خرج علينا أحد أعضاء مجلس الشعب المعروف بموالاته لأي سلطة تعتلي الحكم بوطننا، خرج علينا المذكور من لقاء جمعه مع ساسة بقادة المجلس الأعلى للقوات المسلحة، هؤلاء القادة الذين يصرون علي دعوة هذا العضو في كل لقاءاتهم لتوسمهم فيه خيراً بالنسبة لهم طبعاً، نقول خرج علينا النائب أو العضو أو البرلماني المذكور لكي يزف إلينا أمرين الأمر الأول أن المحكمة الدستورية العليا ستنظر قانون العزل قبيل انطلاق الجولة الثانية والأخيرة من الانتخابات الرئاسية ب 48 ساعة، أما الأمر الثاني فيتعلق بصدور إعلان دستوري مكمل الخميس 7 يونيو 2012م، لكون أن القوي السياسية قد لا تتفق علي مبادئ حاكمة للجنة التأسيسية المزمع تشكيلها لوضع دستور جديد للبلاد. وبالفعل لم يكد يمر علي تصريح عضو مجلس الشعب المشار إليه لإحدي الفضائيات أقل من ساعات تمثل ظلام الليل فقط، إلا وقال متحدث باسم المحكمة الدستورية العليا أن المحكمة ستنظر قانون العزل، وتنظر معه بالمرة مدي دستورية القانون الذي أجريت علي أساسه انتخابات مجلس الشعب المصري، إذن احتمال حل مجلس الشعب الذي أصدر قانون العزل وارد، وأيضاً الحكم بعدم دستورية قانون العزل أيضا وارد والعكس أيضا وارد، هذا وعلي الرغم من مخاطر ذلك علي العملية السياسية في مصر برمتها، فإنه ليس هذا هو موضوع مقالنا هنا علي الرغم من أهمية ذلك.
إنما موضوع مقالنا هو التوجيهات التي يتلقاها القضاء من السلطة التنفيذية، والتي بمقتضاها تم إفساد كل قضايا محاكمات قتلة الثوار ومن بينها قضية الرئيس المخلوع حسني مبارك ونجليه ووزير داخليته وجنرالاته الستة، والتي تم الحكم فيها مؤخراً، وتسببت في عودة الثوار للميدان من جديد، نحن الآن أمام كارثة حقيقية، تتعلق بتسيس القضاء وتلقيه لتوجيهات وقبوله للتعليمات، وتلك الكارثة تستوجب تطهير القضاء بشكل فوري لكون أنه يقود مصر نحو عدم العدالة ونحو الدمار لعدم استقلاليته، لاسيما وأن تصريحات البرلماني المشار إليه تمت عقب انتهاء لقاء قادة الأحزاب السياسية ب«المجلس العسكري» وكان هذا البرلماني بين قادة تلك الأحزاب، ولن نستغرب اليوم الخميس أيضا إذا ما فاجئنا المجلس العسكري بإعلانه الدستوري المكمل.
والملفت للانتباه هنا أن لجنة إدارية وهي لجنة الانتخابات استهانت هي الأخرى بقانون العزل الذي أصدره مجلس الشعب الممثل لشعب مصر وضمير ثورتها وبدلاً من أن تمضي في قرار عزل شفيق بناء علي هذا القانون، رضخت اللجنة لتليفون جاء لرئيسها من قيادي بالمجلس العسكري - كما أبلغنا - وقبلت بشفيق مرشحاً، وبادرت بإرسال القانون للمحكمة الدستورية وقبلته المحكمة الدستورية، وهو ما عجز عنه السيد المشير بصفته رئيساً للمجلس الأعلى للقوات المسلحة حيث أرسل القانون للمحكمة الدستورية وأعادته لسيادته مرة أخرى، بينما قبلته تلك المحكمة من لجنة إدارية، وهو أمر يؤكد وجود شبهات تحيط بالقضاء من جميع الوجوه، وتلقي بظلالها علي سلامة العملية الانتخابية برمتها.
والمصيبة أن المحكمة الدستورية يفترض عندما أرسل إليها قانون العزل أن تقوم بواجبها وتفصل فيه علي الفور حرصا علي نزاهة وسلامة انتخابات رئيس الجمهورية، لكن المحكمة سارت علي منهاج ما كانت تقوم به أيام مبارك، وركنت القانون في إدراجها، علي أمل نجاح أحمد شفيق وتفويت الفرصة علي إجراء انتخابات نظيفة ونزيهة ،وكان يفترض علي القوي السياسية أن تتحرك في حينها لمطالبة الدستورية بنظر هذا القانون ورفض مبدأ ترشيح شفيق، لكن تأخرها للأسف في التحرك أدي إلي وصول شفيق عبر التدليس والغش لجولة الإعادة، وهو الوصول الذي تسبب في تفجر غضب الثوار وتحركهم، هذا التحرك الذي يتواصل الآن بالميادين للمطالبة بتطبيق قانون العزل علي شفيق، وهو التحرك الذي أجبر المحكمة الدستورية الآن أن تعلن أنها ستنظر القضية يوم 14 من الشهر الجاري، أي تنظر قانون العزل ومعه بعض بنود انتخابات مجلس الشعب ومدي دستوريتها، ولا يشترط أن تفصل في قانون العزل وفي بنود قانون انتخابات مجلس الشعب، وبذلك فتحت المحكمة الباب للتلاعب وللتكهنات ولكل الاحتمالات، وأرسلت رسالة إرهاب للبرلمان الذي أصدر قانون العزل بأنه أن لم يصمت من الممكن حله.
