أشار تقرير أعدته شركة بيتك للأبحاث- التابعة لمجموعة بيت التمويل الكويتي أن إجمالي الميزان التجاري لدول مجلس التعاون الخليجي حقق فائضا كبيرا بنهاية العام الماضي بلغ 520 مليار دولار، قياسا بالعام 2010 حيث بلغ الفائض 222.8 مليار، بفضل الصادرات الكبيرة من النفط وارتفاع الأسعار. وتوقع التقرير أن يواصل فائض الميزان التجاري المجمع لدول المجلس مساره التصاعدي بنهاية العام الجاري ليصل إلى 500 مليار على الأقل مع زيادة الطلب على النفط ومشتقاته، وفقا لجريدة الوطن:
حقق إجمالي الميزان التجاري لدول مجلس التعاون الخليجي فائضاً وقدره 520 مليار دولار في عام 2011 مقارنة بمبلغ 222.8 مليار دولار عام 2010 نظراً للصادرات الكبيرة للمنتجات الهيدروكربونية، حيث إن الفائض التجاري لدول مجلس التعاون الخليجي هو الأكبر في العالم، ويبلغ ضعف حجم الفائض التجاري للصين، ويقدر بحوالي ثلثي العجز التجاري للولايات المتحدة. المملكة العربية السعودية تمتلك ما يقرب من نصف الفائض التجاري لدول مجلس التعاون الخليجي (245 مليار دولار) في عام 2011، تليها دولة الإمارات العربية المتحدة (94 مليار دولار)، ثم قطر (79 مليار دولار)، ثم الكويت (62.3 مليار دولار)، ثم عمان (31.6 مليار دولار)، ثم البحرين (8.1 مليار دولار).
صادرات هيدروكربونية قوية
تمثل المنتجات الهيدروكربونية 80 ٪ من إجمالي صادرات دول مجلس التعاون الخليجي. ويعزز هذه الصادرات ارتفاع أسعار النفط وإنتاج النفط الخام، وتزيد أسعار النفط في دول مجلس التعاون الخليجي في الوقت الراهن عن 100 دولاراً للبرميل. ومن المتوقع أن يستمر هذا الاتجاه التصاعدي طوال عام 2012، ويرجع ذلك أساساً إلى استمرار الطلب من صناعة النقل وتوقعات استمرار انتعاش الاقتصادي العالمي بشكل تدريجي.
إن استمرار الطلب بشكل قوي من الأسواق الناشئة مثل الصين والهند وروسيا والبرازيل والمكسيك وأجزاء أخرى من أميركا الجنوبية وآسيا وإفريقيا سيواصل حفز الطلب على النفط. وبالتالي فإننا نعتقد أن دول مجلس التعاون الخليجي سوف تستمر في تسجيل فائض تجاري كبير في نطاق 400-500 مليار دولار في عام 2012 اعتمادا على الصادرات القوية للمنتجات الهيدروكربونية.
الأسواق الناشئة
إن منطقة اليورو هي واحدة من الشركاء التجاريين الرئيسين لدول مجلس التعاون الخليجي، وتساهم بحوالي 13.4 ٪ من تجارة دول مجلس التعاون الخليجي الخارجية الإجمالية، لكن لا يزال الطلب على الصادرات في منطقة اليورو، لا سيما بالنسبة للنفط الخام، ضعيفاً بعد أزمة الديون السيادية.
فتباطؤ الأنشطة الاقتصادية يؤدي إلى تباطؤ الطلب على السلع والخدمات. وسيستمر المستهلكون والشركات في الاحتفاظ بمدخراتهم حتى يتوافر مزيد من الوضوح حول مسار الاتجاهات الاقتصادية.
وقد أظهرت البيانات أن صادرات دول مجلس التعاون الخليجي إلى منطقة اليورو لم ترتفع بعد إلى مستويات ما قبل الأزمة.
وقد انخفض إجمالي الصادرات من دول مجلس التعاون الخليجي إلى منطقة اليورو إلى 28.3 مليار يورو في عام 2010 مقارنة مع مستوى ما قبل الأزمة حيث بلغ 33.8مليار يورو في عام 2008.
كما أن إجمالي الواردات من منطقة اليورو إلى دول مجلس التعاون الخليجي انخفض أيضاً إلى 63.7 مليار يورو في عام 2010 مقارنة مع مستوى ما قبل الأزمة حيث بلغ 75 مليار يورو عام 2008.
ومن المتوقع أن يظل إجمالي الواردات من منطقة اليورو إلى دول مجلس التعاون الخليجي ضعيفاً طوال بقية عام 2011 وعام 2012 حتى يتحسن مستوى الأنشطة الاقتصادية في منطقة اليورو تماماً.
ومع ذلك، من المتوقع أن يستفيد إجمالي الصادرات من إعادة توجيه التجارة الخارجية المتزايد من الدول المتقدمة في الغرب نحو الأسواق الناشئة المتسارعة في النمو.
تحتل دول مجلس التعاون الخليجي من الناحية الجغرافية موقعاً يمكنها من أن تكون بمثابة مركزا تجاريا بين الشرق والغرب، وهو ما يمثل نوعاً من التوسع في الدور الذي لعبته تلك الدول على مدى قرون قبل اكتشاف النفط، فكل من التجارة والسياحة يمكنهما الاستفادة من هذا الموقع الاستراتيجي.
