد والبرق وغيرها من الأمور التي لم يفهمها وأرجعها للسحر.
وخلص كفافي في نهاية ورقته إلى أن المجتمع الزراعي الذي عاش في "عين غزال" هو جزء من المجتمعات الزراعية التي عاشت في الشرق القديم، وهو ما ينطبق على مصر أيضاً لأنها جزءاً من بلاد الشرق الأدنى القديم.
في كلمته أكد الدكتور محمد بهجت قبيسي أستاذ التاريخ القديم في جامعة حلب السوريّة، وعالم الصّوتيات المعروف أن هناك لغة سومرية ولا يوجد شعب سومري، فاللغة السومرية كانت لغة شفرة، وهي لغة للمثقفين لا يعرفها رجل الشارع العادي.
ظهر اسم سومر في بداية الألفية الثالثة ق.م. لكن جذور السومريين تعود الى الألفية السادسة ق.م. حيث ظهرت اولى معالم الحضارة العراقية التي اطلق عليها الآثاريون "الحضارة العبيدية" نسبة إلى "تل العبيد جنوب العراق قرب الناصرية"، ثم تطورت إلى الحضارة السومرية.
أما الجدل حول أصل السومريين، هو جدل مصطنع لأنه لا معنى له، الميل العام أصبح لصالح الفرضية القائلة بأن السومريين هم سكان العراق الأصليون. والأدلة المعقولة على هذا انه لم يعثر حتى الآن على أي أصل لغوي أو تقارب واضح مع أية لغة في العالم. رغم كل الفرضيات القائلة بأن اللغة السومرية، بما انها لغة مقطعية غير تصريفية، فأنها تشبه في بعض النواحي اللغات التركية والفنلندية والهنغارية.
آثار السومريين تدل على أنهم كانوا يعيشون في كل أنحاء العراق، لكن مدنهم ودويلاتهم قامت أولاً في السهل الجنوبي العراقي، لأن خصوبته وغناه البيئي سمحت بهذا الانجاز الحضاري التاريخي.
يذكر أن المؤتمر يتناول موضوعات هامة في مجال دراسات عصور ما قبل التاريخ بدءا من مواطن انتشار الإنسان الأول في نواحي الوطن العربي بوجه عام، خاصة خلال العصر الحجري القديم الأوسط، بالإضافة إلى أهم الآثار التي خلفها الإنسان في أهم مواقعه من أدوات حجرية وغيرها ، كما تستعرض النقوش الصخرية التي انتشرت خاصة بالدول العربية الواقعة في شمال أفريقيا (مصر، ليبيا، الجزائر، المغرب).