(رويترز) - حصل الرئيس السوري بشار الأسد على تعهد بتأييده يوم الثلاثاء من إيران حليفه الإقليمي فيما تحاول قواته الإطباق على المعارضة في مدينة حلب بشمال البلاد. ويسعى الأسد لاستعادة سلطته بعد أن مني بأفدح انتكاسات حتى الآن في الانتفاضة التي تفجرت منذ 17 شهرا بلغت ذروتها بانشقاق رئيس وزرائه يوم الاثنين وعرض التلفزيون لقطات للأسد وهو يجتمع مع مسؤول إيراني رفيع.
وكانت هذه أول لقطات تلفزيونية تذاع للرئيس البالغ من العمر 46 عاما منذ أسبوعين وجاءت بعد يوم من عرض لقطات لرئيس الوزراء المؤقت الجديد يرأس جلسة لمجلس الوزراء عقدت على عجل ربما لدحض تقارير بأن وزراء آخرين انشقوا مع رئيس الوزراء رياض حجاب.
وقال سعيد جليلي أمين المجلس الأعلى للأمن القومي في إيران أن إيران لن تسمح بأن تهتز شراكتها الوثيقة مع القيادة السورية نتيجة للانتفاضة أو بفعل أعداء خارجيين.
ونقل التلفزيون السوري عن جليلي قوله "إيران لن تسمح بأن ينكسر بأي طريقة محور المقاومة الذي تعتبر سوريا جزءا أساسيا منه."
ويشير "محور المقاومة" إلى تحالف إيران مع سوريا وحزب الله اللبناني الذي خاض حربا استمرت شهرا ضد إسرائيل في عام 2006 بدعم سوري وإيراني.
وتنسب دمشق وطهران المسؤولية في إراقة الدماء في سوريا إلى السعودية وقطر وتركيا من خلال دعمها للمعارضة وأغلبها من السنة. وتتعاطف القوى الغربية مع المعارضين لكنها تخشى أن يستفيد إسلاميون سنة معادون للغرب من انتصار القوى المعارضة للأسد.
وقالت وكالة أنباء فارس الإيرانية أن جليلي ابلغ الأسد بأن إيران مستعدة لتقديم مساعدات إنسانية لسوريا.
وخلال زيارة لتركيا قال وزير الخارجية الإيراني علي اكبر صالحي انه يريد العمل مع أنقرة لحل الأزمة.
كما عبرت إيران عن قلقها بشأن مصير أكثر من 40 إيرانيا تقول أنهم زائرون خطفهم المعارضون من حافلة في دمشق أثناء زيارة مزارات شيعية.
وقال المعارضون أنهم يشتبهون في أن الأشخاص المخطوفين جنود أرسلوا لمساعدة الأسد. وقال متحدث باسم المعارضة في منطقة دمشق أمس الاثنين أن ثلاثة من الإيرانيين قتلوا في قصف حكومي. وقال في البداية أن الباقين سيعدمون إذا لم يتوقف القصف لكنه قال في وقت لاحق انه يجري استجوابهم.
وحذرت وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون دون أن تذكر إيران أو القوى السنية بالاسم من الانزلاق إلى "حرب طائفية" وقالت أن واشنطن لن تسمح "بإرسال عملاء أو مقاتلين إرهابيين" لاستغلال الصراع في سوريا.
وفي حلب قال مقاتلو المعارضة الذين يحاولون صد هجوم للجيش إن ذخيرتهم قاربت على النفاد بعد أن حاولت قوات الأسد محاصرة معقلهم عند المداخل الجنوبية لأكبر مدينة سورية.
وعزز الأسد قواته استعدادا لشن هجوم لاستعادة مناطق يسيطر عليها المعارضون في حلب بعدما أخرج المعارضين من معظم أجزاء دمشق.
وقال الشيخ توفيق وهو من قيادات المعارضين "يحاول الجيش السوري محاصرتنا من ناحيتين في صلاح الدين" في إشارة إلى حي بجنوب غرب حلب شهد قتالا عنيفا على مدى الأسبوع الأخير.
