الشاعر العراقي محمد مهدي الجواهري كان أحد أبرز الأصوات الشعرية على الساحة العربية، اتسم أسلوبه بالصدق في التعبير والقوة في البيان والحرارة في الإحساس، أراده والده والذي كان أحد علماء النجف أن يكون عالماً ولكن حبه للشعر غلب عليه. عاش الجواهري حياة حافلة وتوفي في السابع والعشرين من يوليو/ تموز 1997، ورحل بعد أن تمرد وتحدى ودخل معارك كبرى وخاض غمرتها واكتوى بنيرانها. نشر أول مجموعة شعرية له باسم " حلبة الأدب" عارض فيها عدداً من الشعراء القدامى والمعاصرين، وأصدر في عام 1928 ديواناً أسماه " بين الشعور والعاطفة "، وفي عام 1935 أصدر ديوانه الثاني بإسم " ديوان الجواهري "، أصدر في عامي 1949 و 1950 الجزء الأول والثاني من ديوانه في طبعة جديدة ضم فيها قصائده التي نظمها في الأربعينيات والتي برز فيها شاعراً كبيراً . شارك في عام 1950 في المؤتمر الثقافي للجامعة العربية الذي عُقد في الاسكندرية، وانتخب رئيساً لاتحاد الأدباء العراقيين ونقيباً للصحفيين، وكرمه الرئيس الراحل حافظ الأسد بمنحه أعلى وسام في البلاد. نقرأ من قصيدته "شكوى وآمال" : أعاتب فيك الدهر لو كان يسمع**وأشكو الليالي، لو لشكواي تسمع أكل زماني فيك هم ولوعة**وكل نصيبي منك قلب مروع ولي زفرة لا يوسع القلب ردها** وكيف وتيار الأسى يتدفع أغرك مني في الرزايا تجلدي**ولم تدر ما يخفي الفؤاد الملوع خليلي قد شف السها فرط سهدها**فهل للسها مثلي فؤاد وأضلع كأني وقد رمت المواساة في الورى**أخو ظمأ مناه بالورد بلقع كأن ولاه الأمر في الأرض** حرمت سياستهم أن يجمع الحر مجمع كأن الدراري حملت ما أبثه إلى الليل** من شكوى الأسى فهي ضلع كأن بلاد الحر سجن لمجرم **وما جرمه إلا العلى والترفع ستحملني عن مسكن الذل **عزمة باسعافه دون البرية أطمع أرى لك في هذا التورع مقصداً** وإلا فما ضب الفلا والتورع تلفعت بالتقوى وثوبك غيره** فلله ذياك الضلال الملفع لعل زماناً ضيعتني صروفه** يرق فيرعى فيه قدر مضيع وخلاً أساء الظن بي إن بدت له** حقيقة ما أخفي عن الشر يقلع إليك زماني خذ حياة سئمتها **هي السم في ذوب الحشاشة ينقع وإني وإن كنت القليل حماقة **فلي مبدأ عنه أحامي وأدفع ولو أنني أعجلت خيفت بوادري** ولكن صبر الحر للحر أنفع