يمر السودان بالعديد من الاضطرابات، كان آخرها اعلان السلطات السودانية اليوم الخميس عن إفشال مخطط لانقلاب عسكري على الرئيس عمر البشير، قام الأمن السوداني على اثره باعتقال عدد من يشتبه بتورطهم في المحاولة الانقلابية .
وهناك تساؤلا يفرض نفسه على الساحة السودانية، هل السودان فر من الانقلاب .. وهذه المحاولة تم وأدها بالفعل؟ أم أن هناك بوادر أزمة جديدة بدأت خطاها؟.
احباط المخطط
وذكر المركز السوداني للخدمات الصحفية، القريب من الأجهزة الأمنية، أن أجهزة الأمن والمخابرات السودانية "أحبطت فجر اليوم الخميس، مؤامرة تستهدف أمن الدولة"، مضيفا أن هذه المؤامرة هي بقيادة مسئولين في أحزاب المعارضة.
وبعد ساعات قليلة من إعلان السلطات أنها أحبطت "مؤامرة" استهدفت أمن البلاد، تم اعتقال الفريق صلاح قوش الرئيس السابق لجهاز الأمن والمخابرات، لاتهامه بالمشاركة في المحاولة الانقلابية على الرئيس.
وأضاف المركز أن الأجهزة الأمنية ظلت تتابع حلقات المخطط التخريبي الساعي إلى زعزعة الاستقرار والأمن بالبلاد، مضيفا أن الجهات المختصة بدأت مباشرة الإجراءات الأمنية والتحقيقات مع شخصيات مدنية وعسكرية ذات صلة بالمخطط بعد القاء القبض عليهم.
ومن جهة أخرى، قال شهود عيان: "إنهم شاهدوا دبابات وناقلات جند تجوب العاصمة السودانية الخرطوم".
الحركة الاسلامية والانقلاب
وجاءت هذه المحاولة الانقلابية بعد أيام من ختام فعاليات مؤتمر الحركات الإسلامية في السودان والذي لاقت نتائجه العديد من التحفظات من جانب بعض أجنحة الحركة الإسلامية بالسودان والتي وصفتها بأنها "مخالفة لمسار الحركة الإسلامية".
وكان مصدر عسكري سوداني قال: "إن المحاولة الانقلابية التي أحبطتها السلطات، فجر الخميس، قامت بها مجموعة من القيادات العسكرية البارزة المحسوبة على الحركة الإسلامية في البلاد، التي ينتمي إليها الرئيس عمر البشير نفسه".
وبحسب ما ورد بوكالة "الأناضول" للأنباء، أضاف المصدر الذي رفض ذكر اسمه لحساسية منصبه، أن أشهر هذه القيادات العميد محمد إبراهيم عبدالجليل الشهير بإبراهيم ود والذي شارك بفاعلية في حرب الجنوب وتحرير مدينة "أبيي" النفطية، مشيرًا إلى أن من بين المعتقلين العقيد فتح الرحيم وعدد كبير من القيادات العسكرية المحسوبة على الحركة الإسلامية.
ولفت المصدر، إلى وجود حالة تذمر عام في صفوف الجيش السوداني وميليشيات الدفاع الشعبي الموالية للحكومة، التي لعبت دورًا بارزًا في حرب الجنوب، إزاء خطوة اعتقال القيادات العسكرية.
دعوات اسقاط البشير
وبدأت الدعوة بشكل قوي لاسقاط نظام البشير، حينما شنت الحركة الشعبية في شمال السودان هجوماً عنيفاً على مؤتمر الحركة الاسلامية الذي اختتم في الخرطوم السبت الماضي، واعتبرته بانه عمق تبعية النظام الحاكم للتحالفات الاقليمية والدولية للحركة الاسلامية الدولية في ما اسمته باستباحة ارض السودان في مشاريع تهدد الامن القومي للبلاد .
ودعت الحركة شباب الحركة الاسلامية الذين يرغبون في التغيير دفع ثمنه والانضمام الى اسقاط نظام البشير، في وقت اتهمت الحركة والي جنوب كردفان احمد هارون بشن حملة ابادة جديدة ضد المدنيين باطلاقه ما اسماه بحملة الصيف ضد مقاتلي الجيش الشعبي في جبال النوبة.
كما دعت الحركة في الوقت ذاته، قوى المجتمع المدني الضغط على الحكومة لاعلان السودان منطقة كوراث بسبب الحمى الصفراء في دارفور.
وقال ياسر عرمان الامين العام للحركة الشعبية: "إن مؤتمر الاسلاميين لم يناقش اي قضية تهم الشعب السوداني، وإن المتعاركين هم مجموعات مصالح يرى بعضهم انه الافضل في تثبيت اركان النظام وان الطاقم الحاكم الحالي اصبح عبئاً على مستقبل النظام".
وأكد عرمان أن مؤتمر الحركة الاسلامية قد جسد بحق انسداد افق الاصلاح وانعدام البصيرة، واضاف ان النظام الذي لا يسمح بمشاركة بطانته في السلطة فمن باب اولى الا يسمح للمتطفلين على سلطته القادمين من خارج الحدود.
البشير والتاريخ
وبالعودة إلى تاريخ الانقلابات، فنجد أن الرئيس عمر البشير تولى السلطة في انقلاب عسكري في 1989 واطاح بالحكومة المنتخبة ديمقراطيا ونصب مكانها نظاما اسلاميا.
وصدرت بحقه منذ 2009 مذكرة توقيف عن المحكمة الجنائية الدولية التي تتهمه بارتكاب إبادة وجرائم ضد الانسانية وجرائم حرب في دارفور، المنطقة في غرب البلاد التي تشهد حربا اهلية منذ 2003.
وكان قد ذكر محلل سوداني معارض للبشير أن الكثير من الناس يقولون ان 23 عاما في الحكم، طويلة ويتساءلون حول الفارق بين البشير ومبارك والاسد" في إشارة إلى الرئيس المصري السابق حسني مبارك الذي اطيح به من السلطة في شباط/فبراير 2011 بضغط الشارع والرئيس السوري بشار الاسد الذي يواجه حركة احتجاج شعبية منذ اذار/مارس 2011.