تحتفل محافظة الغربية اليوم بعيدها القومي وبهذه المناسبة تتذكر "محيط" ابن من أبنائها الذين رحلوا عن عالمنا وضاع حقه ولم يتذكره أحد وذلك بعد أن جاءت ثورة 25 يناير لترد الظلم عن المظلومين وتعطى كل ذي حق حقه. وعقب أحداث تلك الثورة العظيمة انقسمت الآراء فمن الناس من يترحم على عبد الناصر ومنهم من يشيد بعصر السادات وفريق ثالث رفع شعار إحنا آسفين يا ريس، دون أن يشير أحد إلى أول رئيس لجمهورية مصر العربية اللواء محمد نجيب.
حظي محمد نجيب بحب كبير من الشعب المصري والسوداني لانحيازه للطبقة الشعبية البسيطة، وحدث أول صدم بينه وبين الضباط الأحرار لإصراره على أن يعود الجيش لثكناته وأن تعود الحياة النيابية لسابق عهدها.
قرر مجلس قيادة الثورة عزله من رئاسة الجمهورية للمرة الأولى مما أثار سلاح الفرسان وطوائف عريضة من الشعب مطالبين بعودته فعاد ثانية.
ولكن سرعان ما تم عزله ووضعه تحت الإقامة الجبرية في قصر بضاحية المرج المنعزلة مع منعه من الخروج أو مقابلة أحد حتى ولو من عائلته وظل على هذا الحال إلى أن أفرج عنه السادات بعد حرب 1973.
محيط زار منزل الرئيس الراحل وأطع على خطابات بخط يده
خطابات الرئيس
وعندما قابل "محيط" حفيد شقيق نجيب بادر بإخراج خطابات بخط جده نجيب أرسلها وهو في معتقله للرئيس الراحل جمال عبد الناصر وعبد الحكيم عامر قائد عام القوات المسلحة تبين مدى الظلم ن الذي تعرض له جده.
أولى تلك الرسائل يطلب فيها مبلغ قدره 10 جنيهات من معاشه والمقدر بمبلغ 176 جنيها لإجراء عمليه جراحيه عاجلة لزوجته مشيرا إلى أن كل ما يملكه قد نفذ.
ويقول في خطاب آخر :"إنني أتمنى المساهمة في مجهود البلاد الحربي وأنني لو استطعت أن أبيع ملابسي وأثاث منزلي لفعلت، ولكني عاجز عن فعل أي شيء ولا أملك سوى 5 جنيها وهي مجرد رمز فقط للتضحية من أجل وطني.
أما الخطاب الثالث فيشرح فيه الأحوال المعيشية السيئة للغاية التي كان يعانيها في معتقله متسائلا (هل أنا حي أم ميت؟) من كثرة الذل والمهانة التي تعرض لها، مشيرا إلى أنه لم يحلق شعره من شهر ولم يزوره الطبيب منذ 10أيام رغم أنه يأخذ حقن للكبد بشكل يومي مما أدى لسوء حالته وزيادة الصداع وارتفاع ضغط الدم.
ويتمنى في خطاب رابع وجهه لجمال عبد الناصر أن يسمح له بإرسال خطاب إلى زوجته وأولاده كل أسبوع حتى يطمئنوا فيه أنه مازال على قيد الحياة، على أن يصله منهم ولو سطر واحد يؤكد له أنهم تسلموا خطابته.
أخطر تلك الخطابات مكتوب عليه (سري جدا جدا وعاجل جدا جدا يسلم شخصيا للرئيس عبد الناصر)، يطلب فيه نجيب أن يدافع عن وطنه قائلا :"أريد منك أن تسمح لي بأعز أمنية لي وهي المشاركة في أقدس واجب وأشرفه وهو الدفاع عن مصر".
وأضاف اسمح لي بالتطوع جنديا عاديا في جبهة القتال باسم مستعار وتحت أية رقابة شئت دون أن يعلم أحد بذلك غير المختصين وإني أعدك بأثمن ما أملك أعدك بشرفي أن أعود إلى معتقلي إذا بقيت حيا بعد إنتهاء القتال.
وتابع "أنا مستعد أن أقوم بعمل انتحاري كأن أسقط بطائرة أو مظله محاطا بالديناميت على أي هدف مهم وهذا إقرار مني بذلك".
ماذا جنيت من جانبه قال الحاج قطب القشلان أحد أحفاد محمد نجيب :"إن جدي كان دائما في أخر حياته يردد (ماذا جنيت حتى يفعلوا بي كل هذا) قاصدا رجال الثورة التي ضحى بعمره من أجل نجاحها.
وأضاف قطب لقد حكى لنا جدي عندما جاءه عبد الحكيم عامر ليبلغه بقرار إعفائه من الرئاسة، فقاله له أنا لن أستقيل لأني بذلك أصبح مسئولا عن ضياع السودان، أما إذا كان الأمر إقالة فمرحبا بها وأقسم له عبد الحكيم عامر أن إقامته في مكان معتقله لن تستغرق سوى أيام قليله وبعدها سيعود لمنزله ولكنه لم يخرج منها إلا بعد 20عاما من الذل والمهانة.
أما عبد القوى القشلان ابن عم محمد نجيب، على الرغم من أن حياة الرئيس كانت مليئة بالصعاب والانشغال الدائم إلا أنه كان لا يترك عيدا ولا مناسبة إلا ويتواجد معنا فيها، وقام بتوزيع ما لديه من الأراضي الزراعية على أقاربه وفى آخر حياته.
وأضاف أن منزل الرئيس نجيب تنازل عنه لعمرو يوسف (نجل ابن عمه) وهو منزل متهالك مشيد من الطوب اللبن في شارع ضيق للغاية لا يرقى لأن يكون منزل كان يعيش فيه رئيس جمهورية ولا حتى خفير، بل إن هيئة الآثار رفضت جعله متحفا لسوء حالته النيابية وصعوبة المكان المتواجد فيه.
بدوره أشار عباس يوسف القشلان ضابط بالقوات البحرية على المعاش (ابن عم محمد نجيب) إلى أن حق نجيب كان مهضوما لأبعد الحدود وكذلك أولاده وأحفاده وجميع عائلته.
وأضاف أنه كان برفقة والده في زيارة للرئيس داخل معتقله وعمره 15سنة وأثناء الزيارة عرفت أن عبد الناصر سيلقى خطابا فأسرعت وأغلقت الراديو.
وتابع فتبسم الرئيس وسأل لماذا قفلت الراديو، فقلت له لأن هذا الرجل طردك من الرئاسة وحبسك هنا، فتبسم مرة ثانية وقال :"لا يا عباس أفتح الراديو عاوزين نطمأن على أحوال البلد". مواد متعلقة: 1. الكشف عن كتاب جديد للرئيس الراحل محمد نجيب 2. محمد نجيب أول رئيس مصري.. قصة الإطاحة 3. فيلا محمد نجيب تتعرض للنهب .. والدولة ترفض اعتبارها أثرا !