خلص الدكتور صابر حارص أستاذ الإعلام الساسي ورئيس وحدة بحوث الرأي العام بجامعة سوهاج إلى أن التصنيف الحقيقي لأصوات الناخبين في مرحلة الإعادة لإنتخابات الرئاسة المصرية يتوزع على أربعة تيارات أساسية يتشكل منها المجتمع المصري الآن: تيار الثورة (38%) ويمثله حمدين صباحي وأبو الفتوح، وتيار الإخوان المسلمين (25.5%) ويمثله محمد مرسي، وتيار الفلول والثورة المضادة (25%) ويمثله أحمد شفيق، وتيار تقليدي(11.5%) ويمثله عمرو موسى. وأضاف حارص أن ثمة اتفاقاً وإجماعاً وطنياً تشكّل عقب إعلان النتائج مباشرة يقضي بمنع وصول تيار الفلول والثورة المضادة إلى قصر الرئاسة الذين طردوا منه منذ عام ونصف، حتى وإن كان من بين هذه التيارات الوطنية من لم يعلن دعمه مباشرة لمرشح الإخوان المسلمين واكتفى بقوله (لن ندعم الإخوان ولكننا سنسعي بكامل طاقتنا ضد الفلول). ويتوقع حارص هروب كثير من أصوات الأقباط في مرحلة الإعادة من مرشح الفلول بعدما لاحقتهم تهمة التصويت للثورة المضادة، والعودة إلى النظام الفاسد الذي يواجه جرائم القتل والنهب والخيانة العظمي، والتأثر بالتصريحات الكنسية التي سارعت بإنكار هذه التهمة على أقباط مصر والتأكيد على دورهم الوطني عبر التاريخ. وأضاف أن إنضمام الأقباط في انتخابات الإعادة إلى القوى الوطنية باعتبارهم الكتلة التصويتية الأكبر لشفيق من شأنه عزل الفلول عزلاً شعبياً أقوى من العزل السياسي والقانوني مما قد يؤدي إلى إصابة الفلول بالإحباط والاحساس بالعزلة والاضطهاد وفقدان الانتماء إلى الدولة المصرية الجديدة، أو ربما يحدث العكس ويدرك الفلول خطأهم وسوء تقديرهم ويعودون إلى الاندماج في الجمهورية الجديدة بالمعايير الثورية (الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية).
وشدّدّ حارص على أهمية أن يتشكّل رأي عام في الفترة القادمة لأقباط مصر يظهرون فيه حقيقة موقفهم بعد أن أجمع المحللون لنتائج الجولة الأولى من الانتخابات أن الغالبية العظمى من اصواتهم صبت في اتجاه إسقاط الثورة المصرية وعرقلة تحقيق أهدافها بتأثير كبير من الحساسية الدينية كرد فعل لظاهرة أسلمة الأصوات لدى مرسي وأبو الفتوح حتى وإن كانت أصوات الأخير أصواتاً ثورية بمرجعية إسلامية.
وأوضح أن وجود مرشح ثوري بمرجعية مدنية كحمدين صباحي يحظى الأقباط في برنامجه وفكره وقناعاته بمواطنة كاملة وبمكانة أكبر بكثير من وضعهم المتردي في النظام السابق وضع الأقباط في حرج شديد نتيجة تخليهم عنه كمرشح ثورى والتوجه إلى ذات النظام الذي قهر معارضتهم السياسية وحرّم عليهم بناء الكنائس وتركهم لقبول الأمر الواقع. ويتوقع حارص ارتفاع نسبة التصويت بالجولة الثانية نتيجة لحالة الاستقتطاب الحادة التي تدفع بتكرار تصويت من صوتوا بالجولة الأولى مضافاً إليهم قطاعات أخرى تعيش حالة مقارنة واسعة بين تيار عصابة طرة والثورة المضادة والكيان الصهيوني، وبين تيار آخر يجمع قوى ثورية تحظى بتقدير شعبي متزايد وقوى إسلامية تواجه تهمة الرغبة في احتكار السلطة والتخلي أحيانا عن الثوار.. ، ومقارنة أيضاً بين تيار يسعى لإسقاط الثورة المصرية التي راح ضحيتها شهداء وثروات طائلة من الاقتصاد المصري ومعاناة شعب من الانفلات الأمني وحالة الحرائق والسرقات وخطف البنين والبنات، وبين قوى وطنية تكافح من أجل استرداد الأموال المنهوبة ومحاكمة قتلة الشهداء وتحقيق أهداف الثورة في الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية..، مقارنة بين ميدان التحرير الذي توحد فيه القبطي مع الاخواني والسلفي واليساري والليبرالي ونظام تآمر عليهم واستنجد بشفيق ليخدعهم ويصرفهم من الميدان ويؤمن تهريب الأموال ويشرف على موقعة الجمل بالتعاون مع عمر سليمان..، ومقارنة بين مخاوف محتملة من تحول الإخوان الى حزب وطني والحزب الوطني ذاته..، واستبداد إخواني مُحتمل واستبداد فلولي مؤكد..، واحتمال حكم المُرشد ومكتب الإرشاد وبين تأكيد حكم عصابة طرة وأمن الدولة والكيان الصهيوني، وحكم تم تجريبه وواجهه الشعب بشعار "كفاية" وحكم لم يٌجرب بعد، ومرشح يلجأ إلى الجيش لقهر المظاهرات دون الاحتكام الى القضاء وقوى وطنية تؤمن بحق الجميع في التظاهر.