إن الشرق الأوسط يمثل تقريباً نقطة منتصف العالم ومن هنا فإن حكومات دول مجلس التعاون الخليجي تسعى على نحو جدي إلى إقامة مزيد من الروابط الاقتصادية والمالية والدبلوماسية، خصوصاً مع آسيا، وتعمل على تطوير النقل البحري والطيران مع مجموعة متزايدة من الأسواق الناشئة.
وقد ارتفع في الآونة الأخيرة معدل التبادل التجاري بين دول مجلس التعاون الخليجي والدول الآسيوية بشكل كبير بناء على التزايد الكبير في الطلب على المنتجات الهيدروكربونية.
على سبيل المثال، تزايدت نسبة تجارة الهند مع دول مجلس التعاون من 2 % من تجارة دول مجلس التعاون الكلية في عام 2001 إلى أكثر من 11 ٪ بحلول عام 2011 بينما تزايدت نسبة تجارة الصين مع دول مجلس التعاون من 4 ٪ من إجمالي تجارة دول المجلس في عام 2001 إلى ما يقرب من 10 ٪ بحلول عام 2011.
إن آسيا هي أهم منطقة في الأسواق الناشئة لدول مجلس التعاون الخليجي حيث يعتقد أن استهلاك النفط سينمو بنسبة 4.4 ٪ سنويا في المتوسط على مدى السنوات الخمس المقبلة، بينما يتوقع أن يظل الطلب في منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية منخفضاً.
وهذا يرجع جزئياً إلى توقع أن يكون النمو في العديد من دول المنظمة المذكورة بسيطاً إلى حد ما، وذلك بسبب شيخوخة السكان، والقيود المالية ونضج السوق. إن النمو في الصين والهند يتجه الآن إلى مرحلة جديدة من الاتجاه إلى الصادرات إلى مزيد من الاهتمام بالطلب المحلي.
وعلاوة على ذلك، فإن زيادة الاستهلاك في آسيا المدفوع بشكل رئيس من قبل الطبقة الوسطى أدى إلى ظهور مجموعة كبيرة من الفرص الجديدة للتجارة.
كما أن السياحة التي تعد واحدة من أهم مصادر القوة التنافسية لدول مجلس التعاون الخليجي تستفيد بالفعل من تنامي الطبقة الوسطى في الصين.
الهند (وهي الشريك التجاري الرئيس الثالث لدول مجلس التعاون الخليجي بمساهمة قدرها 11.5 ٪ من تجارة دول مجلس التعاون الخليجي) تتفوق قليلاً على الصين (التي هي الشريك التجاري الرئيس الرابع لدول مجلس التعاون الخليجي بمساهمة قدرها 9.9 ٪ من تجارة دول المجلس).
ويعزى ذلك إلى القرب الجغرافي للهند لدول مجلس التعاون الخليجي والعدد الكبير للعمال الهنود المهاجرين للعمل هناك والذين يشترون البضائع من وطنهم.
أما في اليابان (وهي الشريك التجاري الرئيس الثاني لدول مجلس التعاون الخليجي بمساهمة قدرها 12.4 ٪ من تجارة دول المجلس) فقد أدى انخفاض توليد الطاقة النووية في أعقاب الكارثة الطبيعية التي وقعت في مارس 2011 إلى ارتفاع الطلب على وقود توليد الطاقة الكهربائية.
هناك أربعة فقط من أصل 54 مولداً للطاقة النووية في العالم تعمل حتى تاريخه. ووفقاً للتقييم السنوي فقد ارتفعت واردات اليابان السنوية بنسبة 12 % إلى 68 تريليون ين في عام 2011 مقارنة ب 60.7 تريليون في عام 2010، أي بمعدل 12.0 ٪.
ويعزى ارتفاع الواردات إلى الزيادة في واردات الوقود والطاقة للتعويض من الخسائر في إنتاج الطاقة النووية في أعقاب كارثة عام 2011. ومن المتوقع أن يزيد استهلاك الوقود في اليابان عام 2012 جنباً إلى جنب مع التزايد في أنشطة إعادة إعمار الطاقة.
وأشارت بيتك في تقريرها الذي صدر اليوم بقولها إننا نعتقد أن دول مجلس التعاون الخليجي سوف تستمر في تسجيل فائض تجاري ضخم في نطاق 400– 500 مليار دولار في عام 2012 اعتماداً على الصادرات القوية للمنتجات الهيدروكربونية.
ومن المتوقع أن يستفيد إجمالي صادرات دول مجلس التعاون الخليجي من إعادة توجيه التجارة الخارجية المتزايد من الدول المتقدمة في الغرب نحو الأسواق الناشئة متسارعة النمو. وستقوم الأسواق الناشئة بتوجيه دفة النمو العالمي في السنوات المقبلة.
إننا نتوقع أن الأسواق الناشئة ستكون مسؤولة عن أكثر من ثلث النمو الاقتصادي في العالم (41.0 ٪ من إجمالي الناتج المحلي العالمي) بحلول عام 2015 مقارنة بحوالي 31.0 ٪ عام 2011.