يعكف الشاعر والناقد شعبان يوسف على الانتهاء من ديوانه الجديد "وهو في غاية الحيرة"، والذي كتبه بأكمله هذا العام. يعد الديوان كله نثر من الألف إلى الياء، وهذا الاتجاه جديد بالنسبة للشاعر، ففي ديوانه الصادر عام 2008 باسم "أحلام شكسبيرية" كان هناك تقاطع مع شخصية هامليت، وغيرها من الشخصيات المتعددة في عالم "شكسبير". والشاعر في الثلاثة دواوين الأخيرة يحاول أن يتقاطع مع ثقافات أخرى، عربية و غير عربية. وفي حديثه ل"محيط" اعتبر يوسف أن ديوانه محض كامل من المشاعر، واعتبره فاضح إلى حد كبير.وقد استطاع الشاعر أن يتخلص من فكرة القصيدة الطويلة إلى القصيدة القصيرة، وهي التي يسميها بقصيدة الجرعة الواحدة . ويميل الديوان الجديد للتأمل العميق في الوطن والحياة، ويبتعد عن أسلوب الحكي المباشر . ويختص الشاعر "محيط" بعدد من قصائد الديوان يقول في أولاها : أحبها رغم نزقها وجنونها وخروجها عن النص أبدا واقصائى عن قاعة الروح كثيرا سأسألها حين تصحو صباحا وتشرب قهوتها الباردة فى هدوء: لماذا تكون الحياة محطمة دون شمس حضورك؟ بماذا أفسر هذا التصحر يعلو على صفحة القلب حين يغيب بهاؤك؟
سأمشى إليها وأبلغها اننى فى ظلام بهيم وروحى تحن لبعض من الذكريات وأن حياتى ستغدو كمقصلة دونها
وذات صباح قريب سأجلس بين يديها أقدم كل فروض الولاء لرقتها وأتيييييييييه بها
الحياة واسعة وجميلة ولن أذرف دموعا على أحد بعد الان كل ماسأفعله كل صباح أننى سأذهب الى المقبرة وأقرأ الفاتحة على روح أصدقائى الذين ذهبوا دون مأسوف عليهم غابوا دون أن يتركوا علامات تميزهم أو رسوما تحدد ملامحهم أو حتى ذكريات طيبة لتكسر قسوة العزلة هكذا تركوك أعزلا تماما بلا أى أسلحة تحميك من صقبع مباغت دوما كنت أقف فى ميدان عام واحترق من أجلهم وألقى بجسدى فى مواجهة العاصفة من أجلهم راهنت على شمس أخرى لكنهم راحوا ليرشقوا روحى بالسهام الصدئة ربما لو ذرفت الدمع علناعليهم لن يستقبلوا ذلك بنبل أنا الذى ضعت تماما فى سراديبهم المعتمة فلم تبق لى سوى روح شامخة تستيقظ معى كل صباح ونظل فى حوار هكذا حتى نتنفس المساء بقوة لست مطعونا من أحد ولست حائط مبكى لأصدقائى المتعبين حتى يناموا فى سريرى الضيق لكننى سأغلق باب روحى جيدا حتى لا تتسرب الحياة عبثا ربما أستطيع أن أتنفس من جديد ربما أستعيد نفسى المغدورة بقوة أصارحكم بحقيقتى المرة أنا لم أكن يوما قديسا ولامهرجا ولم أكن حارسا لأمجاد الوطن المهدورة ولم أتلألأ تحت أضواء بطولة زائفة فقط كنت أتنفس بحرية فقط أردت أن أعيش بوضوح جارح لا تغلقوا الباب فى وجهى ولا تدقوا طبول حروبكم فى مواجهتى أنا الهائم فى روح الله المطلقة لا تستروا عرى جرحى الفاضح والدامى قفوا واحدا واحدافى صفوف لاتنتهى لأننى أريد أن أقول خطبة الوداع وفي قصيدة أخرى يقول : أنا بائع الحلوى والمهرج الذى يسير فى الحارات والأزقة حتى يفوز ببهجة أحد أنا قائد فرقة الانشاد المنقرضة أهتف كل صباح للمارة والسابلة حتى أصطاد الحقيقة كاملة حتى أصل الى روحى التائهة فى الملكوت الريبة التى واجهتنى بها والصرخة التى أفزعتنى منها والنظرة القاتلة فى مقهى الحديقة والصورة الفوتوغرافية التى فى حقيبتها والابتسامة الخادعة حين تركتنى والخطوة السريعة الهاربة كلها أشباح تظهر فى منامى فى عرض لا ينتهى