بعد التطورات التي شهدتها الساحة السياسية المصرية خلال اليومين الماضيين ومع بدء الحوار، في محاولة لاجتياز الخلافات، قام الكتاب العرب في مقالاتهم الصادرة اليوم الأحد، بتحليل موجز للأسباب الحقيقة التي حركت الأزمة من وجهة نظرهم، وهذا ما سنراه بعرضنا لعدد من المقالات . وسنبدأ بعرض جزء من مقالة "مصر: خطأ "الإخوان"، للكاتب عبد الله اسكندر بجريدة "الحياة" اللندنية، حيث تمحورت المقالة حول الحوار، وكيف كان للاخوان اليد العليا في تحريك هذه الأزمة – على حسب وجهة نظر الكاتب.
وظيفة الحوار
وبتعريف الحوار بدأ الكاتب قائلا: "وظيفة الحوار، بين طرفين أو أكثر، هي البحث في قضايا خلافية بينهما وربما التوصل الى تفاهم واتفاق حولها، لكن ان يقرر طرف واحد في القضايا الخلافية ثم يدعو الآخرين الى الحوار، فإن ذلك يعني وضع هؤلاء أمام الأمر الواقع في أحسن الأحوال أو الاستهزاء بهم في أسوئها، وهذا ما فعله الرئيس محمد مرسي مع القوى المعارضة لإعلانه الدستوري وإخراجه لمشروع الدستور من الجمعية التأسيسية المختلف عليها أصلاً ومن ثم الاستفتاء".
وأضاف الكاتب قائلا: "مع رفض القوى المعارضة الفاعلة في البلاد للحوار الذي دعا إليه مرسي يوم أمس، جرى اعتماد صيغة الحوار بمن حضر من القوى الحليفة لجماعة "الاخوان" أو الهامشية الساعية إلى دور ما في ظلها".
ورأى الكاتب أن ما جاء وليس صدفة ان يكون هذا السيناريو الذي صدر عن الرئاسة جرى إعداده في مطبخ الجماعة، بحسب معلومات تسربت من محيط القصر، بعدما شعر "الاخوان" ان اجتماعات سابقة في الرئاسة توصلت الى صيغ كان يمكن ان تلبي مطالب أساسية للمعارضة ويمكن ان توفر مخرجاً مشرفاً لمأزق الإعلان الدستوري".
وأكد الكاتب : "وينطوي هذا السلوك على جملة رسائل موجهة الى القوى المدنية المعارضة، من دون أي اعتبار لما يمكن ان يؤدي اليه من تصعيد في الشارع ورفع وتيرة العنف الذي شاهدناه بعد الاعلان الدستوري".
الفوز الرئاسي وأضاف الكاتب: "في مقدمة هذه الرسائل ان الجماعة استحوذت على الفوز الرئاسي الذي حققه مرسي في الظروف المعلومة، خصوصاً لجهة استقطابه لأصوات كثيرة اقترعت ضد منافسه أحمد شفيق اكثر من كونها اقترعت له تأييداً. وباتت تعطي لنفسها الحق في ممارسة الحكم، عبر الرئيس الذي ما زال عضواً فيها ومؤتمراً بأوامر مرشدها. ما يجعل ادارة الحكم متطابقة مع نظرة الجماعة اليه، وما يجعلها تستأثر بقرار المؤسسات الدستورية وتخضعها لأهدافها".
وأوضح اسكندر قائلا: "وبالارتباط مع هذه النظرة الى الحكم، تغدو المعارضة في نظر الجماعة زمراً من البلطجية والفلول والمارقين والعملاء في احتقار واضح وعميق للحركة الشعبية المعارضة التي ملأت الساحات في كل المدن المصرية، وفي ازدراء لمطالبها الحالية ولحركتها السابقة ودورها في إنهاء النظام السابق. وتتعامل الجماعة مع هذه الهبّة الشعبية بوصفها من عمل الاعداء وينبغي على الحكم عدم التساهل معها من جهة ورفض طروحاتها ومطالبها من جهة ثانية. وبذلك تشطر عمداً الشعب المصري بين فئة الأخيار من أنصارها ومؤيديها وفئة الأشرار التي تضم بقية الشعب. مع ما في هذه النظرة من انتقائية وفوقية".
