تواصل إيران استفزازها للنظام في اليمن ، عن طريق التدخل في شئونها الداخلية تارة أوالتحالف مع أطراف داخل البلاد تجدها آداة لتلبية مصالحها ، وهذه المرة التدخل ليس بتوريد السلاح فقط للحوثيين أودعم انفصال الجنوب ، بل أمتد ليصل إلى التجسس. واعلنت وزارة الدفاع اليمنية في موقعها على الانترنت اليوم الثلاثاء ضبط خلايا تجسس إيرانية في العاصمة صنعاء وعدن، ومدن أخرى يمنية تضم عناصر إيرانية وسورية ويمنية.
ونقلت موقع الوزارة عن مصدر عسكري قوله إن الإيرانيين المقبوض عليهم كانوا قد دخلوا اليمن على أساس أنهم مستثمرون، وحصلوا على ترخيص من الجهات المختصة بإنشاء مصنع، وبدئوا بنقل آلاته وأدواته إلى ميناء عدن.
وأضاف المصدر أنه عند تفتيش إحدى الحاويات تبين أن المعدات التي فيها لم تكن لأغراض مدنية متعلقة بالمصنع وإنما لأغراض عسكرية عدائية تستهدف أمن واستقرار اليمن ، حيث يمكن إعادة تجميعها لعمل صواريخ وأسلحة متنوعة فقامت أجهزة الأمن على إثر ذلك بالقبض على الإيرانيين والبدء بالتحقيق معهم؛ وتمكنت الجهات الأمنية بمحافظة عدن تمكنت من ضبط 18 حاوية في ميناء عدن تم استقدامها من إيران باسم تاجر يمني ينتمي إلى محافظة صعدة يدعى "أ.ن".
وأشار الموقع إلى أن هذه الحاويات تم إدخالها على أساس أنها معدات وآلات لإنشاء مصنع حديد وألمونيوم وأنه تم اكتشاف أن هذه المعدات خاصة بإنشاء مصنع تسليح لصناعة قذائف "الأر بي جي" ومختلف أنواع الذخائر التي تستخدم في السلاح المتوسط والخفيف، مشيرة إلى أن هذه الحاويات لازالت محتجزة لدى جمرك عدن.
وقال موقع وزارة الدفاع اليمنية ،أن إيران قامت مؤخرا بتوسيع رقعة أهدافها في اليمن وحاولت استقطاب الإعلاميين والمعارضين السياسيين، كما حاولت إجهاض التسوية السياسية في اليمن والتي تمت وفقا للمبادرة الخليجية واعتبرتها مؤامرة سعودية أمريكية".
وكان الرئيس عبد ربّه هادي كشف خلال تواجده في نيويورك على هامش حضوره أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة إن إيران تدعم بعض التيارات السياسية والمسلحة وتجنيد شبكات تجسس وان الأجهزة الأمنية ضبطت خمس شبكات تجسسية تعمل لصالحها فضلاً عن الدعم القوي للحراك المسلح حيث تقدم الدعم الإعلامي والعسكري والإستخباراتي والمالي لقوى الحراك المسلح في داخل جنوب اليمن وفي الخارج.
كما اتهم هادي إيران مباشرة بالتدخل في الشأن اليمني الداخلي وقال :" نأمل من أشقائنا في إيران عدم أي تدخل في شؤون اليمن ومراعاة الظروف الدقيقة التي يمر بها اليمن في هذا الظرف الدقيق والحساس " ، مؤكداً أن اليمن " لم يتدخل يوما في شؤون أي دوله قريبه أو بعيدة، ونقول للجميع من هنا من الكلية الحربية, اتركوا اليمن وشأنه والى هنا وكفى ".
وكان مصدر عسكري يمني كشف قبل شهر، عن شبكة تجسس تعمل في اليمن منذ الحرب الثانية بصعدة التي دارت بين حركة الحوثين المسلحة والحكومة اليمنية أبان النظام السابق.
وأضاف أن الخلية ظلت تعمل منذ تلك الفترة في اليمن ، لافتا النظر إلى أن السفير الإيراني بصنعاء محمود حسن زاده كان المسئول على عملية التشيع بمنطقة القرن الأفريقي ، وإنشاء معسكرات التدريب للمليشيات المسلحة في الصومال وإريتريا ، أثناء عمله في وزارة الخارجية الإيرانية.
