نظرا لما تشهده أرض سيناء هذه الأيام من أعمال عنف مختلفة وما تشهده أيضا من تضارب في الأنباء حول الوضع الأمني داخل أرضنا الحبيبة التي ضحى الآلاف بأرواحهم لاستعادتها ، يبقى الوضع يحيطه الكثير من الغموض ، وتتتابع الأحداث وردود الأفعال التي تعبر عن القلق مما يدور في سيناء حالياً . وأثارت أحداث سيناء جدل كبير في الشارع المصري ونشرت الشكوك حول ماذا يحدث في سيناء ؟.
وشبه جزيرة سيناء أو "أرض الفيروز" كما يحلو لكثيرين تسميتها ، هي الموقع الإستراتيجي لمصر، ومفتاحها في قلب العالم بقاراته وحضاراته، وهي أيضا محور الاتصال بين أفريقيا وآسيا وبين المشرق والمغرب ، ولموقعها الاستراتيجي هذا فإنها مستهدفة من قديم الأزل.
منطقة عسكرية
ومن الأنباء الغير صحيحة التي انتشرت حول الوضع الأمني في سيناء تحويلها إلى منطقة عسكرية ، ولكن القوات المسلحة نفت ذلك رسميا .
فقد نفى العقيد أركان حرب احمد محمد على المتحدث العسكري الرسمي ما تناولته بعض المواقع الإخبارية غير الرسمية ووكالات أنباء أجنبية عن إعلان سيناء منطقة عسكرية، ومعلومات أخرى عن فرض الجيش حظر التجول بشمال سيناء.
وأكد المتحدث أن هذه المعلومات مغلوطة وبعيدة تماماً عن الصحة ، وأن هذه المعلومات تأتى في إطار استغلال البعض للإجراءات الأمنية المشددة التي اتخذتها وزارة الداخلية في أعقاب حادث استشهاد ثلاثة من رجال الشرطة، وإصابة آخر بمدينة العريش ، بالتزامن مع حوادث قطع الطرق من قبل بعض مواطني شمال سيناء للمطالبة بإسقاط الأحكام المدنية الصادرة ضد عدد منهم ..بحسب ما ذكرت وكالة أنباء الشرق الأوسط.
وقال أن الحالة الأمنية في شمال سيناء الآن في صورتها الطبيعية وتعمل الشرطة بكامل طاقتها بالتعاون مع رجال القوات المسلحة بكل إصرار للحفاظ على أمن وسيادة الدولة على بقعة غالية من أراضيها مشيرا إلى أن زيارة السيد القائد العام للقوات المسلحة وزير الدفاع والإنتاج الحربي والسيد وزير الداخلية اليوم خير دليل على ذلك .
وطمأن العقيد احمد على أبناء مصر على سيناء " الأمانة " ، وناشد الجميع وحدة الصف والثقة في الجهود التي تقوم بها القوات المسلحة والشرطة في سيناء ، ودعم أبناء القوات المسلحة والشرطة الذين يقومون بمهمة وطنية بسيناء لدعم الأمن والحفاظ على سيناء وسيادة الدولة على أراضيها .
القصاص العاجل
هذا وطالبت الجماعة السلفية الجهادية بسيناء في بيان لها القصاص العاجل لدماء المسلمين التي تراق في سيناء وطالبت بمحاسبة من يقف وراءهم من مسئولين ومحرضين.
وجاء في البيان: "تابع كل غيور على هذه البلاد- ببالغ الأسى والقلق الأحداث الأخيرة التي حدثت في سيناء العزيزة والتي تعصف بأي حالة من الاستقرار تظهر في هذه البقعة العزيزة والحساسة من أرض مصر والعالم الإسلامي، حيث تفاجأ الجميع بالممارسات العنيفة الدموية المتتالية- فهي ليست الأولي من نوعها - من قوات الشرطة والتي تمثلت في قتل أربعة من أبناء سيناء في حادثتين متفرقتين وفي ظروف لا تستدعي أبداً استخدام القوة والسلاح الناري الذي يُشترى من أموال الشعب من أجل حمايتهم لا لانتهاك حرماتهم وسفك دمائهم بلا جريرة ولا ذنب".
