تعزيز الشراكة الإستراتيجية مع الصين سيخفف اعتماد مصر على الولاياتالمتحدة والدول الغربية يعد الملتقى المصرى الصيني الحدث العالمى الأبرز اليوم على الصعيد الاقتصادي والسياسي حيث يسهم في تعميق التعاون الاقتصادي بين الجانبين وفرصة لترسيخ قاعدة التنين الصيني بأسواق المنطقة عبر مصر بوابة الشرق وإفريقيا، ويعتقد أن هذه الشراكة ستخفف من اعتماد مصر على الولاياتالمتحدة والدول الغربية الأخرى.
وفى هذا الإطار وقع الرئيس محمد مرسي ونظيره الصيني هو جين تاو اتفاقًا في مجالات التعاون الاقتصادي والفني، حول تقديم الصين منحة لا ترد بقيمة تبلغ 450 مليون يوان، لإقامة مشروعات مشتركة، في مجالات البنية التحتية والكهرباء والبيئة.
وشهد الرئيسان توقيع عدة اتفاقات ثنائية، تشمل مجالات التعاون المشترك الاقتصادية والتجارية ودفع الاستثمارات المشتركة بين البلدين، جاء ذلك عقب مباحثات ثنائية بينهما، اليوم الثلاثاء، بقاعة الشعب الكبرى بالعاصمة الصينية بكين.
كما تم التوقيع على اتفاقية إطارية، بين البنك الوطني للتنمية الصيني ووزارة البحث العلمي في مصر، حول التعاون في مجال التخطيط والاستشارات.
ويعتقد خبراء صينيون ان زيارة مرسي للصين ستعمل على تعزيز التعاون الاقتصادي الثنائي لإنعاش اقتصاد البلاد المتعثر بعد الثورة وتعكس مؤشرا على رغبة السياسة الخارجية المصرية فى ان تكون أكثر توازنا.
وفى الوقت نفسه، تشكل الزيارة بالنسبة للصين فرصة نادرة لتعميق الصداقة والتعاون مع مصر خاصة والدول العربية عامة فى المستقبل.
وقال تشو شينغ، مدير معهد الصين للدراسات الدولية، ان الإدارات الحكومية المصرية تدرك أهمية العلاقات المصرية والصينية وتتابع مصر دائما التنمية الاقتصادية السريعة للصين وثقلها ودورها المهم في الشؤون الدولية والمنظمات الاقتصادية العالمية مثل البنك الدولي وصندوق النقد الدولي، وكذلك آفاق تنميتها في المستقبل.
وأكد تشو شينغ ان دبلوماسية كل بلد يجب ان تكرس في الحقيقة لخدمة الشؤون الداخلية. ولا شك أن نظام مرسي في الواقع يواجه صعوبات عديدة، والأولوية الأولى هى كيفية انعاش الاقتصاد بعد الاضطرابات السياسية منذ العام الماضي .وتستطيع الصين فى هذا الشأن أن تمد يد العون لمصر لدفع الانتعاش الاقتصادي من خلال تقديم المساعدات المالية وتوسيع الاستثمارات.
وكانت الصين قررت في أبريل الماضى تقديم 90 مليون يوان ( 14.16 مليون دولار أمريكي) من المساعدات لمصر، في حين ارتفعت استثماراتها في مصر في العام الماضي إلى 80 مليون دولار بزيادة 60 في المائة عن عام 2010.
واضاف تشو بقوله " ليس مستغربا ان نجد زيادة الاستثمارات الصينية لمصر على رأس جدول أعمال الزيارة من الوفد المصري الكبير المصاحب للرئيس مرسى كما ان الصين تعد السوق الاستهلاكية الضخمة في العالم ومن الأسواق الواعدة للسياحة المصرية، وتبحث مصر زيادة أعداد السائحين الصينيين".
وقد استبق وفد مصرى رفيع المستوى ضم 7 وزراء و80 رجل أعمال زيارة مرسي الى الصين فى أول مرة يتم فيها تشكيل وفد بهذا المستوى الواسع من التمثيل.
ولن يتوقف مرسى فى الصين فقط بل سيواصل جولته الى ايران لحضور قمة عدم الانحياز وزيارة دول اخرى فى وقت لاحق من بينها الولاياتالمتحدة والبرازيل وماليزيا. ويرى دونغ مان يوان، نائب مدير معهد الصين للدراسات الدولية، ان هذا الترتيب يعكس رغبة القاهرة فى صياغة علاقات دبلوماسية متوازنة برؤى جديدة.
وتحاول إيران في السنوات الأخيرة توسيع تأثيرها في منطقة الشرق الأوسط وترغب مصر الآن فى اعادة بناء الأمة والعودة الى مكانتها في المنطقة وحضور مرسي قمة عدم الإنحياز في طهران يصب فى صالح الدولتين، بحسب قوله.
واضاف دونغ مان يوان ان "الولاياتالمتحدة نشطت للغاية في دفع تغيير الأنظمة في غرب آسيا وشمال آفريقيا، وتواجه هذه البلدان الآن مهمات شاقة متمثلة في الانتعاش الاقتصادي، ولم تفعل الولاياتالمتحدة إلا القليل لمساعدة الدول في هذا المجال .على سبيل المثال، وعدت الولاياتالمتحدةتونس ومصر فقط بتخفيف عبء الديون السابقة وبمساعدات اقتصادية تقدر بحوالى مليار دولار على سنوات وبشروط اضافية .وكل هذا ليس كافيا بالنسبة لمصر وتونس".
