للمرأة الكويتية تاريخ حافل من النضال لنيل حقوقها المشروعة التي كفلها لها الدستور، وكافحت حتى حصلت على حقوقها السياسية ، فنالت حق الانتخاب والترشح ووصلت إلى سدة الأمر في المناصب القيادية بالمؤسسة الحكومية ، فكانت وزيرة وأصبحت نائبة في المؤسسة التشريعية في برلمان 2009. ولا يمكن التقليل من شأن التطورات الإيجابية التي حدثت في مجال حقوق المرأة في الكويت على مدى العقود الماضية ، وخصوصاً بعد حصولها على حقوقها السياسية الكاملة في عام 2005 .
كما أن فوز أربع سيدات بعضوية مجلس الأمة في انتخابات عام 2009 تمثل نقلة نوعية في تمكين المرأة من المشاركة في صناعة القرار ، كذلك لا بد من التنويه بالقوانين التي اعتمدت أو عدلت وأدت إلى زيادة الحقوق للمرأة ، كل هذا يعد اعترافا بدور المرأة وحقوقها الأساسية ، غير أن القرار الأخير الذي أصدره مجلس القضاء الأعلى بقبول أوراق الفتيات في منصب وكيل نيابة تمهيدا لتبوئها منصب القضاء أثار لغطا كبيرا في الأوساط الكويتية بين مؤيد ومعارض.
تتويج المرأة الكويتية ويرى المؤمنون بالدستور أن تعيين المرأة الكويتية قاضية واعتلاءها منصة القضاء في المستقبل القريب بعد قبولها وكيلة نيابة ، إنما هو تتويج لمسيرتها المملوءة بالنجاح والتفوق ، بعد أن خاضت جميع الميادين أسوة بالرجال وأثبتت تفوقها ، حيث لا تزال المرأة الكويتية تثبت جدارتها في السلطتين التنفيذية والتشريعية ، بالرغم من الفترة القصيرة التي لا تقارن بالرجال الذين بدءوا العمل السياسي منذ عقود ، إلا أن المرأة في فترة قصيرة تساوت معهم وربما تفوقت على بعضهم.
المؤيدون لقرار قبول المرأة في القضاء يرون أن الفضل في هذا القرار الجريء يرجع للمجلس الأعلى للقضاء وحده ، خصوصا أن خريجات الحقوق سبق أن رفض طلب قبول أوراقهن من قبل الحكومة ممثلة بوزارة العدل ، كما أن الحكومة حاولت أكثر من مرة أن ترمي الكرة بملعب القضاء ، وتؤكد أن هناك دعاوى منظورة ويجب أن تنتهي ، إلا أن القضاء لم ينتظر الفصل في عدد من الدعاوى المنظورة أمامه ، وأعطى إشارة لوزارة العدل بقبول أوراق خريجات الحقوق المتقدمات لهذه الوظيفة .
وقد أكد المحامي علي البغلي أن كل الدول العربية والإسلامية ماعدا السعودية ، تتولى فيها المرأة سلك النيابة العامة والقضاء ، فهل نحن نزايد على إسلام كل هذه الدول والأمم ، وهي سبقتنا بالحضارة .
وقال أن استناد المعارضين لنيل المرأة حقوقها السياسية والآن يكررون القول نفسه لمعارضة تبوأ المرأة القضاء ، في أحاديث ضعيفة ومتهالكة مثل الحديث المنسوب للرسول الكريم "ما أفلح قوم ولوا أمرهم لامرأة" ، وكان المعني به الفرس عندما تولت أمرهم ابنة كسرى بعد موت كسرى .
قرار مبارك وأوضح أن كلام المعارضة مرفوض بالتفنيد ، وبالتالي فإن قرار قبولها بالقضاء انتظرناه طويلا وقرار مبارك ، ونحن نشد على المجلس الأعلى للقضاء الذي أثلج صدورنا وأحق الحق ووضع النقاط على الحروف وكرس مبادئ الدستور الحقة ، ونتمنى أن نرى المزيد من مثل هذه القرارات التي تنص على المبادئ الدستورية بشأن المساواة وتساوي الفرص والحرية والتعبير.
