عرض Koert Debeuf مبعوث البرلمان الأوروبي للشرق الأوسط، والمستشار السابق لرئيس وزراء بلجيكا، وجهة نظره في الأزمة الحالية التي تواجهها مصر في انتخابات الرئاسة المصرية، الثورة في مأزق حقيقي إذ تواجه احتمال الإعادة بين مرشح جماعة الإخوان المسلمين الدكتور محمد مرسي، ومرشح الفلول الفريق أحمد شفيق... وفيما يلي رؤيته:... كنت أتناول وجبة العشاء قبل يومين من بدء الانتخابات الرئاسية برفقة بعض الثوار والمدونين عندما أطرق أحدهم فجأة متسائلاً: ماذا سنفعل إذا كانت الإعادة بين شفيق ومرسى؟ لم يكن أحد يعتقد في إمكانية تحقق هذه الفرضية.. ففوز مرسى يعطى «الإخوان المسلمين» كل السلطات في مصر وهذا أسوأ كابوس للعلمانيين، وفوز شفيق أخر رئيس وزراء في حكومة مبارك سيكون بمثابة الرجوع بالثورة إلى الخانة صفر.
ولكن ها نحن ذا نواجه السيناريو الأسوأ للثورة وقد تحقق، والسؤال هو كيف حدث ذلك؟ والإجابة واضحة وهى التشرذم بين قوى الثورة، وعدم التوحد في الصفوف والفرقة ذاتها التي جعلت نتائج البرلمان تأتى بالإسلاميين رغماً عن الثوار العام الماضي. وهى أيضا التي حجبت المرشحين الثوريين عن الدخول في الإعادة في الانتخابات الرئاسية، ولو توحد الثوار لحققوا مطالبهم بسهولة ولنجح مرشحي الثورة ولكن تفتيت الأصوات وأنانية كل قائد ثوري ورغبته في الرئاسة أطاحت بأحلام الثوار.
وما العمل؟ مقاطعة جولة الإعادة تصرف غير مفيد بالمرة.. فإن لم تشارك في انتخابات الإعادة لا يمكنك الاعتراض على النتائج، والتعويل على ثورة جديدة بدون وجود تزوير مثبت أمر غريب، ببساطة لا يمكنك المطالبة بانتخابات ديمقراطية ثم رفض النتائج متى جاءت على غير هواك. مهما بلغت درجة رفضك للنتائج.
خيار فض الأيدي من الأمر برمته وترك الحرية للناخبين كي يصوتوا لمن يكرهون الأقل هو أسوأ الخيارت على الإطلاق لأنه ببساطة يسحب القوة من الثوار ككتلة تصويتية لها ثقلها ويترك الثورة خالية اليدين.
السبيل الوحيد في رأيي لحماية الثورة هو التفكير الاستراتيجي والتفاوض! مرسي وشفيق كلاهما لا يضمن الفوز بالرئاسة.. ولذلك على القوى الثورية استغلال احتياج كل من المرشحين إلى أصواتهم ودعم القوى الثورية لهم التي تقدر ب40% من الأصوات -وهذا كثير- وكفيل بحسم سباق الرئاسة لأي منهم. ومن هنا فعلى مرشحي الرئاسة المحسوبين على الثورة التوحد فوراً وعرض دعمهم على الصاعدين للإعادة مقابل شروط غير قابلة للتفاوض. يجب أن يُمنح الثوار والقوى المدنية تعهداً كتابياً بالتالي 1- منصب نائب الرئيس. 2- رئاسة الوزراء. 3- نصف الوزراء في الحكومة الجديدة. 4-النصف زائد واحد من اللجنة الدستورية. 5 – جميع القرارات الصادرة عن رئيس الجمهورية يوقع عليها الرئيس ونائب الرئيس مجتمعين. هذه هي السياسة.. هذه هي الديمقراطية.
النخب الرنانة لن تحمى الثورة ولكن المفاوضات الصارمة الحازمة تستطيع حمايتها، أقترح على مرشحي الثورة الذهاب أولا إلى محمد مرسى بهذه الباقة من الطلبات, موافقة مرسى على هذا الاتفاق سيخفض من قوة الإخوان ومؤسسة الرئاسة ولكن لو أمعن الإخوان النظر لوجدوا أن هذا هو السبيل الوحيد لاستعادة التفاف الشعب حولهم لصالحهم وصالح مصر، وإذا رفض الإخوان هذا الاتفاق فمعنى هذا أنهم يضعون مصلحتهم فوق مصلحة مصر، وبالتالي فليذهب مرشحي الثورة بنفس باقة من الشروط إلى أحمد شفيق.
هل تضمن هذه الشروط والمطالب حق الثوار وهل تمنح أصواتهم حقها؟ ربما لا, ولكن في حال قيام أحد المرشحَين -مرسي أو شفيق- بالموافقة الكتابية على هذه الشروط وإعلان موافقته على إعطاء الثوار هذه الصلاحيات خلال حملته الدعائية ,لا يستطيع أن ينكر أن هذه الاتفاقية بعد توليه المنصب ولا يمكنه تجاهلها كذلك, بما يعطى الثوار الضمان والفرصة لحماية ثورتهم وحماية ما كافح من أجله الملايين من المصريين. فإذا ما أخلف الرئيس القادم وعده.. حينها فقط تكون بداية الثورة الثانية.