أضفت فرقة "تيناروين" المالية الطوارقية على الليلة الاخيرة من مهرجان بيبلوس الفني اللبناني، نكهة افريقية، مختلفة شكلا ومضمونا موسيقيا، عما قدمته هذه السنة المهرجانات الفنية اللبنانية. ومع ان كلمة "تيناروين" تعني "الاماكن المقفرة"، لم يكن موقع الحفلة مقفرا على الإطلاق، اذ حضر جمهور متعدد الجنسية والعمر، ولم تعق اللغة الامازيغية التي تغني بها الفرقة، تفاعل الحضور معها. وبدا اعضاء الفرقة الستة الملثمون على النمط الطوارقي التقليدي، وهم يحملون آلات الجيتار الكهربائية، اشبه بنجوم الروك ولكن من طراز اخر، واستحسن الجمهور الموسيقى ذات الهوية الخاصة التي قدمتها الفرقة بمزجها بين ألحان الجيتار الكهربائي وانغام الطبلة الافريقية. وعلى المسرح العائم في المرفأ الأثري لمدينة جبيل (شمال بيروت)، انشدت الفرقة الطوارقية الاتية من دولة مالي، نحو 22 اغنية متفاوتة الايقاع، لا تقل فيها الكلمات أهمية عن الموسيقى، ويحضر فيها على نحو لافت، الشعر الذي يعكس بيئة أفراد الفرقة وواقعهم الاجتماعي القاسي. وبدت أغنيات الفرقة قريبة من مزاج البلوز الاميركي بحساسيتها ومواضيعها، تحمل تجربة انسانية، علما أن هذا الدمج ما بين البلوز والحان الطوارق الصحراوية ساهم في الشهرة العالمية لهذه الفرقة. وقدمت "تيناروين" اغنيات حب واخرى وطنية تناولت فيها الشهداء الذين سقطوا ضحايا الحروب . وانشد انتيدو احد افراد الفرقة، اغنية ايقاعها سريع عنوانها "كل تيناوين". وحصدت اغنية قدمها حسن وهو عضو اخر في الفرقة، عنوانها "تماتنت" تصفيقا حارا. وكذلك تفاعل الجمهور مع اغنية راب مطعمة بكلمات فرنسية، تتردد فيها عبارة "ان الحياة هي هكذا". وقدم عبدالله احد مغني الفرقة، اربع اغنيات من سجل الفرقة التي نالت جائزة غرامي عن فئة افضل موسيقى عالمية لسنة 2012. ومرارا، وبين اغنية واخرى، كان عبدالله، يتوجه الى الحاضرين قائلا بالعربية "الله يعطيكم الصحة"، شاكرا وزملاءه "الساحة"، اي الجمهور، على تفاعله . وبالفرنسية، امل انتيدو، ان تنسي اغنيات الفرقة الحاضرين همومهم الصغيرة. وقال ثالث "حرية حرية حرية". وتعتبر فرقة تيناروين من اشهر فرق الطوارق، وعرف اعضاؤها ب"الموسيقيين الجنود"، إذ كانوا يحملون البندقية في يد والغيتار على ظهرهم. وشاركوا في العام 1990، في ثورة الطوارق في شمال مالي والنيجر، وسجلوا اغنيات ساهمت في قضية الطوارق، وعكست الواقع الاجتماعي غير المستقر للشباب. وفي سجل الفرقة خمس اسطوانات اولها "راديو تيسداس" واخرها "تاسيلي"، التي تتميز بقيمة صوتية ولحنية عالية استعانوا لانجازها بفنانين اميركيين وسجلوها في وسط الصحراء. ونال البومهم "امان ايمان" في 2007 و"ايميديوان" في 2009 اطراءات كبار المغنيين العالميين من بينهم كارلوس سانتانا الذي شاركوه الاطلالة في مهرجان مونترو في العام 2006.