سيندم ندماً شديداً كل مواطن تطاول علي جيشنا وقياداته لأي سبب من الأسباب، سيندم عندما يري خير أجناد الأرض أتموا إجراء أنزه وأنظف انتخابات ليس في تاريخ مصر فحسب، إنما في تاريخ المنطقة والعالم، انتخابات تليق بوطن عمر حضارته سبعة آلاف عام من الزمن وأكثر، ونثق ثقتنا في وجود الله سبحانه وتعالي، أن الانتخابات الرئاسية لن تشهد واقعة تزوير واحدة، وستتم في ظل بيئة خالية من الدماء تماماً، وكل من يحاول إفسادها ستقطع يده ورجله ولسانه بقوة القانون، حيث سينزل لتأمين اللجان أكثر أجناد جيشنا علماً ووطنية وقوة ودماثة خلق، وهُم يعلمون أنهم يسطرون تاريخاً مجيداً في عمر أوطانهم، تاريخاً يفخرون من خلاله بدور قواتهم في حماية الثورة، وتسليم أمانتها للشعب. نظافتها ونزاهتها بدأت بشائرها تظهر خارج الوطن، حيث تدفق أهلنا وأبناء وطننا في كل مكان من العالم إلي سفاراتنا، لكي يختاروا بإرادتهم الحرة رئيسهم المقبل، تدفقوا بفرحة عارمة مع أسرهم وأطفالهم، أنه عيدهم وعيد مصر الحبيبة، مصر بمختلف أديانها السماوية وألوان طيفها، مصر الحضارة والتاريخ والتراث والأنبياء والرسل والرسالات، مصر الحب والضمير والسلام، حيث تابع العالم الحر أمس هذا المشهد المصري الخالص، تابع المشهد وهو سعيد بمصر وثورتها ورجالها وسيداتها خارج الوطن الذين أصروا أن يدلوا برأيهم من أجل اختيار رئيسهم المقبل الذي يعبر عن طموحات ثورتهم ومطالبها .
وعشية انطلاق الانتخابات الرئاسية خارج مصر، تابعنا مناظرة تاريخية بين السيدين: د.عبد المنعم ابو الفتوح، وعمرو موسي أبرز المرشحين للموقع الرئاسي، وهي المناظرة التي كشفت للرأي العام المصري أن الدكتور: عبد المنعم أبو الفتوح كان يمثل ثورة 25 يناير المجيدة، بينما كان السيد: عمرو موسي في تلك المناظرة يمثل نظام مبارك ومن يسعون لإنتاجه، ودليلنا علي استنتاجاتنا تلك من خلال الأسئلة المفخخة والخبيثة التي طرحت علي الطرفين من قبل المشرفين علي المناظرة، هذا الدليل هو أن أبو الفتوح طرح أفكارا ثورية وتغييراً شاملاً في كل المجالات ينسجم مع ما نادت به الثورة، أما عمرو موسي فدافع عن فلول نظام مبارك، ودافع عن سياسات نظام مبارك وتبناها، وعبر عن افتخاره بالمدة التي عمل فيها مع حسني مبارك.
ولقد التقيت بالدكتور عبد المنعم أبو الفتوح أكثر من مرة، وكان اللقاء بيننا في سجن مزرعة «طرة»، وقتها "1999-2000م" كنت مع رفاق لي في صحيفة «الشعب» محبوسين عامين لتصدينا للتطبيع مع «إسرائيل»، والدكتور عبد المنعم أبو الفتوح ومعه العزيز المحترم الدكتور محمد سيد حبيب، كانا يقضيان ما تبقي من مدة حبس لهما تصل لخمسة أعوام لإدانتهما بالانتماء لتنظيم غير مشروع وهو جماعة «الإخوان المسلمين»، وأذكر أنني تحاورت مع الرجل وقتها ولمست من خلال كلامه سماحته مع الآخر التي هي سماحة بلا حدود، كما لمست مشاعره الإنسانية الفياضة، والتزامه بالإسلام الوسطي الجميل، وحبه غير المحدود لمصر، وبساطته وكرمه، وبعددها تعددت اللقاءات بيننا في السجن، حتى أتم عقوبته وخرج مع الدكتور محمد حبيب، وخرجت بعده بشهور مع اثنين من رفاقي بجريدة الشعب من بينهم رئيس تحريرها حينذاك الكاتب الكبير مجدي أحمد حسين رئيس حزب العمل الجديد حالياً، خرجنا لتأخذنا الحياة، ولم ألتقي د.أبو الفتوح بعد ذلك حتى الآن، وإن كنت تابعت دخوله السجن بعد ذلك عدة مرات بسبب مطاردة نظام مبارك له لمواقفه السياسية وتفاعله مع هموم الوطن.