وأضاف البيان: ففي الحادثة الأولى سيارة أجرة "تاكسي" تهرب من الكمين وهذا حادث اعتيادي في أي كمين لفقدان السائق لرخصة القيادة أو عدم إتمام أوراق السيارة أو أي سبب آخر - وهذا خطأ ولا شك - ولكن ما الخطر الذي يمثله ذلك على أفراد الشرطة في الكمين ليطلق الضابط الرصاص المباشر على رأس السائق فيقتله ويصيب الراكب بجواره بطلقتين في الظهر توفي على إثرهما لاحقًا، ثم ماذا بعد ذلك؟ يكافأ القاتل بنقله إلي محافظة القاهرة".
والحادثة الثانية يطلق الضابط الرصاص على سائق سيارة نصف نقل فيقتل السائق ومرافقه أيضاً ولا ينتهي التعدي عند ذلك بل تجر الجثة من السيارة بطريقة غير آدمية، ماذا يحدث ؟ ولماذا كل هذا؟ ثم ماذا بعد ذلك؟ يستمر مسلسل البراءات للقتلة".
وأشار البيان إلي أن "تلك الحوادث أدت إلي حالة غليان غير مسبوقة في الشارع وطلب المحاكمة والقصاص، وقابل تلك المطالب المشروعة التجاهل من الأجهزة المعنية مما زاد من حالة الغضب وأدى لحادث استهداف دورية الشرطة ومقتل أفراد منها، تبع ذلك حملة إعلامية تصور الأمر على أنه انفلات أمني واستهداف للشرطة في سيناء، واتهم البعض الجماعات الجهادية في سيناء - رغم أننا أعلنا من قبل أنه ليس من أهدافنا استهداف الجيش والشرطة وأن سلاحنا موجه لأعدائنا وأعداء أمتنا اليهود - كل هذا لتحويل دفة الأمر من جرائم ارتكبتها الشرطة وتجاهل من الأجهزة المعنية من وزارة الداخلية ورئاسة الجمهورية ورد فعل المظلومين من المواطنين، تحويل هذه الحقيقة إلى أنها أعمال عنف وتعدٍ على الشرطة".
وطالبت الجماعة في بيانها الذي نشرته في صفحتها بموقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" بعد منتصف ليل أمس الاثنين بالقصاص العاجل ممن تجرأ على إراقة دماء المسلمين بلا ذنب، ومحاسبة من يقف ورائهم من مسئولين ومحرضين".
أحداث مدبرة
وأكدت الجماعة أن هذه الأحداث "ليست عفوية بل هي أحداث مدبرة، تدبرها أجهزة تريد أن تعيد سيطرتها وسابق بطشها وجورها، تريد أن تعطي لنفسها مبرراً أمام الرأي العام لتعود لسابق ممارساتها القمعية فتصطنع أحداث تظهر أمام الرأي العام على أنها انفلات وتعدٍ على الشرطة والجيش فيكون تدخلها وانتهاكها لحقوق وكرامة المواطنين مبرراً بل مطلوباً من المغيبين غير المدركين لحقائق الأمور".
وربطت الجماعة بين ما يجري في سيناء وما يحدث في الداخل المصري، مشيرة إلي أن "هذه الأحداث ليست بمعزل عن الأحداث في سائر مناطق مصرنا العزيزة، بل هي حلقة واحدة وسلسلة متصلة من الممارسات تهدف إلى ما سبق ذكره من إعادة سيطرة أجهزة الظلم والجور من مخابرات وأمن الدولة وبطش الشرطة، حيث افتعال أحداث وتهويلها ومتابعة ذلك بحملات إعلامية لصنع حالة من الذعر لدى المواطنين تبرر انتهاكات تلك الأجهزة".
وفي الختام كررت الجماعة أن مشكلة أهل سيناء في "التجاهل والتهميش وعدم توفير احتياجاتهم الأساسية من وظائف وفرص عمل وخدمات أساسية لا يستغني عنها إنسان من مياه وغاز ووقود وخلافه، وكذا الظلم الواقع على أبنائها والتي تصل لأحكام الإعدام بالجملة بلا أدلة ولا إثبات جرم، ويضاف على ذلك أعداء الداخل الذين يريدون إرجاع الظلم والطغيان مرة أخري".
وتوعدت الجماعة عدو الخارج من اليهود حيث جاء في ختام البيان "أبناؤكم المجاهدين بفضل الله له بالمرصاد يقطعون أوصاله ويفسدون مؤامراته ويدمرون أحلامه".
إقالة مدير الأمن
ونظرا لعدم سيطرة اللواء احمد بكر مدير امن شمال سيناء على الوضع هناك فقد تم إقالته وتعيين اللواء سميح احمد بشادي نائبه مديرا لأمن شمال سيناء، وذلك بعد مصرع ثلاثة أمناء شرطة وإصابة اخر في هجوم مسلح على سيارة نجدة للشرطة في العريش من مسلحين.
جاء ذلك بعد انسحاب أمناء وأفراد الشرطة بالمحافظة من اجتماع مع اللواء احمد جمال الدين وزير الداخلية بمقر مديرية الأمن، وهتفوا ضده "ارحل.. ارحل".
والتقى الفريق أول عبد الفتاح السيسى وزير الدفاع، اللواء عبد الفتاح حرحور محافظ شمال سيناء .
وتشهد سيناء حالياً حالة من الانتشار المكثف لقوات الجيش في جميع الأماكن الحيوية، بالتزامن مع رفع حالة التأهب للسيطرة علي التدهور الأمني فيها، حيث شوهد انتشار واسع لقوات من الجيش المدعومة بالدبابات والمصفحات والمجنزرات في جميع الأماكن الحيوية.
يأتي ذلك مصحوبا باستلام قوات الجيش أيضا لجميع المقرات الأمنية الشرطية من أقسام للشرطة وإدارات للمرور والسياحة ومحكمة شمال سيناء ومديرية أمن شمال سيناء، وكذلك فرض طوق أمنى كبير بالدبابات والمصفحات حول مبنى ديوان محافظة شمال سيناء في العريش العاصمة.
كما تشهد الحدود المصرية - الإسرائيلية ، حسب روايات شهود عيان ، تعزيزات أمنية مصرية مكثفة وحالة من الاستنفار لحرس الحدود المصري على طول الحدود مع إسرائيل، وهناك عمليات تمشيط واسعة تقوم بها الشرطة على الحدود مع إسرائيل.
من المسئول؟
من جانبه حمل الشيخ حازم صلاح أبو إسماعيل المرشح المستبعد من انتخابات رئاسة الجمهورية الماضية مسئولية الأحداث في سيناء إلى الحكومة، معتبرًا أن ممارسة العنف تولد العنف، مشيرًا إلى أن تلك الأحداث تسير في صالح إسرائيل.
وكانت القوي الثورية المكونة من الحركات والائتلافات الشبابية اتهمت الرئيس محمد مرسي بمسئوليته عن أحدث رفح التي وقعت خلال شهر رمضان الماضي ، والتي استشهد فيها 16 ضابطاً وجنديا مصرياً نتيجة التفجيرات التي حدثت من قبل هجوم مجموعات مسلحة على الحدود المصرية .
وقال محمد عبد العزيز المنسق العام لحركة شباب كفاية: إن الإعلام الرسمي يريد أن يبث"رواية حمقاء" للمصريين بأن المتسبب وراء تلك الأحداث حركة المقاومة الإسلامية "حماس" و"قطاع غزة، وهو أمر غير صحيح بالمرة نظرا لقرب الرئيس مرسي من قيادات حماس التي لن تشن مثل هذا الهجوم للإضرار بالرئيس".
وأشار إلى أن المستفيد الوحيد من هذا الهجوم هو الكيان الصهيوني بشكل واضح، ولا يمكن فصل تحذير الكيان الصهيوني لرعاياه بمغادرة سيناء قبل الحادث, ومرتكب هذه الجريمة.
كما حملت الجبهة المصرية للدفاع عن القوات المسلحة الرئيس مسئولية الاعتداءات الغادرة التي تعرض لها الكمين الأمني التابع لقوات حرس الحدود برفح المصرية خلال إفطارهم ، وذلك لقيامه بالإفراج العشوائي عن أعضاء جماعة الجهاد والتكفير والهجرة وهم المتهمون الرئيسيون في الحادث. مواد متعلقة: 1. «مشايخ سيناء»: الوضع في أرض الفيروز أصبح خطيراً 2. كبرى قبائل سيناء تدعو الأمن لسرعة ملاحقة الجنسيات 3. السلفية الجهادية تتهم الأمن بتدبير حوادث سيناء كمبرر للقمع