يقول النبي صلى الله عليه وسلم "كُلُّكُمْ رَاعٍ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ ، فَالإِمَامُ رَاعٍ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ ، وَالرَّجُلُ فِى أَهْلِهِ رَاعٍ وَهْوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ ، وَالْمَرْأَةُ فِى بَيْتِ زَوْجِهَا رَاعِيَةٌ وَهْىَ مَسْئُولَةٌ عَنْ رَعِيَّتِهَا ، وَالْخَادِمُ فِى مَالِ سَيِّدِهِ رَاعٍ وَهْوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ" إلا أننا نشاهد اليوم داخل الأسر المسلمة نموذج لأطفال بلا رعية، يدخلون ساحات العمل منذ نعومة أظافرهم، علي الرغم من أنهم أحباب الله ومن منا لا يتمني أن يكون أب أو أم ، تري هل يتفق هذا الحال مع ما أمرنا به الله ورسوله؟. سؤال يطرح نفسه ويطرحه البعض أين أطفالنا اليوم؟، بلا شك إننا نعيش ظاهرة غريبة نراها في سلوكيات الأطفال من إدمان وسرقات وتشرد، أطفال في مقتبل العمر يعملون في كل المجالات خاصة الحرفية التي تتناسب مع سنهم بل يصل الأمر إلي أكبر من ذلك بالعمل في مجال فوق طاقتهم مما يهدد حياتهم بالخطر وهذا ما نخشاه . ويعود السبب في أن بعض الأطفال يعملون في سن صغير إلي قلة دخل الأسرة وزيادة عددها مما يضطر الأب إلي أن يجعل ابنه يعمل في سن صغير لكي يدير عليه دخل مادي من أجل مساعدته في المعيشة الحياتية التي تتطلبها الأسرة، وبالتالي يؤدي إلي حرمان الأطفال من طفولتهم التي هي أولي حقوقهم. وقد أجريت دراسات في أن عمل الأطفال يهدد حياة الأمم ويجعلها تتخلف وتتأخر ويؤدي بها إلي الاضمحلال خاصة أن هؤلاء الأطفال يعملون في مقتبل العمر، ليدل أن هناك تقاعس من الدولة تجاه رعاية هؤلاء الأطفال، بل من المفترض أن ترعاهم الدولة لكي تنهض الأمة وتتقدم. وفي تقرير لمنظمة العمل الدولية جاء فيه إنه لا تمر دقيقة واحدة في اليوم إلا ويعاني منها طفل من إصابة أو صدمة نفسية كبيرة، وجاء في التقرير أيضا أن حوالي 215 مليون طفل في العالم يعملون في مهن خطيرة ومختلفة منهم 127 مليون من الذكور، و88 مليون من الإناث . وفي إطار جهود مناهضة عمالة الأطفال حثت منظمة العمل الدولية إلي اتخاذ إجراءات عاجلة لوقف عمل الأطفال في المجالات الضارة. وكشف التقرير أن 115 مليون طفل يعملون في مجالات مختلفة وخطيرة وهو ما يمثل أكثر من نصف أعداد أطفال العالم يمتهنون مهن خطيرة ومختلفة في مجالات البناء والزراعة والصناعة وغيرها من المجالات الأخري . وأشار التقرير الذي أعدته منظمة العمل الدولية إلي أن إصابات وحوادث الموت المتصلة بالعمل ترتفع بين الأطفال مقارنة بالبالغين مما يعيق تطورهم وتقدمهم خاصة إنهم في فترة نمو وفي حاجة إلي التحفيز العقلي والنفسي والاجتماعي. ويقول الدكتور أحمد يحي عبد الحميد أستاذ علم الاجتماع بجامعة السويس أن عمالة الأطفال منتشرة في العالم كله وخاصة الدول النامية والفقيرة بسبب تدني الحالة المعيشية وانخفاض مستوي المعيشة وقلة الدخل وزيادة عدد الأسرة وأيضا المناطق العشوائية التي بها عدد كبير من الأطفال . وحمل الدكتور عبد الحميد الدولة التي يعمل بها أطفال المسئولية عن ذلك قائلا "إن سوء إدارة الدولة والمجتمع للأطفال واستثمار إمكانياتهم وعدم رعايتهم رعاية صحيحة وسوء معاملتهم أمنيا يزيد المشكل تعقيدا ويتسبب في ذلك". وهنا إذ نؤكد أن أي أمة لا تنهض إلا برعاية أبنائها وخاصة الأطفال لأن الأمن القومي لآي دولة يبدأ من الطفولة وأن المجتمعات التي تريد أن تنهض يجب أن ترعي أبنائها وخاصة هذه الفئة وأن تمنحهم المزايا التي يحتاجونها. كما لا تقبل الدولة عمالة أي طفل قبل حصوله علي المرحلة التعليمة المناسبة وإصدار القوانين واللوائح التي تحمي حقوق هؤلاء الأطفال، ولا يقتصر الأمر عند مجرد إصدار القوانين ولكن تفعيلها وإيجاد الحلول العلمية لها والمجتمعية لهذه القضية. وأشير هنا إلي الفكر السياسي الشهير الذي يقول أن الأمة التي لا تتعلم من التاريخ حق عليها أن تستعبد وأن تتسلط عليها الأمم .