منذ عهود طويلة ومسلمو ميانمار يستغيثون بمسلمي العالم لنجدتهم ،ولاحياة لمن تنادي ،صحوة الألم والمرارة علي ما يتعرضون له يوميا استشعرها المواطنون العاديون في جميع البلاد الذين لا يملكون إلا احتجاجات ومظاهرات لاتجدي فعليا، إلا أن الحكومات التي بيدها الفعل سلبت منها العزيمة والمسئولية وتغافلوا عن نجدتهم ،فلم يجدوا غير قلم رخيص يخطون به بيانا ينددون فيه بالقسوة والعنف الطائفي من قبل الجيش الماغي الكافر ،ويا فرحتهم بهذه البيانات النافذة العاطفة ،تري إذا سأل الله هؤلاء الحكام ماذا فعلتم لنصرة دينكم وإخوانكم؟، سيقولون أصدرنا بيان نفاق نندد فيه إهانة إخواننا، أم يقولون "شغلتنا أموالنا وأنفسنا"؟!. عندما بدأت المجازر من قبائل الماغ البوذية منذ بداية احتلالها لإقليم أراكان المسلم، اتخذت الاعتداءات شكل الحروب والاحتلال فاهتم بها الإعلام بداية ناقلا الصورة، ثم أهملها فانشغل الناس عنها ،ولم يهتم أحد المسئولين الدوليين أو منظمات حقوق الإنسان والمحاكم الدولية، بل والعالم أجمع ،إذ أنه أقليم محتل وليس بيديه ما يدافع به عن نفسه ،فلماذا ندافع عنه؟!
ولكن منذ أن اتضحت نية الإبادة الجماعية لمسلمي أراكان مؤخرا وبعد فناء غالبيتهم، خرجت دعوات بالإغاثة الفورية لهم ومطالبات لحمايتهم من التهجير من أرضهم ،وتسارعت المؤسسات الدينية والدول العربية في إصدار بيانات شجب وتنديد ونذكر منها في مصر الأزهر ودار الإفتاء المصرية.
ولكن يا ترى هل توقف سيل الدماء واستقر حال المسلمين؟، ليست المظاهرات والاحتجاجات هي الحل يا بلاد الإسلام، وليست البيانات الرافضة وسيلة للعون ، إنما عمل من تولوا زمام المسئولية والحكم أن يباشروا دورهم تجاه القضية بكل حزم واجتهاد واصرار، إذ أن الدفاع هنا عن الدين ككل وليس عن طائفة بعينها.
ونتساءل ،أين المحاكمات الدولية لهؤلاء المجرمين علي ما ارتكبوه وما زالوا من انتهاكات هي للأسف من أولويات المؤسسات الحقوقية التي تدعي الدفاع عن الإنسانية؟ .
يقول الدكتور عبد المعطي بيومي في تصريحات خاصة بمحيط "الأحداث التي تجري في بلدان العالم من بورما وسوريا وغيرها ، إنما تكشف عن نفاق وادعاء الدول الغربية التي تدافع عن حقوق الإنسان، فكان من المتوقع أن يتخذ مجلس الأمن الدولي قرارات لنجدة البشرية التي تتساقط ، ويتدخل فورا حتى يثبتوا مصداقية ما يزعموه من الدفاع عن حقوق الإنسان".
وبعيدا عن الأمنيات والتحليلات غير المجدية، نريد أن نتوصل إلي بعض الحلول الفعلية علي أرض الواقع لعلها تكون مفتاحا لنجدة هؤلاء المظلومين ،وسببا لرضاء الله تعالي عن الدول الاسلامية الغافلة.
فقد نظمت بعض الدول العربية احتجاجات أمام سفارات بورما لديها مطالبة بطرد السفير البورمي وغلق السفارة وهذا التصرف هو الأنسب حاليا ولاسيما في الدول الرائدة ومنها مصر، ولا نتوقف عند حد الوقوف أمام السفارة بالزمالك كما حدث منذ أيام، إنما علي الحكومة طرد السفير وإغلاق السفارة وقطع العلاقات التبادلية مع دولة الكفر هذه.
وفي لفتة جيدة ، رأت بعض القيادات الكويتية إصدار بيان استنكار ضد مايحدث في ميانمار، وإرساله للحكومة البورمية مع سفيرها الذي رفض تسلمه ، ونحن إذ نناشد أن يتكرر الموقف هذا من جميع الدول العربية والإسلامية حتى يتوحد موقفنا تجاه القضية فنرغم الدولة البورمية علي الإذعان لصوت العقل.
ونريد أن نؤكد أن الدور المنتظر الآن هو دور رؤساء الدول الإسلامية وأولها مصر، بأن يتخذ الرئيس المنتخب محمد مرسي بالاتفاق الموحد بين جميع رؤساء الدول الإسلامية، ما من شأنه وضع حد لإهانة وإبادة المسلمين مثل إغلاق السفارة البوذية ومقاطعة سفارات الدول المساندة والداعمة للسلطات البوذية وأشهرها الصين وحلف الأطلسي ، والضغط علي الولاياتالمتحدة لإرسال لجنة قضائية للتحقيق مع هؤلاء المجرمين ، ومن ثم إصدار المحكمة الدولية عقوبات مشددة تجاههم بتهمة انتهاك حقوق الإنسان وإبادة المسلمين والعنف الطائفي.
ولابد أن يتحرك الضمير العالمي لنجدة من تبقي حيا حتى الآن من الذين تمكنوا من الفرار إلي بنجلاديش ، فإن حياتهم مزرية، حيث إنهم يحتشدون في منطقة تكيناف داخل مخيمات مبنية من العشب والأوراق وسط بيئة ملوثة ومستنقعات تحمل الكثير من الأمراض مثل الملاريا والكوليرا والإسهال.
وننوه هنا إلي أن نية تقديم المساعدات المادية لمسلمي بورما إنما هي محاولة لخدمة السلطات البوذية التي تسيطر علي جميع موارد الدولة ولا يصل إلي المسلمين فيها إلا النذر القليل أو المعدوم –إن جاز التعبير- ، إنما من يحتاج بالفعل إلي المؤن والماء ،هم من أراد الله لهم النجاة في بنجلاديش من عذاب الماغ ليقعوا في عذاب المرض والجوع، فهم الآن يصرخون جوعا ومرضا وفقرا، لذا علي جميع الدول والمنظمات سرعة نجدتهم مع إيجاد وسائل تضمن وصول العون إليهم.
ونناشد الدول الأوربية والقوي العظمي بتوضيح موقفها من تلك المجازر واتخاذ ما يلزم من إجراءات تحفظ قيمة الإنسان باعتبارهم بشر دون النظر إلي ديانتهم وانتماءاتهم.
وأخيرا، نؤكد أن المظاهرات والاحتجاجات إنما هي وسيلة للتعبير عن الغضب المكتوم لكنها لا تكفي لإرضاء وجه الله دفاعا عن دينه الذي ارتضاه لنا مصداقا لقوله تعالي " وَمِنَ النَّاسِ مَن يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ".