ندد فلسطينيون بمواصلة إسرائيل استخدام سياسة مساومة الأسرى المضربين عن الطعام في سجونها وذلك بإطلاق سراحهم مقابل فك الإضراب وإبعادهم عن وطنهم ، مطالبين بتدخل دولي للضغط على الاحتلال لوقف هذه السياسة التي تخالف كافة الأعراف والقوانين الإنسانية . وحذرت جمعيات حقوقية فلسطينية من أن تؤدى هذه السياسة إلى " فتح شهية " الاحتلال للمزيد من قرارات الإبعاد للنشطاء في الضفة الغربية وتكثيف الضغط على الأسرى للرضوخ لسياسته أو تكون إنذارا لمن يفكر في تكرار خوض تجربة الإضراب المفتوح احتجاجا على ممارساته .
وقررت سلطات الاحتلال الإسرائيلي إبعاد الأسير الفلسطيني سامر البرق "38 عاما" إلى مصر مؤقتا بناء على طلبه وموافقة مصر ، مقابل وقف إضرابه المفتوح عن الطعام منذ 118 يوما احتجاجا على اعتقاله إداريا دون تهم توجه إليه أو تقديم لائحة اتهام بحقه.
وفى حال تم إطلاق سراح البرق فمن المقرر أن يمكث بمصر في إحدى المستشفيات للعلاج ثم يستكمل أوراقة ليسافر بعدها إلى باكستان ، حيث تعيش زوجته الباكستانية ، فيما رفض الاسير أيمن شراونة المضرب عن الطعام منذ 78 يوما فك إضرابه مقابل إبعاده إلى قطاع غزة.
جريمة حرب
وقال وزير الأسرى بغزة الدكتور عطا لله أبو السبح - في تصريحات لمراسل لوكالة أنباء الشرق الأوسط بغزة - إن سياسية الإبعاد "جريمة حرب " تتعارض مع المواثيق الدولية فهي تطرد المواطن من أرضه ، مؤكدا أن الأسير الذي يقبل بها يكون مضطرا وهو "معذور " في ذلك.
وأشار أبو السبح إلى أن الأسير البرق وصلت أيام إضرابه المفتوح إلى رقم قياسي لم يسجله أحد من قبل وأصيب جراء ذلك بعدة أمراض ، مضيفا " حتى لو كتبت له الحياة سيعيش مريضا ".
وأضاف أبو السبح أن الأسير البرق اضطر إلى قبول الإبعاد عن وطنه بعد صمود أسطوري رفض خلاله كل المحاولات والعروض التي قدمت له بالإبعاد، لكن عندما خير بين الموت داخل سجون الاحتلال والحياة خارجها فاختار أن يعيش لوطنه وقضيته من الخارج.
وعن إمكانية إمعان إسرائيل في تنفيذ هذه السياسة ما قد يؤدى إلى تفريغ الضفة الغريبة المحتلة من النشطاء ، توقع وزير الأسرى بغزة الدكتور عطا لله أبو السبح ألا يمعن الاحتلال الإسرائيلي في ذلك ، مشيرا إلى أن قرارات الإبعاد التي تمت كانت فردية .
وحمل وزير الأسرى إسرائيل مسئولية هذه السياسة ومطالبا السلطة الفلسطينية والمجتمع الدولي بالتدخل لوقفها.
"مبعدو المهد"
من جانبه ، أدان فهمي كنعان المتحدث باسم " مبعدو كنيسة المهد في غزة والدول الأوروبية " قرار الاحتلال الإسرائيلي بإبعاد الأسير البرق ، مضيفا أن الاحتلال الإسرائيلي يرتكب جريمة أخرى، تضاف إلى سلسلة الجرائم التي يمارسها ضد الأسرى في سجونه.
ونبه كنعان إلى أن الاحتلال الإسرائيلي أبعد 39 محاصرا من كنيسة المهد بالقدس عام 2002 في صفقة جرت بين السلطة الوطنية الفلسطينية والاحتلال الإسرائيلي، على أن يعودوا بعد عامين إلى ديارهم وهو ما لم يتحقق إلى الآن.
وقال كنعان إن إبعاد المعتقل البرق خارج وطنه " جريمة حرب " تتعارض مع اتفاقية جنيف الرابعة واجبة التطبيق في الأراضي الفلسطينيةالمحتلة والتي تحظر "النقل الجبري الجماعي أو الفردي للأشخاص المحميين أو نفيهم من الأراضي المحتلة إلي أراضي دولة الاحتلال أو إلي أراضي أي دولة أخرى، محتلة أو غير محتلة " .
الملاحقة والمحاسبة
أما الباحث المختص بشئون الأسرى الفلسطينيين عبد الناصر فروانة فاعتبر سياسة إبعاد الأسرى عن وطنهم "جريمة إنسانية" تستدعي الملاحقة والمحاسبة وفقا للقانون الدولي ، والعمل الدؤوب لضمان عودة المبعد إلى أهله وبيته مرة أخرى .
وقال فروانة إن الإبعاد أو النفي القسري وبغض النظر عن ظروفه ودوافعه وطريقته ومدته الزمنية، هو إجراء مرفوض وغير شرعي وغير قانوني ويتناقض مع كافة المواثيق والأعراف الدولية.
وقال فروانة إن إصرار سلطات الاحتلال الإسرائيلي على استمرار سياسية إبعاد أسرى الضفة الغربيةالمحتلة إلى قطاع غزة أو إلى خارج الأراضي الفلسطينية تحت ذرائع وحجج مختلفة يشكل جريمة ضد الإنسانية وعقابا فرديا وجماعيا لهم ولذويهم ، ويعكس استهتارها بحقوق المدنيين الفلسطينيين باعتبارها من أقسى العقوبات غير المشروعة.
ونبه فروانة إلى أن موافقة الأسير على الإبعاد لفترة زمنية محدودة أو مفتوحة ، وتحت أي ظرف من الظروف داخل حدود الوطن أو خارجه لا يمنحه الشرعية على الإطلاق حتى وإن نفذ ذلك في إطار اتفاق ثنائي ، معتبرا أن الموافقة على ما يخالف اتفاقية جنيف أمر غير قانوني بموجب القانون الدولي الإنساني.
من جانبها ، نددت جمعية " واعد للأسرى والمحررين " بقرار إبعاد الأسير الفلسطيني سامر البرق ، وقالت إن الاحتلال الإسرائيلي استنزف الأسير البرق وأوصله إلى مرحلة خطيرة جدا بحيث لن يكون بمقدوره العودة يوما لوضعه الصحي كما كان قبل الإضراب بسبب المخاطر الصحية العديدة التي تعرض لها خلال الأشهر المتواصلة من الإضراب عن الطعام.
ووصفت واعد قرار الإبعاد بأنه "جريمة مركبة "، مؤكدة أن قرار الإبعاد جاء بعد أن مورست عمليات ابتزاز مستمرة تعرض لها سامر البرق الذي ثبت حتى اللحظات الأخيرة في وجه آلة الحرب الإسرائيلية التي مارست كل أساليب النازية بحقه في الخفاء.
وكان الاحتلال الإسرائيلي قد أبعد الأسيرة المحررة هناء شلبي إلى قطاع غزة فى أبريل الماضي مقابل وقف إضرابها المفتوح عن الطعام الذي استمر 44 يوما .
كما أبعد الاحتلال 163 أسيرا محررا من الضفة الغربيةالمحتلة إلى قطاع غزة، و40 أسيرا من أبناء الضفة إلى خارج فلسطين في صفقة التبادل التي تمت بين الاحتلال الإسرائيلي وحركة حماس قبل عام .