وقال حارص أن تبرئة مبارك وقتلة الثوار وخروجهم من السجن ثم الاعتذار لهم وتكريمهم وحماية عصابتهم وفلولهم الهاربين في صعيد مصر وحماية شفيق نفسه تمثل الأهداف الحقيقية لوصول شفيق للرئاسة، فيما تسعي القوى الوطنية وضمنها الإخوان إلى حماية الثورة وتحقيق أهدافها. وألمح حارص إلى غياب مسئولية الإعلام في توعية المواطنين بالفرق بين الثورة، والثورة المضادة حتى اعتقدت كثير من الأصوات التي ذهبت إلى شفيق أن الأزمات التي مرت بها مصر من تدهور اقتصادي وسرقات وحرائق وفوضى وانفلات أمني وخطف للبنين والبنات ترجع بالأساس إلى الثورة وليست الثورة المضادة، كما نجح الإعلام في تصوير الإخوان الذين حموا الثورة في موقعة الجمل وتم اعتقال قاداتهم من اليوم الثاني ومن بينهم المرشح محمد مرسي نفسه ونقلوا الثورة من التحرير إلى كل محافظات مصر على أنهم متغطرسين ومغرورين ومستبدين وخائنين للثورة..، فضلاً عن إلصاق تهمة نقص الغاز والبوتوجاز للبرلمان الإخواني بدلاً من توعية المواطنين بالمسئول الحقيقي عن ذلك كمجلس الوزراء والمجلس العسكري ووزراة التموين وإداراتها بالمحافظات المختلفة، وبرز في الإعلام المصري تياراً كبيراً يجب رصده ومساءلته عن دعم الفلول بحجة إتاحة الرأي والرأي الآخر. ودعا حارص الإعلام المصري إلى تحليل ما أذاعه راديو إسرائيل صباح اليوم الأحد من سرعة دراسة المنظومة الاعلامية والادارية لجماعة الاخوان المسلمين الذين استطاعوا فى اقل من شهر ونصف أن يصعدوا بمرشح " استبن " كان مثار سخرية من جميع المرشحين الى المركز الاول في حين كان يبحث بقية المرشحين عن المركز الثانى، وكذلك تحليل انحياز الغالبية المصرية إلى مرشحي الثورة رغم النتائج الوخيمة التي تسببت فيها الثورة المضادة وتم إلصاقها للثورة، في حين أمكن للإعلام معرفة أسباب التصويت لمرشح الفلول بكل بساطة. وخلص حارص من تحليله لمضمون خطاب المؤتمر الصحفي للفريق احمد شفيق بأنه خطاب يتمسح بالتسامح والرغبة في التعاون مع قوى المعارضة الوطنية وخداع المواطنين والثوار بتبنيه الثورة واهدافها، ولكنه خطاب يخفي في حقيقته روحاً انهزامية انكسارية خائفة ومرتعشة من محاسبة القوى الوطنية له بعد أن تأكد استحالة وصوله لقصر الرئاسة، خطاباً غابت عنه تماماً التهور أو الشجاعة التي تظاهر به شفيق في حملاته الدعائية بالمرحلة الأولى متناقضاً مع تصريحاته السابقة في قمع المظاهرات السلمية بالاستعانة بالقوات المسلحة التي بدا وكأنه يملكها بالفعل وليست مستقلة كما رأيناها مع مبارك أثناء الثورة. ودعا حارص إلى عقد مقارنة بين قوى وطنية تضم فيما بينها الإخوان، وفصيل واحد من الفلول على أساس أيهما أكثر نزاهة أو فساداً، وأيهما أكثر حرية وكرامة، وتسامحاً أو انتقاماً مع المعارضة في حال الوصول إلى الرئاسة، وأيهما أكثر حرصاً على الامن القومي وحياة المواطنين.