ولفت الكاتب قائلا: "ما دفع الجماعة لأنصارها في مواجهة التظاهرات المعارضة إلا التعبير عن هذا التشطير الذي تريده الجماعة. وكذلك التعبير عن انها لن تتردد في الدفع الى العنف الاهلي وانزال هزيمة بالمعارضة في الشارع، بعدما استحوذت على الحكم. أي انها تسعى الى اخضاع المعارضة الشعبية، ولو بالقوة، بعدما اعتبرت انها هي الحاكمة".
وفي ختام المقال أكد الكاتب قائلا: "كان يمكن للأمور أن تستتب بسرعة للجماعة، ومن دون أكلاف باهظة، في ظل ظروف مغايرة لتلك التي تسود في مصر حالياً، وربما هنا يكمن خطأها الكبير، ف "الاخوان"، في نظرتهم الى أنفسهم، كقابضين على الحقيقة وحدهم من دون غيرهم وكاصحاب حق مطلق، وما يستتبع ذلك من نظرة استعلائية الى الآخرين، لم ينتبهوا الى ان معارضيهم اليوم هم الذين أنهوا الحكم السابق بكل قوته وجبروته وواجهوا بطشه ورصاص جنوده ولم يتراجعوا، ما يضاعف قوتهم وعزمهم على مواجهة المشروع "الإخواني"".
وحول موقف أحد المعارضين، توقف الكاتب عبد الرحمن الراشد في مقاله اليومي بجريدة "الشرق الأوسط" اللندنية، عند الدكتور عبد المنعم ابو الفتوح، وتحت عنوان "أبو الفتوح ومرسي وديكتاتورية الأغلبية" كانت مقالته الصادرة صباح اليوم الأحد.
وبدأ الكاتب مقاله بنبذه عن أبو الفتوح وعن موقفه، فقال: "عبد المنعم أبو الفتوح إسلامي، وإخواني، وزعيم سياسي كبير في مصر، لم يخشَ أن يقول كلمته، كلمة حق في اللحظات الصعبة في مصر اليوم، فقال: "إنه ضد إسقاط الرئيس محمد مرسي لأنه جاء بالأغلبية"، لكن في الوقت نفسه ضد استبداد الرئيس حتى ولو كان هو أبو بكر الصديق، مضيفًا أنه لن يحمي الرئيس غير الشعب المصري الذي انتخبه".
صراع سياسي
وأضاف الكاتب ما قاله ابو الفتوح: "قال أيضا إن قصر الرئاسة ملك للشعب وليس ملكا لأحد، لا الرئيس ولا جماعة الإخوان، مطالبًا الرئيس مرسي أن يكون رئيس كل المصريين، لأنهم هم الذين أتوا به وبفضلهم يجلس الآن على كرسي الرئاسة، وهناك إسلاميون آخرون أيضا ضد مرسي في الأزمة الحالية، وبالتالي فالمسألة ليست بين إسلاميين وغيرهم بل صراع سياسي".
وحول المشهد الحالي للأزمة المصرية قال الراشد: "ورغم أن النزاع على قضايا أساسية، مثل الدستور والقضاء، فإنها خلافات قابلة للحل بتعديل بعض فقرات الدستور وإلغاء الإعلان الرئاسي الذي قال مرسي إنه مستعد لإلغائه، وسبب الفشل في التصالح إما لأن الرئاسة أو قوى المعارضة لا تريد الحل، وإما أنها لا تملك مهارات إدارة النزاع، أو ربما العلة في ضعف التواصل بين المعسكرين، إضافة إلى وجود أزمة ثقة بين الجانبين، كل يدعي أن الآخر يريد أن يتعشى به".
مرسي و"الاخوان"
وأضاف الكاتب قائلا: "يبدو أن مشكلة الرئيس مرسي الحقيقية ليست قوى المعارضة بل حزبه الذي ينتمي إليه، حزب الإخوان الذي يتضح مع الوقت أنه من يدير الرئاسة ويتدخل في قراراتها، وأمس عمّق الأزمة مرشد الإخوان الذي زعم أن هناك مؤامرة داخلية وخارجية ضدهم، في أسلوب قديم للهروب من الأزمة الحقيقية، وواضح أيضا أن مرسي أدرك متأخرا أن جماعته ورطته في الإعلان الرئاسي المنسوب إليه، لأنه غير قانوني ويتناقض تماما مع ركنين أساسيين حلف اليمين على احترامهما؛ فصل السلطات والمحاسبة! فقد جمع سلطة البرلمان والرئاسة وأراد ضم القضاء، ثم أعلن أن قراراته لها صفة العصمة، لا تنقض ولا يحاسب عليها ما تأخر منها وما تقدم!".
وأكد الكاتب: "والأرجح أنه أدرك حجم الخطأ الرهيب الذي ارتكبه بعد أن فاضت الميادين بالمحتجين ضده، وأراد التراجع، معلنا استعداده لإلغاء ما فعله، أي الإعلان الرئاسي مقابل إقرار الدستور خلال شهرين، إنما في عجلة من أمره، محاولا إصلاح الخطأ، ارتكب خطأ آخر، طبخ الدستور في يومين لا شهرين حتى يتخلص من الإعلان الرئاسي. كيف له أن يستهين بالمهمة؟ الدستور عقد زواج مدى الحياة لا يعقل فرضه كيفما كان على قوى المجتمع، فالمفترض أنه المرجع الشرعي والضامن لحقوق الجميع من أقباط وإسلاميين وقوى سياسية، سواء أغلبية أو أقلية".
وحول مفهوم الأغلبية، أوضح الكاتب قائلا: "مفهوم الأغلبية نفسه يساء تفسيره، كما نرى في مصر وتونس وغيرهما، من حق الأغلبية إدارة الحكومة إذا فازت، لكنها لا تفرض أحكامها على الجميع، وهناك فارق شاسع بين الحكم والحكومة، فالأغلبية البيضاء في بريطانيا أو ألمانيا أو الولاياتالمتحدة لا تستطيع أن تعيد الرق، ولا أن تحرم النساء من نفس الحقوق التي عند الرجال، ولا الأغلبية المسيحية تفرض قوانينها الدينية على الأقلية اليهودية أو المسلمة.
وأضاف الراشد: "تستطيع الأغلبية إدارة الشئون العامة المتغيرة وفق أنظمة ثابتة، والدستور هو الأمر الثابت الذي يفترض أنه يمنح الجميع نفس الحقوق. وهنا الفارق بين الجماعات الفاشية والديمقراطية، الأغلبية تدير شئون الدولة في إطار نظام يقوم على توازن سلطات، ووفق نواميس تحمي الأقليات وكل القوى التي يتشكل منها المجتمع".
إنحدار الأزمة المصرية
وبالوقوف عند الأزمة وما ستشهده، قال الكاتب: "الأزمة المصرية تنحدر بشكل سريع وخطير، رغم أن الفوارق بين الرئاسة والمعارضة ليست كبيرة، سواء في البنود المختلف عليها دستوريا أو في ممارسات الرئيس، كلها قابلة للتصويب والحلول الوسط، لكن - كما ترون - النفوس مليئة، والشكوك كبيرة حول النوايا، وهنا يأتي دور رجال فاعلين مثل أبو الفتوح للتوسط بين الجانبين لتصويب قرارات الرئيس".
ومن تحليل الأزمة من وجهة نظر الراشد، إلى رؤية الكاتب السعودي خالد الدخيل عن الاشكالية المستعصية بمصر في مقاله اليومي بجريدة "الحياة" اللندنية تحت عنوان "الدين والدولة في مصر ... الإشكالية المستعصية"، حيث عرض الطريقة المتبعة الآن في كسب الشارع وما سيئول إليه ذلك، وقد اتخذ الأزمة المصرية والتونسية كمثال في مقاله.
