لندن: أعادت السفارة التونسية ببريطانيا تكريم كاتبها الطاهر الحداد بعد أن ترجم كتابه إلى الإنجليزية، والذي جاء بعنوان "الطاهر الحداد رائد حقوق المرأة في تونس". افتتحت الندوة السفيرة التونسية حميدة مرابط العبيدي التي أشارت إلى أن احترام حقوق الإنسان له جذور وتاريخ عميق في تونس حيث القناعة بأن حقوق الإنسان تشمل الرجال والنساء على حد سواء، وهذا ما جعل حقوق المرأة جزءا من التقاليد. واستعرضت العبيدي أهم المراحل التي مر بها مجال حقوق المرأة في تونس، ودور الطاهر الحداد في انطلاق مسيرة تحرير المرأة، ثم القوانين التي أصدرت منذ 1956 والتغييرات التي عرفتها مجلة الأحوال الشخصية. ووفقا لصحيفة "العرب" اللندنية استعرض الدكتور دانييل نيومان الذي يترأس القسم العربي بجامعة دارم مسيرة الحركات الفكرية الداعية لتحرير المرأة في العالم العربي من رفاعة الطهطاوي الى قاسم أمين ورأي بيرم التونسي في المرأة الغربية في عصره. وأكد د. نتيومان أنه بعد دراسته لكل هؤلاء استخلص أن أول من دعا فعليا لتحرير المرأة والمساواة بما للمفهوم المعاصر من مقاييس هو الطاهر الحداد. وهكذا تكون مسيرة تحرير المرأة في العالم العربي قد بدأت فعليا من تونس، مضيفا أن كتاب الطاهر الحداد يعتبر الى جانب أنه عمل روائي قيم اضافة علمية . أما الدكتورة رونق حسني وهي أكاديمية بريطانية من جذور عراقية فقد استعرضت محتوى الكتاب والأفكار الراديكالية التي يحملها، وآراء الكاتب المعتدلة في مجال الدين والقانون والطلاق والزواج وحقوق المرأة في عصره. واختمت الندوة بتسليم السفيرة التونسية كأسين في تكريم للضيفين دانيال نيومان ورونق حسني عن ترجمتهما لكتاب "امرأتنا في الشريعة والمجتمع " وعملهما على إبراز قيمة الحداد عالميا. يذكر أن الطاهر الحداد من رواد عصر النهضة، ولد عام 1899، ودرس في كتاتيب تونس العاصمة، وتخرج من جامعتها "الزيتونة"، وعمل ماسك دفاتر في أحد دكاكين سوق العطّارين ثم كاتبا بالجمعيّة الخيريّة. نشر العديد من المقالات الجريئة في الصحف التونسية كجريدة "الأمة" و"مرشد الأمة" و"إفريقيا". كان من الرواد المبكرين للحركة النقابية، وأصدر كتاب "العمّال التونسيون وظهور الحركة النقابية" عام 1927، الذي صادرته إدارة الأمن فور صدوره. كفّرته الجهات الرجعية والأصولية ردا على نشر كتابه "امرأتنا في الشريعة والمجتمع" عام 1930، واتهمته بالإلحاد والزندقة وجرَّدته من شهادته العلمية وطالبت بمنعه من حق الزواج وبإخراجه من الملة، وتم منعه من العمل. كما قامت الزيتونة بنشر كتاب يعارضه بعنوان "الحِداد على امرأة الحدّاد"؛ إضافة لكتاب آخر تم نشره بعنوان "سيف الحق على من لا يرى الحق". تمسك الحداد بموقفه وآرائه وواصل نضاله، رغم عزلته، فكتب كتابا عن إصلاح التعليم الزيتوني، وكتابين آخرين ضمنهما أشعاره وخواطره التي لم تر النور إلا بعد وفاته، وبعد استقلال تونس بسنوات.. وعنه قال طه حسين: "لقد سبق هذا الفتى زمنه بقرنين".