دمشق: صدر عن دار نينوي للدراسات والنشر والتوزيع في دمشق، مجموعة شعرية جديدة للشاعر العراقي معد الجبوري تحمل عنوان "مخطوط موصلي"، وتضم المجموعة 53 قصيدة تنطلق كل منها من أجواء مدينة الموصل، فتدور في أحيائها وبيوتاتها القديمة وطقوس أسواقها ومعالمها وتاريخها، حيث يتماهي الشاعر مع خصوصية المدينة ونبضها ووجوهها البعيدة. ووفقاً لصحيفة "الزمان" تمتاز قصائد المجموعة بتكنيك محكم يعني بالإيصال، عبر أسلوب يجنح إلي الإيحاء والترميز الأخّاذ والتعبير بالصورة والمفردات التي تتناغم فيها الأصالة والابتكار، وتحمل بصمات الشاعر وملامحه الشعرية المتفردة. يذكر أن معد الجبوري هو شاعر مجدد، ومن أبرز الشعراء العراقيين الذين تواصَلَ إبداعُهم وحضورُهم في واجهة المشهد الثقافي علي مدي أربعين عاماً.. بدأها بإصدار مجموعته الشعرية "اعترافات المتهم الغائب" عام 1971 ليصل إلي إصدار كتابه السابع عشر هذا. إضافة لكونه أحد المؤلفين الروَّاد في ميدان المسرح الشعري في العراق، وله في هذا الاتجاه أربع مسرحيات شعرية حظيت بعشرات العروض داخل العراق وخارجه، فيما ترجمت نصوصه الشعرية والمسرحية إلي العديد من اللغات الأجنبية، وتناولها بالنقد والدراسة عشرات النقاد والباحثين، والجبوري حائز علي جائزة الدولة "الإبداع في الشعر" لعام 2001 عن مجموعته الشعرية "أوراق الماء". نقرأ من قصيدته "شجر التوت" تِلْكَ أمي -التي حينَ يَبْتَلِعُ الليلُ وجهيَ- تَلْتَفُّ مُثْقَلَةً بِعَبَاءَتِها، وَمَخَاوفِها، وتطوفُ المحلَّةَ قُولي لَها: سَيَعُودُ الصبيُّ المُدَلَّلُ ذاك الذي كان يشردُ، إذ تهبطُ الظلماتُ الثقيلَهْ.. كانَ نَهْرُ الطفولَةِ مُتَّصِلاً، والليالي طويلَهْ. *** آخذُ الآنَ قلبيَ، مِنْ بينِ أعْشَاشكِ المُطْمَئِنَّةِ، مِنْ حَبَّةِ التوت، مِنْ طَلْعِ كُلِّ البراعمِ، أَمْسَحُ عَنْهُ الغُبارَ القديمَ، وأحلم: قلبيَ عُنقودُكِ الأبيَضُ الغضُّ، ينفرِطُ الآن، في سَاحةِ البيت، قلبيَ فَرْخُ اليمامِ، ينطُّ من الغُصْنِ، للغصنِ، يلهو مع الصِبْيَةِ المَرِحِين، وَقَلبيَ تِلْكَ الجذورُ البعيدةُ، تطلعُ، في كُلِّ بيتٍ من الحَيّ، *** آخذُ وجهيَ، أَمْسَحُ عَنْهُ رَمَادَ المسافاتِ، مَنْ يَمْسَحُ الآنَ شيبي المبكّر، لِي نَهَرٌ آخر يتواصَلُ، يَبْدَأُ، مِنْ حُلْمِ ذاكَ الصبيِّ المدلل، يَبْدَأُ منكِ، ومن صبرِ أمي التي لم تَزَلْ بَعْدُ، شامخةً، وجَميلَهْ..