فقال مع بداية مقاله: "كانت هناك عناصر ثلاثة صعدت بالصحوة إلى أن أصبحت قوة سياسية يتبعها الشارع وتخشى منها الدول العربية، هذه العناصر هي قضية الدين والدولة، وكسب الشارع واستتباعه على أساس من هذه القضية، وأخيراً إتقان دور المعارضة، وكانت هذه حال العلاقة بين الدولة وتنظيمات الإسلام السياسي على مدى أكثر من أربعة عقود مضت، ثم جاءت ثورات الربيع العربي، وجاءت معها بنتائج سياسية كبيرة لصالح هذه التنظيمات، وتحديداً وفق الترتيب في مصر وتونس والمغرب، ففي مصر فاز الإخوان المسلمون في الانتخابات البرلمانية والرئاسية، وفي تونس فازوا بالأغلبية في البرلمان، وبالتالي برئاسة الحكومة، وكذلك في المغرب، والسبب وراء ذلك بسيط ومنطقي. عندما انفجرت الثورات كان الإسلام السياسي يملك في هذه البلدان أقوى التنظيمات من بين قوى المعارضة، ويتمتع من بينها بأكبر قاعدة شعبية".
مأزق سياسي وفي تعجب من الكاتب من سرعة المأزق السياسي الواقع الآن قال: "لكن الغريب أنه وبسرعة لافتة، دخل الإخوان المسلمون في مصر في مأزق سياسي مع المجتمع، هناك أزمة مشابهة تواجهها جماعة "النهضة" في تونس وإن بحجم أقل حتى الآن، وأخطر ما تواجهه هذه التنظيمات أن تسلمها للحكم لم يغير من العملية السياسية كثيراً، والأخطر من ذلك أن الشارع الذي كان يبدو خلفها قبل الثورة، أصبح منقسماً حيالها بعد الثورة، وبخاصة في مصر، وهذا مؤشر على انحسار سريع ومفاجئ لتيار الصحوة، لم يكن أحد يتصور أن تخرج مئات الآلاف إلى شوارع المدن، وتعتصم في الميادين، احتجاجاً على أول إشارة من الرئيس محمد مرسي بأنه قد يفكر بالاستحواذ على كل سلطات الدولة. في مصر بخاصة، هناك صراع حاد ومستحكم بين الإخوان وخصومهم، لكن يبدو أن هذا ليس أكثر من واجهة المشهد".
ولفت الكاتب قائلا: "يوحي مشهد الأزمة بشيء مضمر لم يخرج إلى السطح بعد. الصراع في جانب منه على السلطة: الإخوان المسلمون ومعهم السلفيون من ناحية، وما اصطلح على تسميتهم بالقوى المدنية من ناحية أخرى. هذا هو الواضح على السطح، لكن هناك جانباً آخر أعمق وأكثر أهمية بالنسبة للطرفين، وبالنسبة للمجتمع والثورة معاً، وهو الجانب الأيديولوجي، ولأنه كذلك فهو غير معلن. يتعلق هذا الجانب بالموقف الفلسفي المؤسس من الدولة، وتحديداً بمسألة العلاقة بين الدين ودولة تنشد أن تكون ديمقراطية".
ووجه الكاتب تساؤلا وصفه بالمركزي قائلا: "السؤال المركزي في هذا يقول: هل يمكن أن تكون الدولة ديمقراطية وهي على علاقة ما بالدين، وأن يكون هذا الدين عنصراً رئيساً، إن لم يكن حاكماً لرؤية الدولة السياسية والتشريعية؟ الإشكالية هنا ليست في الدين بذاته، ولا في الدولة بذاتها، وإنما في اجتماعهما معاً على صعيد واحد، وهو الصعيد السياسي والتشريعي للمجتمع، حيث ينبغي لهما أن يجتمعا بالنسبة لطرف، ولا ينبغي لهما أن يجتمعا بالنسبة لطرف آخر".
