ساهم ازدياد دور حزب «الوفد» في الأربعينيات والانتشار الذي حظي به بين صفوف طلاب في الفترة من 1919 1935، إلي تفاعله مع الحركة الوطنية المصرية ، حيث كانت القيادة الوفدية حريصة على الاعتماد على الطلاب، ولعل أشهر المواقف هو ما تردد من أن النحاس باشا رفض استجابة طلب أحمد ماهر باشا في تولي وزارة التعليم، وبرر النحاس باشا رفضه بقوله: «إن أحمد ماهر يريد السيطرة على الطلاب" . ولعل حرص قيادة «الوفد» على السيطرة على الطلاب هو ما أدى إلى ظهور تيار راديكالي بين شبابه، ظل يلعب دوراً مؤثراً في الحزب وفي الحركة الوطنية أيضا ، وشكَّل منبراً هو تيار «الطليعة الوفدية» التي تأثرت بالاتجاهات الراديكالية التي طرحها اليسار المصري للتحالف معه، وبصورة أثرت في طبيعة النضال الوطني ضد الاحتلال من 1945 إلى 1952.
عبد المحسن حمودة أحد هذه القيادات المؤثرة في الطليعة الوفدية في هذه الفترة ، ظل وفيا لذكرها وذكر النحاس باشا وما قدمه للحياة السياسية المصرية ، تولي قيادة " ورابطة الشباب " (1947) واعتقل بسببها أكثر من مرة.
حمودة مازال في ذاكرته الكثير والكثير فهو يحمل الهم الوطني ويعبر عن حال ما وصل إليه العمل الحزبي في مصر الآن ، إلتقته شبكة الإعلام العربية " محيط " ليشهد علي هذا العصر وكان هذا الحوار .
لماذا أسست الطليعة الوفدية ؟ كنت من مؤسسي الطليعة الوفدية وكانت لجنة الطلبة التنفيذية العليا لحزب الوفد ، وانضم لنا كبار الوطنين الأحرار حتى أساتذتنا مثل د محمد مندور وعبد العزيز فهمي وموسي مصطفي الذي رئس الطليعة في ذلك الوقت.
وكان الغرض من تأسيس الطليعة هو الاستقلال الوطني والاقتصاد الشعبي أي العدالة الاجتماعية ، وعدالة الخدمات العامة وطرحنا فكرة العلاج بالمجان والتعليم والسكن .
ما الفرق بينكم وبين حزب الوفد ؟ نحن الجناح التقدمي للوفد، أو التيار اليساري للوفد .
هل أنتم تأثرتم باليسار في ذلك الوقت ؟ البعض يعتبر كلمة يساري قريبة من الشيوعية وهذا من عدم النضوج السياسي، والحقيقة أننا لسنا شيوعيين ولكن الحزب الشيوعي المصري كان حزب وطني يدافع عن قضايا الاستقلال الوطني.
ما هي أعظم أيام الوفد ؟ أعظم أيام الوفد والذي قضي عليه بسببها هي أيام إلغاء معاهدة 1936، وهذا ما جعل القصر والإنجليز يتربصون به ، وكان هذه من بطولات مصطفي النحاس ، لقد أتفق عليه المختلفون انه من أعظم الشخصيات ، لقد تعرض النحاس باشا لتسع محاولات اغتيال .
وبعد إلغاء المعاهدة خرجت المظاهرات إلي ميدان التحرير وهذه هي بداية الثورة حتى حريق القاهرة، واتهم فيها النحاس انه لم يستطع حفظ الأمن .
يعني تعتبر أن الثورة الحقيقة كانت بعد إلغاء المعاهدة ؟ نعم لان القوي الاستعمارية لم تستطع أن تتخلص من الوفد والنحاس فعملت علي التخلص منها بقيام ثورة 1952وبوجود عبد الناصر ، وقبلها بإطلاق مجموعة من الحزيبات الصغيرة (تصغير حزب ) التي كانت لا تأتي بكتلة تصويتية مجتمعة بأكثر من 6% ، بينما الوفد منفردا كان ياي بأكثر من 90% .
لماذا لم يستمر الوفد بقوته بعد الثورة ؟ مجموع المدة التي حكم فيها الوفد ست سنوات ونصف ، كان الوفد يقف في صف النضال السياسي ، وفي ذلك الوقت القصر كان يريد أن يسن قانون بحذر الاجتماعات العامة وتم تحذير النحاس بعدم الوقوف ضد هذا القانون ولم يستمع للنصح .
ماذا تبقي من حزب الوفد ؟ هذا ليس الوفد الحقيقي ، الوفد لا يوجد له وجود من يناير 1952
لماذا لم تسيطر الطليعة علي الوفد؟ لأننا لم نكن نملك القوة ، فكنا حركة أقوي وذلك أقوي من الحزب .
كان هناك صراع كبير بين الوفد والإخوان هل تعتبر الإخوان فازوا في هذا الصراع .؟ نعم الإخوان فازوا في هذا الصراع ، ولكن بطريقة غير مشروعة يقدمون رشاوى انتخابية ويمولون من الخارج وعندهم تنظيم حديدي سري ، بخلاف الوفد الذي يمول من القاعدة الشعبية .
كيف نطور الحياة الحزبية في مصر ؟ يجتمع علي الأقل 100رجل من الذين لديهم خبرة بالعمل السياسي والحزبي ويتواجدون علي الأرض ببرنامج ، ويطرحوا في البداية قضية الدستور والنضال من اجله .
من الذي يقترب من الطليعة الوفدية في الحياة السياسية الآن ؟ لا يوجد حتى شبابا الثورة؟ من هم ، من قياداتهم ، أين برنامجهم .
ما هي نظرتك للوفد الآن ؟ الوفد الآن هو وفد السيد البدوي الذي يمتلك صحف فقط والذي صنعه النظام السابق ولا يملك من فكر الوفد ونضاله علي الإطلاق أي شيء ، الوفد كان مبادئ ، مبادئ مصطفي النحاس باشا وقدراته النضالية الخارقة في الحياة السياسية المصرية .
ما هي نظرتك للمستقبل ؟ هذا علي عاتق المثقفين المصريين الذين يجب أن يصنعوا منهم حزبا جديدا لا يخضع لشؤون الأحزاب علي الإطلاق ، القائم علي جهوده وإمكانياته البسيطة، وله برنامجه الديمقراطي، ومن هنا بيداء المجتمع المصري في النهوض .