ومن ناحيتها ، قالت المحامية نضال الحميدان أننا كنا نعمل على هذا الأمر منذ سنوات ، وفي الفترة الأخيرة أقمنا مؤتمر المرأة والقضاء وكان يحث على تقلد المرأة للقضاء ، واستضفنا فيه قاضية من البحرين ومن فرنسا وبلجيكا ، واستفدنا من خبراتهم.
وأضافت أنه لا يوجد مانع قانوني لتولى المرأة هذا المنصب ، ونحن دولة مبنية على أساس قانون وضعي وليس على قانون شرعي ، وبالتالي لا توجد ممانعة قانونية أو دستورية ، بل عدم تقلدها منصة القضاء هو المخالفة الدستورية ، لأن القانون لم يشترط الذكر أو الأنثى ، وما يحدث الآن هو تعديل قانوني وانسجام مع روح الدستور.
وشددت النائبة د. معصومة المبارك على أن قرار دخول المرأة السلك القضائي يحسب للقضاء الكويتي الشامخ وللمجلس الأعلى للقضاء ، ولكل من طالب بإنصاف المرأة بالحقوق والواجبات بحكم الدستور .
مشيرة إلى أن كل من كان يدعي أن المشاركة السياسية للمرأة حرام ولا يجوز شرعا ، هم الذين يتصارعون اليوم للحصول على أصوات المرأة في صناديق الاقتراع ، وأضافت أن الشرع رحب ومتسامح ولنستفيد من تجارب الدول الإسلامية لدخول السلك القضائي.
وذكر أمين عام المنبر الديمقراطي يوسف الشايجي أن قرار دخول المرأة السلك القضائي جاء متأخرا جدا لأنها مواطن كامل الأهلية ، ومطلب التيار الوطني أن تستكمل جميع الحقوق المدنية والسياسية للمرأة ، وقال نحن في مجتمع ديمقراطي مرجعيتنا الدستور لا يمكن الاحتكام للفتوى والاجتهادات الدينية مع كامل الاحترام لهم ، فنحن ارتضينا قبل 50 سنة الدستور والناس سواسية أمام الحقوق والواجبات لا فرق في الدين أو الجنس ونص المادة 29 من الدستور واضح وصريح .
تأييد مصري ومن مصر التي سبقت بتعيين المرأة قاضية في المحكمة الدستورية اعلي سلطة قضائية ، أكدت نائبة رئيس المحكمة الدستورية العليا المستشارة تهاني الجبالي أن قرار المجلس الأعلى للقضاء الكويتي بتعيين المرأة الكويتية في النيابة العامة والقضاء هو خطوة كبيرة للنساء في الوطن العربي بشكل عام والكويت بشكل خاص ، وهو فرصة لكي تحصل المرأة على حقوقها ويصب في دعم مسيرة المرأة .
لافتة إلى أن المرأة الكويتية تعد من الكفاءات القانونية الكبيرة ، وقد لمست ذلك شخصيا من خلال اللقاء بها في أكثر من محفل دولي وحتى في اتحاد المحامين العرب ، وهذا التقدم للمرأة الكويتية هو تقدم لا يتجزأ للمرأة العربية التي شاركت في أكثر من حراك سياسي واجتماعي.
وأوضحت فى تصريح لها بهذا الصدد أن تقييم المرأة في العمل بالمجال القضائي يكون بالخبرات والكفاءات ولا يمكن أن يبقى دورها للعمل في مجال معين لتصلح فيه ولا تصلح في مجال آخر ، فالكفاءة والخبرة هما ما يؤهلاها للعمل في كل المجالات .
وفي الوقت الذي رحب فيه نواب وهيئات سياسية ومدنية وأهلية بهذا الأمر، انقسم الإسلاميون إلى فريقين ، الأول هم نواب الحركة الدستورية الإسلامية "الإخوان المسلمون" وهؤلاء رحبوا بالقرار، والثاني الذين ينتمون إلى التجمع السلفي الذين رفضوه واعتبروه خروجا على الشرع ، وقال آخرون أن الأمر يحتاج إلى مزيد من البحث الشرعي.
أوضح النائب د. علي العمير أن مسألة تولي المرأة منصب القضاء موضوع يحتاج إلى بحث شرعي ، ونأمل حسمه من العلماء وأخذ رأيهم قبل البدء به.
مخالف للأحكام بينما أشار عضو مجلس الأمة 2012 المبطل عمار العجمي إلى أن إعلان مجلس القضاء قبول المرأة في سلك القضاء مخالف للأحكام الشرعية ، ويكرس سابقة خاطئة ستسبب خللا في عمل السلطة القضائية ، وتساءل عضو مجلس الأمة 2012 المبطل عبد للطيف العميري إذا كان القانون لا يمنع من تولي المرأة القضاء فلماذا الآن وبهذا الوقت بالتحديد يسمح لها ؟ ، موضحا أن علماء الأمة أجمعوا على عدم جواز تولي المرأة القضاء.
وقال رئيس مركز اتجاهات خالد المضاحكة أن هذه الخطوة غير موفقة وليست في الاتجاه الصحيح ، وبرر رأيه بأن لكل مجتمع ولكل دولة مكوناتها الثقافية والاجتماعية والدينية ، وهذه الخطوة تخالف أحكام الشريعة الإسلامية وتخالف الثقافة الاجتماعية الكويتية ولا تراعي خصوصية ثقافة مجتمعنا.
وأضاف أن تقليد الغرب في الأمور الشكلية لا يعتبر تطورا أو تقدما ، إنما التقدم في تطوير المؤسسات وتحقيق التنمية البشرية للأفراد .
موضحا أن للكويت خصوصيتها الاجتماعية ولم نسمع يوما عن مطالبات بأن تتولى امرأة مثلا من ذرية مبارك منصب الإمارة ، وهذا دليل على أن لنا خصوصية في هويتنا وعلينا أن لا نسعى إلى هدمها وتبنى هوية مشابهة للغرب ، وإن كنا نسعى لتحقيق التقدم فلتعلم الحكومة انه ليس بهذا الشكل ولا بهذه التشريعات بل بالتنمية بمختلف أشكالها.
وأكد النائب والوزير السابق أحمد باقر أن موضوع تعيين المرأة الكويتية في السلك القضائي مخالف للشريعة الإسلامية ، وان الفتاوى الشرعية وإجماع المذاهب الأربعة ومذاهب أخرى بعدم تعيين المرأة بوظيفة قاضية متفقة على عدم اشتغالها في القضاء ، وهذا الراجح لدى علماء السلف ، حيث لم ينقل عن النبي، صلى الله عليه وسلم ، تعيين أي قاضية رغم أن أفضل النساء كن موجودات في عصره ، كما لم تشهد العصور الأولى للإسلام تعيين القاضيات.
مشيرا إلى أن من شذ عن هذا المبدأ هم من النوادر فقط ، مطالبا في الوقت ذاته وزير العدل والحكومة بإيقاف موضوع تعيين المرأة حتى يتم بيان الحكم الشرعي ورأي الأمة.
وأشار إلى أن هناك قوانين كثيرة فرقت بين الرجال والنساء في الكويت ، لأنها مستمدة من الشريعة الإسلامية ، لان المساواة المقصودة في الدستور يجب أن ينظر إليها من حيث المراكز القانونية والشريعة الإسلامية وليست مساواة مطلقة أو حسابية ، وكان يفترض أن يستفتى الفقه الإسلامي أو يترك الأمر للتشريع عند قدوم مجلس الأمة.
معركة جديدة على المرأة الكويتية أن تخوضها ، فهل ستنجح فيها كما نجحت في المنصب الوزاري وتمثيل الأمة في البرلمان ، أسئلة سترد عليها المرأة الكويتية في الأيام القادمة بعد أن تخوض التجربة. مواد متعلقة: 1. وسط جدل كبير..المرأة الكويتية لأول مرة بالقضاء (فيديو) 2. المحكمة الدستورية تحسم اليوم الجدل في الساحة الكويتية حول قانون الدوائر الانتخابية 3. بعد انتصار الأغلبية..الشارع السياسي الكويتي يشتعل (فيديو)