الاسلاميين والمدنيين
وأوضح الكاتب قائلا: "موقف الطرف الإسلامي - "الإخوان" والسلفيين - معروف من هذه المسألة ومعلن، لكن مع اختلافات وتفاصيل لم تعد معلنة، الإخوان هم الأقرب إلى قبول مبدأ التعددية وشكل من أشكال الديموقراطية من السلف. لكن حتى السلف بمشاركتهم في الانتخابات يكون موقفهم قد تزحزح عن بعض من ثوابته القديمة، أمر لافت في هذا السياق قبول السلف بمادة في الدستور الجديد الذي صادقت عليه الجمعية التأسيسية تنص على أن الشعب هو مصدر السلطات. لكن هناك مواد أخرى تضع قيوداً واشتراطات كثيرة على مثل هذه المادة وغيرها. ما يجمع "الإخوان" و"السلف" أن الشريعة هي مرجعية الديموقراطية، والأزهر هو المرجع في ذلك وفق هذا الدستور.
وحول القوى المدنية قال الكاتب: "القوى المدنية أكثر انقساماً حيال هذه المسألة، وهذا طبيعي، لأنها تتكون من تنظيمات وتيارات مختلفة في مشاربها وتوجهاتها الفكرية والسياسية، وبالتالي في مصالحها، وهي تتكون إلى جانب ذلك من مسلمين وأقباط "مسيحيين"، مع غلبة لحجم المسلمين بينهم. مواقف المسلمين والمسيحيين ليست دائماً متجانسة مع مسألة الدين والدولة من حيث المبدأ".
وأضاف الكاتب: "هناك من بين هذه القوى من يرى ضرورة فصل الدين عن الدولة، لأنه من دون هذا الفصل لا يمكن التوصل إلى نظام ديموقراطي يحيد الدولة في موضوع الاختلافات العقدية، وبالتالي يحفظ الحقوق الإنسانية والسياسية لجميع المواطنين. السؤال ما هو حجم هؤلاء؟ هل هم الأغلبية؟ أم الأقلية من بين القوى المدنية، وليس من بين القوى السياسية في المشهد السياسي المصري العام؟".
واسترسل الكاتب عدد من وجهات نظر عدد من القوى حول مبدأ فصل الدين عن الدولة، حتى ختم الكاتب مقاله قائلا أو بمعنى أدق محذراً: "استعصاء الأزمة على حل وسط قد يدفع بالمشهد إلى مواجهة الإشكالية الحقيقية للثورة، لكن القوى التي تمسك بزمام المشهد ليست قوى ثورية، ومصلحتها في عدم الوصول إلى نقطة المواجهة، وبالتالي إمكان التوصل إلى حل وسط، وهذا يفضي إلى دوامة الحلول الوسط. المفارقة أنه من دون حل وسط سيكون هناك صدام أهلي، ثم تدخل الجيش، فالعودة للمربع الأول. هناك أزمات تتطلب حلولاً وسطية، لكن هناك أزمات لا مخرج منها إلا بمواجهة طبيعتها مباشرة وتقدير متطلباتها، وبالتالي حسمها. الحلول الوسط في مثل هذا النوع ليست حلولاً وإنما تأجيلٌ لما هو أسوأ .. ".
ومن هذا وذاك، توجه قلم الكاتب أحمد عثمان في مقاله بجريدة "الشرق الأوسط" اللندنية إلى لجوء الشعب إلى قصر الرئاسة، فتحت عنوان "بعد إغلاق القضاء.. الشعب يلجأ إلى قصر الرئاسة" كان محور المقال.