وأشار دونغ مان يوان إلى ان "تعزيز الشراكة الإستراتيجية مع الصين سيخفف اعتماد مصر على الولاياتالمتحدة والدول الغربية الأخرى"، مؤكدا ان اهتمام الرئيس مرسي بزيارته إلى الصين يعكس صواب السياسة الخارجية الصينية منذ اندلاع الاضطرابات في غرب آسيا وشمال آفريقيا نهاية عام 2010، ويثبت ايضا ان الصين تلتزم بمبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى وانها جديرة بالثقة . يذكر أن الملتقى المصري الصينى حدث اقتصادي هام يهدف إلى دفع وتنشيط العلاقات الاقتصادية والتجارية والاستثمارية والتكنولوجية بين البلدين. ويتطلع مجتمع الأعمال من الجانبين إلى تحقيق نتائج ايجابية بزيارة الرئيس المصري لصالح الشعبين الصديقين إضافة إلى الاستفادة من هذه الزيارة لتكون نقطة انطلاق لمرحلة جديدة للتعاون الاقتصادي البناء على كافة الأصعدة والمجالات الاقتصادية والاستثمارية. ووصف حسن مالك رئيس لجنة تواصل ورئيس جمعية "ابدأ" في كلمة ألقاها خلال حفل العشاء تجمع رجال الأعمال المصريين والصينيين بحدث تاريخي بين دولتين لهما تاريخ عظيم وطويل يمتد لآلاف الأعوام خاصة بعد التغيير الذي تحقق في مصر والدعم السياسي الكامل لمؤسسات رجال الأعمال لتحقيق مستويات غير مسبوقة ولم تحقق في السنوات الماضية،وأكد حسن مالك أن البعثة تسعى إلى زيادة حجم الاستثمارات الصينية في مصر إلى 3 مليارات دولار خلال العام الحالي. وقال ضياء عفيفي عضو منتدب لشركة النساجون الشرقيون المصرية في تيانجينغ أن زيارة الرئيس المصري محمد مرسي إلى الصين دفعة قوية للتعاون بين البدين وتعمل على تعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري وتنشيط التبادل التجاري الذي يعود بالمنافع المتبادلة بين الشعبين الصديقين. ودعا الدكتور جلال عثمان، رئيس الجمعية المصرية لطاقة الرياح مصر إلى الاستفادة من الخبرة الصينية في مجال الطاقة.وشدد جلال عثمان على ضرورة رفع مصر للدعم عن الوقود ،وتربية كفاءات من الجامعات أو التعليم أو البحث العلمي أو الصناعة في الطاقات المتجددة لكي يمكن الانتقال إلى العصر الجديد للطاقة المتجددة . ويأمل رجل الأعمال المصري عباس عبد المنعم صاحب شركة أوبيل للتجارة الدولية المحدودة في الصين من زيارة الرئيس مرسي أن يشجع الاستثمارات بما يخدم رجال الأعمال الناشئين وأن يسمح بفتح مزيد من البنوك المشتركة بين البلدين لتسهيل مزيد من الاعتمادات الميسرة لخدمة قطاع التجارة الدولية. وأضاف، أن نقل الخبرات الصينية لمصر خاصة في مجال تقنيات الطاقة يساهم في تطوير التجارة الصينية المصرية. وأكد السيد ليو شنغ يان، مدير مركز البحوث وراء البحار لشركة هندسة البناء الصينية المساهمة المحدودة التي تحملت بناء مركز القاهرة الدولي للمؤتمرات، على أن العلاقات التجارية بين الصين والدول العربية مستمرة في الاتجاه الأفضل والأعمق، وأن الشركة سوف تواصل استثماراتها في مصر والدول العربية الأخرى، بالرغم من الأزمة المالية العالمية والاضطرابات التي تشهدها بعض الدول العربية. ويعتقد السيد وي جيان تشينغ، المدير العام التنفيذي لشركة تيدا الصينية للاستثمار، أن هناك إمكانيات كبيرة في سوق الطاقة الجديدة في مصر، وإن الشركة تخطط لبناء مصنع توليد الكهرباء بطاقة الرياح باستثمار نحو 900 مليون دولار أمريكي، بالإضافة إلى المشروع التي تمتلكه الشركة في منطقة السويس للتعاون الاقتصادي والتجاري في مصر، وتبلغ المساحة المخططة 7 كيلومترات، وقد تم بناء منطقة الانطلاق التي تبلغ مساحتها 1.34 كيلومتر. وأكد السيد وي جيان تشينغ على أن الوضع الأمني في مصر في تحسن مستمر بعد تولى محمد مرسي منصب رئاسة مصر، وإنه واثق بمستقبل مشرق لمصر. وقال السيد وانغ باو تشن، الرئيس التنفيذي لشركة تونغ جيوي للاستثمار،أن مصر دولة ذات حضارة عريقة، وأن لديه نية في الاستثمار في مجال السياحة في مصر. ويعتقد أن هناك فضاء كبير لتنمية التجارة بين البلدين، وأن إنشاء مدينة تجارية من أساليب التعاون الجيدة.