أكدت دراسة مصرفية حديثة،أن ارتفاع الاحتياطيات الدولية لمصر خلال إبريل الماضي من 15.1 مليار إلى 15.2 مليار دولار للمرة الأولى منذ ثورة يناير، لا يرجع إلى خطوات إصلاحية أو إستراتيجية بدأت الحكومة في تطبيقها لعلاج الانهيار الذي أمسك بتلابيب احتياطياتنا الدولية. وقالت الدراسة،التي أعدها الخبير المصرفي أحمد آدم مدير إدارة البحوث بأحد البنوك الخليجية الكبري سابقًا، إن ارتفاع الاحتياطيات يرجع إلى قيام حكومة الجنزوري بمسكنات للوضع المتدهور للاحتياطيات بالحصول على قروض ومساعدات قصيرة الأجل ذراً للرماد في العيون ولتهدئة ضغط مجلس الشعب على المجلس العسكري، لإقالة الحكومة بعد رفض بيانها أمام النواب، وفقا للأهرام.
وأضافت أن الحكومة، حصلت على قرض من صندوق الإنماء العربي وواكب ذلك تحويل الحكومة العراقية ل 0.4 مليار دولار قيمة الحوالات الصفراء للمواطنين المصريين العاملين بالعراق منذ بداية الثمانينيات من القرن الماضي، بخلاف مساعدات من المملكة العربية السعودية تمثلت في ضخ 500 مليون دولار سيتبعها ضخ 750 مليون دولار لشراء أذون وسندات خزانة مصرية ثم إيداع مليار دولار لدى البنك المركزي لتدعيم وضع العملة الأجنبية بمصر.
وأوضحت أن تلك المسكنات،وإن كانت تمنع استمرار الانخفاض خلال شهري أبريل ومايو، إلا أن واقع الأمر يشير إلى أنها ستشكل خلال الأمد القصير ألغاماً ستنفجر وتشكل اضطراباً اقتصادياً معضلة للرئيس المنتخب القادم ، وحكومته وبالتالي فالوضع المتدهور للاحتياطيات الدولية لمصر من العملات الأجنبية ما زال قائماً ونتائجه الخطيرة على الدولة المصرية ما زالت متحفزة.
وأشارت إلى أن انخفاض الاحتياطيات الدولية لمصر منذ يناير 2011 وحتى نهاية مارس الماضي بشكل متواصل وغير مسبوق أدى لتناقص الاحتياطيات الرسمية من 36 مليار دولار إلى 15.1 مليار دولار بجانب تلاشي احتياطيات لم تدرج ضمن الأصول الرسمية بقيمة 7.1 مليار دولار في نهاية ديسمبر 2010 وهذا يعني بأننا خلال 15 شهراً فقدنا 28 مليار دولار.
وقالت إن احتياطياتنا،الدولية لا تكفي سوى لثلاثة أشهر واردات سلعية وهو أمر خطير للغاية في ظل الوضع المتفجر بدول الربيع العربي والأزمة الأوروبية والتدهور المستمر لاقتصاديات بعض دول منطقة اليورو وعلى رأسها اليونان وإسبانيا والبرتغال وإيطاليا، فضلاً عن أزمة الديون الأمريكية والتي تتجدد بين الحين والآخر، حتى الصين بدأت تعاني من التضخم وتباطؤ في معدلات النمو الاقتصادي.
وحذرت من أن الوضع المتردي لاحتياطياتنا الدولية قد يؤدي إلى عدم القدرة على استيراد احتياجاتنا الأساسية من الغذاء ومستلزمات الإنتاج والأدوية، والضغط على سعر صرف الجنيه المصري في ظل استمرار طبع البنك المركزي للنقدية من بعد الثورة، حيث قام من شهر فبراير 2011 وحتى يناير الماضي بطبع ما لا يقل عن 36 مليار جنيه سيصبح الأمر مؤسفا وقد ينخفض سعر صرف الجنيه أمام العملات الرئيسية بشكل كبير.
وأضافت أنها تلك الأوضاع قد تؤدي أيضًا إلى استمرار انخفاض التصنيف الائتماني للاقتصاد المصري من "BB سالب" إلى"BBB سالب"، مما يعني أن أي خفض جديد سينحدر بنا لمستوى C الذي يعتبر من المستويات عالية المخاطر، والتي تجعل إمكانية حصولنا على قروض أمراً صعبًا إن لم يكن مستحيلاً، بجانب انفجار في معدلات التضخم وضغط اقتصادي شديد على المواطن المصري قد لا يتحمله، بنما ينذر بغياب حالة الاستقرار بالبلاد.
وأشارت إلى أن مصر،تواجه الآن أزمة مالية طاحنة ناتجة عن العبث الذي بدأه جمال مبارك وأعضاء لجنة سياسات الحزب الوطني المنحل وتحديداً مع مجىء حكومة نظيف وتولي مقدرات الجهاز المصرفي المصري أشخاصًا تسببوا في سلسلة من الأخطاء المالية الجسيمة التي أدت في النهاية لما نحن فيه الآن، محذرة من انشغال غالبية الشعب المصري بالملف السياسي الذي يقل أهمية إذا ما قورن بالملف الاقتصادي، مشددةً على ضرورة فتح الملف الاقتصادي وبدء علاج الوضع حتى لا تنهار الدولة.