شهد معرض "ملتقى الفخار الدولي الثاني عشر" حضورا كبيرا من الفنانين والصحفيين والجمهور العادي، والذي افتتحه الفنان د. صلاح المليجي رئيس قطاع الفنون التشكيلية، والشاعر سعد عبد الرحمن رئيس الهيئة العامة لقصور الثقافة في قاعات مركز "الجزيرة للفنون". وحضره د. شاكر عبد الحميد وزير الثقافة السابق، د. إيناس حسني مدير المركز، ود. خالد سراج قوميسير الملتقى. يعتبر هذا المعرض نتاج ورشة الملتقى لهذا العام، مع بعض الأعمال المختارة من الدورتين السابقتين، الحادية عشر التي كان الفنان عادل العجمي قوميسيرا لها، والدورة العاشرة التي كان د. عادل هارون قوميسيرا لها. وتناول المعرض أعمال فنانين من تركيا، السويد، ألمانيا، أسبانيا، تونس، هولندا ومصر، قدموا أشكالا متنوعة من الفخار تناولوه بطرق مختلفة، مع أساليب عرض مختلفة، فتبدو بعض الأعمال وكأنها تجهيز في الفراغ كعمل الفنان د. عادل هارون، الذي قدم عملا مستوحى من "المنيا" أرض أخناتون ونفرتيتي ونهر النيل، وهو عبارة عن بلاطات ملونه بعضها مقطع بشكل منتظم يحمل تصميمات زخرفية، والبعض الآخر مقطع بطرق غير تقليدية تتراص بجانب بعضها البعض لتعطي في النهاية شكل المركب، ومن خلفها بعض الأواني التي تأخذ أشكالا أسطوانية بألوان مختلفة، والعمل بعنوان "مركب الحضارة". أما الفنان التركي إيميريه فيزولو فقدم عمل ينتمي للنحت الخزفي، يمثل رجل يعتلي كتل سخريه، وهو بعنوان "الأب الروحي". وتناولت الفنانة باربرا مويير الألمانية السمكة في عملها، معتمدة على تشكيل بعض الشرائح الخزفية وصياغتها على شكل أسماك تتشابك مع بعضها برؤيتها الخاصة، مستخدما ألوان الجليز اللامعة. في حين تناولت الفنانة التركية بيتول أيتبة الأطباق الخزفية ولكن بطريقة حديثة لم نراها من قبل بهذه الخامة؛ حيث استخدمت شرائح رفيعة للغاية تتشابك لتكون جسد الطبق مع وجود فراغات منحتها شكلا جماليا، أما عن قاعدة العمل فكانت شريحة خزفية أيضا رفيعة للغاية، تقف على ثلاثة نقط في اتزان. وتأثرا بالأحداث التي عاشتها مصر خلال العامين الماضيين، قدم الفنان خالد سراج الدين عمل عن شهداء ثورة 25 يناير؛ حيث استقل مساحة من القاعة وعرض فيها مجموعات من القطع الخزفية ملقاة على الأرض كل منها بلون مختلف، وتقف أعلى كل مجموعة قطعة خزفية كبيرة بنية اللون، فيبدو المشهد وكأنها شواهد قبور الشهداء اسماها "قبور مثمرة". وعبرت الفنانة التونسية سارة بن عطية في عملها "أصل الكون" عن دائرة الحياة؛ حيث وضعت أرضية خزفية دائرية الشكل ومن فوقها دوائر صغيرة كلما اتجهت للوعاء الذي وضعته على إحدى أطراف الدائرة يبدأ تشكيلها حتى تبدو كالإنسان، وفي النهاية نجد في الوعاء تلك الدوائر الصغيرة التي بدأت بها دائرتها. أما عمل "زهرة الموت" فكان للفنان د. ضياء الدين داوود، الذي قدم قوالب من الطوب ترص على الأرض في تساوي، وفي الوسط ترص بعض القوالب على جانبها مستخدما اللون الأسود، ومن فوقها أشكال خزفية حرة، وبجانبها أشكال دائرية يعلو بعضها قطع دائرية صغيرة بألوان الزهور، وكأنه يعبر عن المقابر بأسلوب جديد. وفي عمل "لحظة ميلاد" للفنانة مروة زكريا تناولت الفنانة فكرتها وصاغتها وكأنها لوحة تشكيلية تجريدية ملونة، ومعلقة على الحائط. بينما قدم الفنان د. محمد هارون إناء خزفي ذات شكل حر، يضيق كلما اتجهنا لأعلى، ومن فوقه أشكال حرة تحمل بعض من الزخارف الإسلامية. والعمل في مجمله يبدو في تشكيله كالمنحوتة، يذكرنا بأعمال الفنان النحتية التي تتسم بنفس الملمح والروح. كما قدم فنانين آخرين الأواني بأشكال متنوعة، منها الأسطواني الشكل، أو الدائري وغيره، وكذلك الأطباق والمعلقات والبلاطات، بالإضافة إلى الأشكال الخزفية الحرة؛ ولذلك فهذا المعرض غير من النظرة المعتادة لفن الخزف، واختصاره في الإناء والطبق والبلاطة؛ حيث أن أغلب الأعمال قدمت أفكارا صاغها الفنانة بهذا الفن الخزفي العريق، مستخدما خاماته وتقنياته المتنوعة لتوصيل فكرته التي نجح في إظهارها بأسلوب رائع.
جدير بالذكر أنه قد سبق عرض هذا الملتقى الدولي بكلية الفنون الجميلة في جامعة "المنيا" خلال شهر مارس الماضي. وهذا الملتقى يتم تنظيمه سنويا من قبل الإدارة العامة للفنون التشكيلية بالهيئة العامة لقصور الثقافة التي يديرها الفنان د. هيثم عبد الحفيظ، وقد كانت البداية بمحافظة قنا واسلمدة لثمان سنوات، وتوالت الملتقيات المحلية من محافظة المنوفية في دورته التاسعة إلى مدينة الخارجة بمحافظة الوادي الجديد، ثم انتقل إلى محافظة الفيوم ليصبح ملتقى دولياً تتضافر فيه مواهب الفنانين المصريين والعرب والأجانب.