بعد عامين من المقاطعة قرر الأردن تعيين المستشار في وزارة الخارجية وليد عبيدات، سفيرا للملكة الأردنية الهاشمية في إسرائيل، ليتسلم مهام منصبه في أكتوبر/ تشرين الأول القادم.
ورغم تطلعات الأردن بعودة العلاقات الأردنية مع اسرائيل، حتى يتم تحريك عدد من الملفات التي تتعلق بالمصالح الأردنية، كالمعتقلين الأردنيين في إسرائيل والذين تعمل الحكومة على تنظيم زيارات عائلاتهم لهم في وقت قريب، إلا أن هناك مأزق ينتظر هذا القرار من قبل أعرض وأكبر وأهم عشيرة في منطقة شمال الأردن، التي ينتمي إليها السفير المعين.
العشيرة والتطبيع
وأعلن وجهاء وشيوخ عشيرة العبيدات في الشمال، رفضهم القاطع واستنكارهم الشديد بقرار تعيين أحد أبناء عشيرتهم، وهو وليد عبيدات، سفيرا لدى إسرائيل.
وقالت عشيرة العبيدات التي تعتبر الأكبر عددا والأكثر نفوذا في مناطق وقرى شمالي المملكة أنها ستعلن البراءة من ابنها السفير في وزارة الخارجية وليد العبيدات في حال وافق فعلا على تنسيب الوزارة بتعيينه سفيرا في تل أبيب.
وجاء هذا الإعلان النادر والأول من نوعه عمليا بعد اجتماع حاشد لشخصيات قيادية وزعامات عشائرية في هذه العشيرة التي يمثلها أيضا في حراك المعارضة والشارع الأردني رئيس الوزراء الأسبق أحمد عبيدات.
وجددت العشيرة التأكيد على موقفها التاريخي في مواجهة "العدو الصهيوني"، ورفضها أي شكل من أشكال التطبيع معه.
وقالت العشيرة أن من يقبل بتولي هذا المنصب ويقوم بوضع يده بيد من عمل على اغتصاب الارض وقتل أبناء فلسطين وشردهم واستباح المقدسات الإسلامية؛ فقد تجاوز جميع المحرمات والخطوط الحمراء وتعد إساءة بالغة للأمة و العشيرة التي تتبرأ منه.
وأكدت العشيرة العبيدات أنها كانت وستبقى وفية لأمتها ولن تهادن أعداءها في سبيل تحرير كامل التراب الفلسطيني, و لن يثني عزمها أي مرتد عن الصف مهما طالت الأيام, وقد كانت هذه العشيرة أول المتنبهين لمخاطر المشروع الصهيوني الاستيطاني في عشرينيات القرن الماضي.
السفير يحتار
وبهذا القرار العشائري، فقد تعرض الدبلوماسي الأردني المعين في إسرائيل وبوقت مبكر، لضغوط مزدوجة من عشيرته أولا ومن وزارة الخارجية ثانيا بعد اختياره سفيرا في تل أبيب.
فقد ذكرت مصادر في الخارجية الأردنية أن عبيدات يتعرض لإحراج شديد جراء إعلان عشيرته عبر وسائل الإعلام بأنها لن توافق على وظيفته الجديدة وستتبرأ منه عشائريا إذا مارس مهام عمله الجديد.
وترى أوساط في الخارجية أن خضوع السفير الجديد وليد عبيدات إلى ضغوط عشيرته يعني حصول تقليد غير مسبوق في التمرد على قرارات إدارية وبيروقراطية وهو إختبار لصلابة الإنتماء للإدارة الرسمية مقابل الخضوع للموقف العشائري خصوصا إذا كان قوميا ووطنيا.
ضغوط خارجية
وذكرت صحيفة "الدستور" الأردنية إن هناك ضغوطات على الأردن لإرسال السفير، وأن مساعدات واشنطن المتأخرة، باتت مرتبطة بعدة مطالب من الأردن، من بينها إرسال السفير، وطلبات أخرى.