أما عمرو موسي فأول مرة التقينا به كان في مؤتمر القاهرة الاقتصادي الثالث أواخر القرن الماضي، وهو المؤتمر الذي يستهدف دمج تل أبيب في المنطقة، ووقتها وقفت في مؤتمر صحافي لأمسح بكرامة دان مريدور الوزير الصهيوني الأرض وأطالب بطرده من القاهرة، ولذلك قطع التليفزيون المصري إرسال حيث كان يبث المؤتمر علي الهواء مباشرة، من قاعة المؤتمرات بمدينة نصر، وتوقعت أن يلقي رجال الأمن القبض علي، لكن في الحقيقة لم يقترب مني أحد ساعتها وضحك عمرو موسي وتجاوز الموقف، بعدها انتقل عمرو موسي للجامعة العربية، وأغلق حسني مبارك الصحيفة التي اعمل بها فلم يتسني لي متابعة نشاطات عمرو موسي عن قرب، إلا أن المنظر الذي ظل عالقا في ذاكرتي ،ولا يزال، عندما وقف الرائع رئيس وزراء تركيا رجب طيب أردوغان يلقن شيمون بيريز رئيس "إسرائيل" درسا في ضرورة احترام القانون الدولي والإنساني بسبب ضرب أطفال غزة بالقنابل الفسفورية، وأعلن انسحابه من إحدى فعاليات منتدى «دافوس» عندما رفضوا السماح له بالتعقيب علي شيمون بيريز، ساعتها وقف عمرو موسي وابتسم وهو يراقب انسحاب أروغان من المنتدى، ثم جلس في مقعده لمتابعة تلك الفعالية، وكأن أردوغان لا يدافع عن شعب عربي من المفترض أن عمرو موسي هو الأمين لجامعته.
ونعرف أن السيد: عمرو موسي سيغضبه مقالنا، ونعرف أن مديرة العلاقات العامة بحملته التي سبق واتصلت بي توصيني بالسيد عمرو موسي، وأن ننشر في محيط فعاليات تحركاته وهو ما فعلناه وسنظل نفعله كمهنيين، نعرف أنها ستغضب هي الأخرى، لذلك فالكلام الذي ذكرته حقيقة يعترف بها عمرو موسي نفسه وتفسيراته وتبريراته جاهزة لمواجهة الاتهامات التي تشكك في مواقفه، لكن ونحن نؤكد احترامنا للسيد عمرو موسي نتمنى أن يعتزل الحياة العامة ويرتاح في منزله، وهذا أفضل له ولمصر، ويترك الثورة لمن فجروها وضحوا من أجلها ودفعوا من سنوات عمرهم وراء القضبان لتقوية الوطن والتعبير عن مطالب الثورة والثوار، ونعتقد أن الإخوة في المجلس الأعلى للقوات المسلحة جانبهم الصواب عندما سمحوا للسيد عمرو موسي والفريق أحمد شفيق بالترشيح، ومن هنا يبرز دور قوي الثورة التي لابد أن تنتشر في الأقاليم والمحافظات وعبر وسائل الإعلام لكي تقوم بنوع من التوعية للجماهير البسيطة لكي لا تقع في فخ الشهرة الذي يتمتع به عمرو موسي وشفيق، وتكون النتيجة وبال علي الثورة.
وفي الختام، نؤكد امتلاكنا خيارات لشخصيات ثورية ووطنية أخري متعددة يمكن أن نتجه إليها وننتخبها إلي جانب د.أبو الفتوح، إذا ما كان أبو الفتوح لا يروق للبعض، لكن علي كل الثوار أن يدركوا بأنه لابد من أن نتحرك جميعا من أجل عزل الفلول، لاسيما وان السيد عمرو موسي بات بالفعل منافس رئيسي ويشكل خطر كبير علي مسيرة الثورة، وأن الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح هو الأقرب من مرشحي الثورة لهزيمته، ومن هذا المنطلق نناشد قوي الثورة أن توحد جهودها وتتفق علي مرشح لمواجهة كارثة نجاح أحد الفلول، تلك الكارثة التي إن حدثت فإنها ستمثل انتكاسة كبري لثورة 25 يناير المجيدة، وستدخلنا من جديد في حسبة برما وتظاهرات وعدم استقرار لمصر ولثورتها. -*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*- شاهد.. أردوغان يشجب رئيس إسرائيل..وينسحب من «دافوس».. وموقف غير موفق من عمرو موسى [email protected]