وليكن معلوما للجميع فإن هيئة المحكمة الدستورية الحالية استخدمها نظام مبارك في تخريب الحياة السياسية بمصر مراراً نفسها المحكمة التي ركنت قضية حزب العمل سبعة أعوام ولم تفصل فيها بهدف القضاء علي الحزب، ومن قبل ركنت قضية عدم دستورية حبس الصحفيين أكثر من 12عام ولا تزال في أدراجها وهي القضية التي أقامها كاتب هذه السطور أمام تلك المحكمة، والآن تستخدمها دوائر مجهولة في تنويم قانون العزل بهدف تمرير فوز شفيق، هذا المرشح الذي تتحرك لدعمه كل عناصر الثورة المضادة الآن، وتتحرك لدعمه كل العناصر التي لا تريد خيراً لمصر، وهذا يكمل دور المحاكم التي أمرت ببراءة قتلة الثوار، وقبل ذلك السماح للمتهمين بقضية التمويل الأجنبي بالسفر.
ويقولون أن الإخوان كانوا وراء صدور قانون العزل يا سادة، ما سبق من وقائع تتعلق بتسيس القضاء يجعلنا نقولها عن اطمئنان الآن.. ومآل الإخوان المسلمين.. ومال التيار الإسلامي.. الإخوان.. وهذا التيار الإسلامي.. وشرفاء مصر كانوا طوال عهد مبارك سداً منع اختراق مصر بالكامل وضربها من الداخل وتدميرها، ووضعوا لبنة ثورتها ومهدوا لها وكانوا وقودها، والآن يقفون سداً في وجه محاولات الانقضاض علي الثورة وتدميرها تحت دعاوي ظاهرها الرحمة وباطنها العذاب، وعبر أشخاص هيمنت عليهم الذاتية وأعمتهم عن رؤية خطر تحالف الفلول مع الصهاينة والأمريكان من أجل توجيه ضربة قاضية لمصر وثورتها عبر إيصال شفيق لموقع الرئاسة .
يا سادة نقولها لكم وأقولها لكل من يثق في شخصي الضعيف، أقولها لوجه الله، وتعبيراً عن نفسي فقط ككاتب لا يريد إلا وجه الله ولا يبغي شكرا من أحد سوي خدمة وطنه ومرضاة الله سبحانه وتعالي، أقولها ولا أخشي في الحق لومة لائم ...أقولها لكل مصري حر وشريف ولكل ثائر حر ..ومآل الإخوان المسلمين والتيار الإسلامي ..مآلهم ... هُم ضد التبعية، وهُم ضد التطبيع ،وهُم ضد الإفساد والفساد، وهُم مع الفقراء والمستضعفين، وهم مع المساواة بين كل المصريين بغض النظر عن لونهم أو دينهم أو عقيدتهم، ومبدأ لهم ما لنا وعليهم ما علينا، وهُم مع أحزمة أمننا القومي، وهُم مع كرامة مصر وعزة شعبها، ومع العدالة الاجتماعية، الإخوان جربوا الظلم وعاشوا الطغيان ودخلوا السجون سنين طوال، لذلك لن يظلموا وعقيدتهم تمنعهم أن يظلموا أي إنسان.
تسيس القضاء نعتبره نوع من التزوير، واستخدام القضاء نعتبره نوع من الغش ومنطق كارثي العواقب علي الجميع، ومن هنا يتوجب علي كل من يقف ضد طموحات أبناء ثورتنا في إقامة دولة حضارية تحترم القانون والدستور والعدالة والحريات والحقوق الآدمية وهوية الأمة وتساوي بين أبناء الوطن وتكفل الفقير واليتيم وتنتصر للضعيف، وتتعاون مع المدنية الحديثة الخيرة بروح أخلاقية متحضرة وتجتث كل مظاهر التلوث، يتوجب علي كل من يقف ضد طموحات أبناء شعبنا أن يتواري خجلاً، وعلي شرفاء قواتنا المسلحة بما في ذلك الإخوة بالمجلس الأعلى للقوات المسلحة أن ينحازوا لثورة شعبنا، ويوقفوا تماما ً محاولات الوقيعة بين الشعب والجيش، يوقفوا محاولات تلطيخ دورهم الرائع في ثورتنا بجرائم التلاعب بالقانون وبالانتخابات، نحن نحترم رجال المؤسسة العسكرية ونقدرهم وكُنا نتمنى أن يقدموا إلينا مرشح يليق بثورتنا بدلا من تقديمهم مبارك جديد، لكنهم خذلونا.
ولذلك، نقولها للمرة الثانية نعم للدكتور محمد مرسي مرشح مصر و الثورة،بل والمرشح الحقيقي للمؤسسة العسكرية نفسها ،تلك المؤسسة التي هي ضمير شعبنا ،وليس مرشح الإخوان والثورة فقط . -*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*- شاهد.. أنا الشعب الذي لا أعرف المستحيل .. ثورة 25 يناير [email protected]