ذكرنا الفنان الدكتور فاروق وهبة في معرضه الجديد الذي افتتح الأربعاء الماضي في قاعة "الهناجر" بدار الأوبرا المصرية بأعماله القديمة التي أنتجها منذ حوالي عشرون عاما، كما ضم المعرض أعمالا حديثه تناولت الحضارة القديمة بشكل عام، والتي أنتجها الفنان بأسلوب معاصر. افتتح المعرض الدكتور محمد صابر عرب وزير الثقافة، كما حضره عدد من الفنانين والمثقفين من بينهم د. شاكر عبد الحميد وزير الثقافة السابق، د. عماد أبو غازي وزير الثقافة الأسبق، الفنان د. صلاح المليجي رئيس قطاع الفنون التشكيلية، الفنان د. عبد الوهاب عبد المحسن، الفنان د. إبراهيم غزالة، د. أشرف رضا رئيس قطاع الفنون التشكيلية السابق، المخرج فهمي الخولي وهشام فرج وآخرين. وقرر الوزير أثناء الافتتاح أن يجوب المعرض محافظات مصر بداءً من الإسماعيلية، ثم بورسعيد، وبعدها الإسكندرية، وغيرها من المحافظات الأخرى. يعد الفنان فاروق وهبة من أهم الفنانين المصريين الذين تعاملوا مع فنون الميديا، وقاموا بالتجريب في أعمالهم الفنية، وله تاريخ طويل في هذا المجال؛ فهو من أبرع الفنانين المصريين الذين تناولوا خامات متنوعة في أعمالهم الفنية ليصلوا بإبداعهم للفكرة التي يريدوا تنفيذها بأسلوب حداثي. ود. وهبة يقدم في هذا المعرض نحو 35 عملاً فنيا، من بينها تجربته في بينالى "فينيسيا" الذي شارك فيه عام 1990، والذي قدم فيه أعمالا مستوحاة من كتاب "الموتى" الفرعوني، ورحلة الحياة بعد الموت؛ حيث تناول الفنان رحلة الإنسان في ثلاثة آلاف عاما عبر الزمن، في حوار تفاعلي بين الماضي والحاضر مبتكرا رؤى تعبيرية جديدة. أما عن تجربة الفنان الجديدة في المعرض، فتناول فيها "الكولاج" من خلال فنون الميديا المعاصرة التي تتواجد على الساحة الفنية، كما حملت الأعمال لغة من الحضارة الفرعونية القديمة، فإما أننا نشهد عناصر ورموز من الفن الفرعوني القديم تناوله الفنان وأعاد تشكيله من جديد على سطح اللوحة، مستخدما قصاصات من الورق أو القماش في تكوين بعض الأعمال. أو أننا نجد في بعض اللوحات كتابات هيروغليفية قديمة، تعبيرا عن الحياة والعقيدة المصرية القديمة. ومن أهم العناصر التي تناولها الفنان في أعماله الهرم، الرموز الفرعونية، المومياوات، التابوت، الأشخاص الفرعونية، والكتابات الفرعونية، مازجا على سطح لوحته بعض هذه العناصر فظهرت في انسجام وتناغم في بناء تشكيلي محكم. وتعليقا على المعرض قال الفنان: "عندما نبدع فنا لابد وأن نعمل من خلال الحضارة المصرية التي تعد أساس كل شيء عندنا في الفن، ومن خلالها نقوم بعمل حضارة حديثة نرجو أن تكون ضوء للمستقبل". والفنان فاروق وهبة اشتهر في وسط الفن التشكيلي بتقديم الجديد في الفن، وتشجيع الفنانين الشباب على التجريب وهذه الأنواع من الفنون التي لا تحظى في بعض الأحيان بإعجاب الفنانين الكبار باعتبارها فنون بعدت عن الفنون التشكيلية التقليدية كاللوحة والتمثال، لكن الفنان فاروق وهبة ضمن فنانين آخرين ليست كثيرين في مصر تناولوا التجريب في الفن ببراعة شديدة لم يختلف عليها أي من الفنانين أو نقاد الفن التشكيلي، فهو استطاع أن يصل لهذه الخبرة في تناول أعماله بعد أن مر بمراحل فنية عديدة، كانت أولها المرحلة الأكاديمية التي يجب أن يبدأ بها الفنان تاريخه؛ فوهبه رسم الموديل وأهتم بتفاصيله، كما تناول العديد من الأشخاص، وبرع في دراسة التشريح والجسد الإنساني والبورتريهات، بل واهتم أيضا بتصوير البيئة من حوله في أعماله الأولى، لكنه سرعان ما حاول تقديم الجديد والتجريب في إنتاج أعمالا تشكيلية جديدة، تحمل مصرية شديدة، وتربط بين القديم والحديث، فهي تعتمد على الحداثة في التناول والصياغة، واستغلال التاريخ المصري العريق في بناء فكرة العمل. والمعرض في مجملة بمثابة حكاية جميلة ألفها الفنان فاروق وهبة بين ماضي وحاضر الإنسان المصري، دلت على أصالته ومدى ارتباطه وتأثره بالفن المصري القديم، الذي يعد منارة الفنون عند شعوب العالم المختلفة.