رمزية القضاء فبدأ الكاتب مقاله بعرض موجز لماهية القضاء ورمزيته بالنسبة لكيان الدولة، فقال: "منذ قيام الدولة المصرية قبل أكثر من خمسة آلاف عام مضت، كانت العدالة - التي سماها المصريون ماعات - هي الأساس الذي بنيت عليه دولتهم. وقبل نحو ألفي عام من نزول الوصايا العشر على النبي موسى في سيناء، كان الفرعون الحاكم في مصر يواجه 42 قاضيا في قاعة أوزوريس، ليقسم أمام ميزان العدالة أنه لم يقتل ولم يسرق ولم يكذب ولم يظلم أحدا من المصريين، وظلت قدسية العدالة واحترام القضاء تحمي الاستقرار في مصر على مدى العصور والأزمان. وفي 22 نوفمبر / تشرين الثاني 2012 أصدر الرئيس محمد مرسي إعلانا يمنع القضاء من النظر في تصرفاته هو، كما يمنع المحاكم من الحكم في القضايا المعروضة عليها بشأن لجنة الدستور ومجلس الشورى".
ومن تعبير موجز عن الأزمة قال الكاتب: "وتنفيذا لقرارات الرئيس، قامت جماعات الإسلام السياسي بتهديد القضاة ومنعهم من الدخول إلى مقر محكمتهم الدستورية حتى لا ينظروا في قضاياهم، عندئذ سقط ميزان العدالة وانهارت هيبة القضاة، وخرج شعب مصر غاضبا إلى قصر الرئاسة يبحث عن ماعات وحكم القانون".
وأضاف الكاتب قائلا: "يقول الرئيس إن الهدف من إصدار قراراته هو تأمين مؤسسات الدولة التي يهدد القضاء بإسقاطها، ويقول الثوار إن حماية المؤسسات غير الشرعية يسقط ميزان العدالة. يقول الرئيس إن من يريد الاعتراض على قراراته عليه أن يقبل الاستفتاء على الدستور ليعلن اعتراضه، ويقول الثوار إنهم لم يعودوا يثقون في نتيجة الاستفتاء - بعيدا عن ميزان العدالة ورقابة القضاء؛ فبينما أعلنت الحكومة أن القضاة سيقومون بالإشراف على عملية الاستفتاء على الدستور، قال نادي القضاة إن 226 قاضيا هم الذين وافقوا على المشاركة في هذه العملية، بينما امتنع 2039. وفي غياب القضاء الذي يحكم بين الطرفين، وصل الوضع في مصر إلى طريق مسدود، فالرئيس مصمم على قراراته، والشعب مصمم على رفض هذه القرارات".
الثوار بقصر الرئاسة
وأوضح الكاتب قائلا: "عندما لم يفلح اعتصامهم في ميدان التحرير في تغيير إصرار الرئيس مرسي وجماعات الإسلام السياسي على تجاهل مطالبهم بإسقاط الإعلان الدستوري وحل جمعية الدستور، قرر الثوار التوجه إلى قصر الرئاسة والاعتصام أمامه. ولم تفلح الأسلاك الشائكة والشرطة في منع مئات الآلاف من الشباب من الوصول إلى قصر الاتحادية في مليونية "الإنذار الأخير"، وعادت هتافات الثورة تطالب الرئيس بالرحيل، واضطر مرسي إلى مغادرة القصر الجمهوري إلى منزله في التجمع الخامس".
وأضاف عثمان: "مع هذا فقد قام الثوار بنصب خيام الاعتصام أمام قصر الرئيس بمصر الجديدة، حتى تتم الاستجابة لمطالب الجماهير بإلغاء الإعلان الدستوري وإيقاف الاستفتاء على الدستور. وهددت القوى السياسية بالتصعيد في حال عدم استجابة الرئيس لمطالب الشعب، والدعوة إلى عصيان مدني قبل موعد الاستفتاء على الدستور في 15 ديسمبر / كانون الأول". مواد متعلقة: 1. كتاب عرب: التفاوض مع طهران لا يصب في مصلحة الخليج ..ومساعي لتقسيم العراق 2. كتاب عرب: الأسد مشروع انتحاري و"الماكينة الإخوانية" تسعى للاستئثار بالحكم 3. كتاب مصريون: موقعة "الجمل" فصل صغير من "الاتحادية" وهناك معركة على الحدود