نيقوسيا : في اليوم الثالث والأخير من زيارته إلى قبرص ، حذر بابا الفاتيكان بينديكت السادس عشر من اختفاء المسيحيين في الشرق الأوسط . وكان البابا ترأس الأحد قداسا في ملعب رياضي في نيقوسيا شارك فيه نحو عشرة آلاف شخص وسلم في نهايته بطاركة الشرق الكاثوليك وثيقة عمل تتضمن نقاطا أساسية حول وضع المسيحيين في الشرق الأوسط وعلاقتهم بمحيطهم. وستناقش هذه الوثيقة التي تحمل اسم "آلية العمل" في كافة الابرشيات المسيحية لتعرض على "المجمع من أجل الشرق الأوسط" الذي سيعقد في روما في تشرين الاول/ اكتوبر بحضور بطاركة الشرق على أن يصدر في ختام أعماله "ارشاد رسولي" يتضمن النص النهائي حول وضع المسيحيين في الشرق الأوسط. ووفقا للوثيقة ، فإن البابا شدد على تداعيات الصراع العربي / الإسرائيلي على وضع المسيحيين في الشرق الأوسط المهددين ب"الاختفاء" بسبب نزيف الهجرة المتواصلة. وأضاف " أكرر دعوتي الشخصية للقيام بجهود دولية وعاجلة لحل التوترات الحالية في الشرق الأوسط وخصوصا في الارض المقدسة قبل أن تدفع هذه النزاعات نحو مآس أكبر". وتابع أن الصراعات السياسية القائمة في المنطقة تؤثر تأثيرا مباشرا على حياة المسيحيين بصفتهم مواطنين كما بصفتهم مسيحيين مما يجعل وضعهم بشكل خاص هشا وغير مستقر. وتطرقت الوثيقة إلى الاحتلال الإسرائيلي للاراضي الفلسطينية الذي يجعل الحياة اليومية صعبة للفلسطينيين وانتقدت بعض الجماعات الاصولية المسيحية التي تبرر الظلم السياسي الواقع على الفلسطينيين استنادا إلى الكتاب المقدس مما يجعل وضع المسيحيين العرب أكثر حرجا. ولم تخف الوثيقة قلقها الشديد على مستقبل المسيحيين، فشددت على انهم مواطنون أصليون ينتمون حقا وقانونا إلى النسيج الاجتماعي وإلى الهوية ذاتها لبلادهم الخاصة واعتبرت أن اختفاءهم سيكون خسارة للتعددية التي ميزت بلاد الشرق الاوسط وغياب الصوت المسيحي سيسبب افقار المجتمعات الشرق اوسطية. وتطرقت الوثيقة إلى العلاقة مع المسلمين الذين تنظر اليهم الكنيسة بتقدير، قائلة :" نحن بصفتنا مواطنين لبلد واحد وطن واحد نتقاسم اللغة نفسها والثقافة عينها كما افراح بلداننا وآلامها". واعتبرت بالمقابل أن ما أسمتها "التيارات المتطرفة الإسلامية" تشكل تهديدا للجميع المسيحيين واليهود والمسلمين وينبغي على الجميع مواجهتها. وأظهرت الوثيقة في هذا الصدد مخاوفها حيال أوضاع الطوائف المسيحية في المنطقة بسبب ما تم وصفه ب"الثيوقراطية الإسلامية" وسيطرة الأفكار الدينية على الطبقات السياسية الحاكمة. وجاء في الوثيقة التي سيناقشها كبار قادة الكنائس في الشرق الأوسط أن دول المنطقة باستثناء تركيا تعتبر الإسلام مصدراً أساسياً للتشريع ، الأمر الذي يحرم المسيحيين من حقوق الأساسية . وتابعت قائلة :" إن القوى المتشددة التي ترفع شعار الإسلام هو الحل لا تتردد في الاتجاه نحو العنف " ، محملة المسلمين مسئولية "العلاقات الصعبة" مع المسيحيين بسبب إصرارهم على عدم فصل الدين عن الدولة. ومن جانبها ، ذكرت صحيفة "القدس العربي" اللندنية أن البطريرك الماروني اللبناني نصر الله صفير الذي كان في عداد بطاركة الشرق قال إن الوثيقة موجهة إلى المسيحيين وتدعوهم لرص الصفوف ليبقوا في أماكنهم وأكد ان الصراع العربي الإسرائيلي يؤثر سلبا على مسيحيي الشرق لان حالات النزاع وعدم الوفاق والخروج على القوانين تدفع المسيحيين أكثر فأكثر إلى الهجرة.