ومن المتوقع أن تضيف الخطوة الرسمية الأردنية ملفًا جديدًا للتوتر الواقع بين الحكومة الأردنية والمعارضة، لا سيما الإسلامية، التي اعتادت انتقاد التطبيع الرسمي بين الأردن وإسرائيل.
ترحيب إسرائيلي
وفي المقابل ، أعربت مصادر في الخارجية الإسرائيلية عن أملها في أن تكون عودة السفير الأردني نهاية للقطيعة التي سادت العلاقات بين البلدين منذ 2010.
ورحبت مصادر سياسية في الخارجية الإسرائيلية بقرب وصول سفير أردني جديد إلى تل أبيب، معربة في تصريحات لمراسل إذاعة "صوت إسرائيل" الجمعة، عن ثقتها من أن وجود سفير أردني مقيم، إنما سيعزز دور الأردن في دفع جهود السلام وحماية المصالح لكلا البلدين.
وأشارت المصادر إلى "المواقف المعتدلة نسبيًّا التي تميّز المملكة الهاشمية عن غيرها"، مضيفةً أن حقيقة تقديم السفيرين الأردني والمصري الجديدين أوراق اعتمادهما في وقت قريب، يتوقع أن يكون السابع عشر من الشهر المقبل، "توحي بأن معاهدات السلام هي الضمانة الوحيدة على استقرار الأوضاع في المنطقة".
وكان الأردن قد تلقى لومًا من الإدارة الأمريكية، ومن اللوبيات السياسية في واشنطن، لأنه لا يرسل سفيره إلى تل أبيب، حيث أظهر ترددًا في اتخاذ هذه الخطوة بسبب السياسة الإسرائيلية في النزاع الإسرائيلي - الفلسطيني، في إشارة إلى التهديدات الإسرائيلية المتواصلة للأقصى وسياسة الاستيطان.
ومنذ وصول حكومة بنيامين نتنياهو لسدة الحكم قبل ثلاثة أعوام وعلاقات عمّان مع تل أبيب تشهد برودا، ولم يلتقِ ملك الأردن عبد الله الثاني بنتنياهو سوى مرة واحدة وبشكل مقتضب.
كما لم تحصل لقاءات رسمية أردنية إسرائيلية منذ لقاء الملك عبد الله الثاني بالرئيس الإسرائيلي شيمون بيريز في نوفمبر/تشرين الثاني من العام الماضي.
سفراء الأردن بإسرائيل
ويعد السفير الأردني الجديد لدى إسرائيل الذي عمل مديرا للإدارة القانونية في وزارة الخارجية الأردنية بمنصب مستشار، السفير الخامس للأردن في تل أبيب منذ توقيع معاهدة السلام الأردنية -الإسرائيلية في أكتوبر 1994 حيث سبقه كل من مروان المعشر وعمر الرفاعي ومعروف البخيت وعلي العايد.
والسفير الجديد هو الدبلوماسي رجل القانون وليد عبيدات 42 عاما، الذي كان قد عين لهذا المنصب قبل سنة ولكنه لم يرسل إلى إسرائيل لممارسة مهامه، في إطار الاحتجاج على السياسة الإسرائيلية تجاه القضية الفلسطينية والجمود في عملية السلام.
ويحل عبيدات محل السفير السابق، علي العايد، الذي كان قد استدعي إلى عمان احتجاجا على الحرب العدوانية في قطاع غزة أواخر 2008 وأوائل 2009، ولم يعد، فعين وزيرا للدولة لشؤون الإعلام والاتصال في الحكومة الأردنية برئاسة سمير الرفاعي في يوليو /تموز 2010 وكان القائم بأعمال السفير يدير السفارة منذ ذلك الحين. مواد متعلقة: 1. إجراءات أمنية مشددة بمحيط السفارتين الأمريكية والإسرائيلية بالأردن 2. بمناسبة السنة العبرية الجديدة ..بيريز يطالب بتعزيز العلاقات السلمية مع الأردن ومصر 3. العاهل الأردنى يحذر إسرائيل من المساس بالمسجد الأقصى