وعلى صعيد متصل بمخطط هذه الخلية التجسسية الإيرانية ، أكد المصدر العسكري الذي فضل عدم الكشف عن هويته في تصريح صحفي له أن الأجهزة الأمنية اليمنية بالتعاون مع بعض أجهزة استخباراتية لدول شقيقة وصديقة تمكنت من الكشف عن أيدي الجماعات المسلحة سواء تلك التي تدين بالولاء العقائدي الإيراني أو الجماعات المسلحة التي تتلقى الدعم المادي والعسكري الإيراني لتنفيذ مخططاتها ، رغم عدم وجود أي ولاءات عقائدية.
وذكر المصدر أن الأجهزة الأمنية كشفت تورطا مباشرا لقيادات سياسية تمثل جناحا لجماعة الحوثي المسلحة وخلايا إرهابية في مخطط إسقاط صنعاء وعدن بأيدي الجماعات المسلحة.
ورفضت الولاياتالمتحدةالأمريكية، وشركاؤها الأوروبيون طلبات - ألحت فيها صنعاء - على إدراج جماعة "الحوثيين" في قوائم "الإرهاب" على غرار حزب الله في لبنان، خصوصاً وأن "الحوثيين" يرفعون شعار (الموت لأمريكا، الموت لإسرائيل)، ويتلقون الدعم المالي، والعسكري من طهران لبسط النفوذ الشيعي الإيراني في شمال اليمن المتاخم للحدود الجنوبية السعودية مع اليمن.
وكانت واشنطن ترد على طلبات الحكومة اليمنية بأنها لا تمتلك أدلة، ولم تقدم الحكومة اليمنية ما يثبت اتهاماتها لإيران، وفي الأثناء كان صوت أحزاب المعارضة المنضوية في تحالف "اللقاء المشترك" مسموعاً في الدوائر الدبلوماسية الأميركية والغربية في اليمن، وفي حين كانت أحزاب "اللقاء المشترك" تتجنب اتهام "الحوثيين" بالتمرد المسلح على النظام، والخروج على القانون والدستور حتى لا تخدم نظام الرئيس السابق علي صالح.
قلق غير مسبوق
والحاصل أن الرئيس هادي، وحكومة الوفاق الوطني يشعران بقلق غير مسبوق لجهة تدخل إيران في اليمن، بعد أن تجاوز دعم "الحوثيين" ليمتد تأثيره إلى المحافظات الجنوبية عبر جماعات "الحراك الجنوبي" الانفصالية ، التي يديرها ويحركها من بيروت نائب الرئيس السابق علي سالم البيض وعدد من القيادات الجنوبية الموجودة خارج اليمن منذ حرب صيف 1994، حيث يتبنى البيض -الذي اختفى عن المشهد السياسي في اليمن لأكثر من 16 عاماً- مشروع انفصال الجنوب عن دولة الوحدة، وتتهمه الحكومة اليمنية وأحزاب "اللقاء المشترك" بتمويل حركة الاحتجاجات الانفصالية في الجنوب، وما يرافقها من أعمال مسلحة، وحملة تحريض بين أبناء الجنوب على الانفصال، وإقامة دولة الجنوب العربي، والتنكر لهويتهم اليمنية.
وبدى شعور الحكومة اليمنية بأن النفوذ الإيراني في اليمن لم يعد محصوراً في الجماعات والمناطق الشيعية في شمال الشمال.
وبدأ تأثيره واضحاً في محافظات سنية مثل تعز، وإب، والمحافظات الجنوبية، وهو ما يعني أن إيران تتمدد في اليمن بشكل لافت، ومقلق، خصوصاً وأن جماعة "الحوثيين" في محافظة صعده لم يترددوا في الآونة الأخيرة في تأييد المطالب "الانفصالية" لجماعات "الحراك الجنوبي" المدعومة من البيض.
بالإضافة إلى تبني دوائر إيرانية رسمية عقد مؤتمرات، وندوات في بيروت استضافت فيها المئات من الشخصيات السياسية والبرلمانية والإعلامية اليمنية لبحث مستقبل الدولة اليمنية، وكلها بتمويل إيراني مباشر وغير مباشر، وفقاً لادعاءات مصادر حكومية وحزبية يمنية.
ويرى مراقبون أن هذا التطور اللافت في العلاقات اليمنية الإيرانية من شأنه حدوث تداعيات على الصعيد الإقليمي، والدولي في المنطقة تفتح الباب أمام كل الخيارات بما فيها انضمام اليمن إلى منظومة التحالف الدولي- الإقليمي ضد إيران.