وانفجرت قذائف مورتر وقذائف دبابات في شتى أنحاء الحي في وقت مبكر اليوم مما أجبر المقاتلين المعارضين على الاحتماء بمبان متداعية وأزقة يتناثر فيها الحطام.
ودخلت دبابات أجزاء من صلاح الدين وانتشر القناصة التابعون للجيش تحت غطاء القصف الكثيف فوق أسطح المنازل وحدوا من قدرة مقاتلي المعارضة على الحركة.
وقال أبو علي وهو قيادي آخر لقوات المعارضة إن القناصة في الساحة الرئيسية بصلاح الدين يمنعون المعارضين من جلب تعزيزات وإمدادات. وأضاف أن خمسة من مقاتليه قتلوا أمس وأصيب 20 آخرون.
لكن المقاتلين قالوا إنهم ما زالوا يسيطرون على الشوارع الرئيسية في صلاح الدين.
وقال ناشط في حلب إن طائرة مقاتلة قصفت أهدافا في الأحياء الشرقية للمدينة وإن دوي قصف مدفعي سمع في الصباح الباكر.
وأضاف "يعتقد أن أفراد عائلتين تضمان زهاء 14 شخصا قتلوا عندما سقطت قذيفة على منزلهم وانهار هذا الصباح." وقال إن المنزل يبعد شارعا واحدا عن مدرسة يستخدمها مقاتلو المعارضة قاعدة لهم.
وبينما تقاتل قوات الأسد لاستعادة السيطرة على حلب استمر القتال في أنحاء البلاد. وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان الذي يراقب العنف ان أكثر من 270 شخصا بينهم 62 جنديا قتلوا في سوريا يوم الاثنين وهو واحد من أعلى أعداد القتلى في يوم واحد في الانتفاضة التي يقدر ناشطون عدد قتلاها بما لا يقل عن 18 ألف شخص.
وقال المرصد أن 64 من بين الذين قتلوا يوم الاثنين لاقوا حتفهم في حلب المدينة والمحافظة.
وتعرض الأسد لسلسلة انتكاسات في الأسابيع الثلاثة الأخيرة كان من أبرزها التفجير الذي قتل أربعة من المقربين منه ومكاسب المعارضة في حلب وعند معابر حدودية ولفترة قصيرة في دمشق وفرار رئيس وزرائه رياض حجاب أمس الاثنين.
وانشق حجاب منددا "بالنظام الإرهابي" للأسد بعد فراره من البلاد.
وينتمي حجاب للأغلبية السنية في سوريا مثله مثل غالبية المعارضين وكان انشقاقه يوم الاثنين كأبرز مسؤول مدني ينشق عن النظام ضربة رمزية قوية لمؤسسة حاكمة تزداد عزلة وتتمحور حول نواة من المسؤولين من الأقلية العلوية التي ينتمي إليها الرئيس.
وتحدثت شخصيات من المعارضة عن عملية واسعة خطط لها منذ فترة طويلة لتهريب حجاب وعائلته عبر الحدود الأردنية.
وأشاد متحدث باسم الرئيس الأمريكي باراك اوباما بانشقاق حجاب بصفته علامة على أن حكم عائلة الأسد المستمر منذ 40 عاما "ينهار من الداخل" وطالب الأسد بالتنحي.
ولم تتحقق حتى الآن تكهنات الزعماء الغربيين المتكررة بقرب انهيار النظام وبدت سابقة لأوانها.
وتتمتع القوات السورية بتفوق كبير في قوة النيران وظفته في مواجهة مقاتلي المعارضة ذوي التسليح الخفيف.
وكان انشقاق حجاب أحدث علامة على تخلي السنة عن الأسد لكن لم تبد أي علامة بعد تشير إلى أن أفراد الدائرة الضيقة المحيطة به وأغلبهم من الأقلية العلوية بدئوا يفقدون إرادة القتال.