أكد خبراء اقتصاديون أن أولويات المرحلة الاقتصادية الحالية تتضمن الاهتمام بتحديد الفئات المستحقة للدعم وجذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة بجانب الاهتمام بخفض أسعار الفائدة وتحرير سعر الصرف. وقالت الدكتورة ليلى الخواجة أستاذة الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة إن الثورة المصرية ليست السبب في تدهور حالة الاقتصاد ولكنها كانت كاشفة عن وضع الاقتصاد المصري، موضحة أننا نحتاج في الوقت الحالي إلى حسن اتخاذ القرار في التوقيت المناسب ووقف نزيف دعم الطاقة.
من جهته، أوضح عمر الشنيطي أحد أعضاء الفريق الاقتصادي ببيت الحكمة للدراسات الاستراتيجية - خلال ندوة تحديات الاقتصاد المصري وأولويات الخروج منها...نحو ملامح سياسية اقتصادية ومالية جديدة - التي نظمتها كلية الاقتصاد والعلوم السياسية جامعة القاهرة- أن هناك علاقة طردية بين العجز في الموازنة العامة وحجم الدين العام.
حيث أن إجمالي عجز الموازنة قد وصل إلى 58 مليون جنيه في 2005 ثم إلى102مليون جنيه في عام 2011 بينما وصل إجمالي الدين عام 2005 إلى ما يقرب من 620 مليون جنيه ثم قفز إلى 2ر1254 مليار جنيه في عام 2011 .
موضحا أن زيادة حجم الدين يؤدي إلى زيادة أعباء خدمة الدين حيث بلغ خدمة الدين حوالي 80 مليون جنيه سنويا في عام 2011 .
وقال إن حل هذه يكمن في تقليص خدمة الدين وإعادة هيكلة سندات حكومية لآجال أطول بالإضافة إلى طرح سندات دولارية لوقف التدهور في ميزان المدفوعات وتقليل أعباء خدمة الدين .
ولفت عمر الشنيطي أحد أعضاء الفريق الاقتصادي ببيت الحكمة للدراسات الاستراتيجية إلى أن حجم الدعم في الفترة بين 2002 حتى 2005 على المواد الغذائية والوقود مثل حوالى 7% من الإنفاق العام، ثم قفز عام 2006 الى 26% وبلغ حجم الدعم على الطاقة فقط حوالي 70% من اجمالى قيمة الدعم في العام المالي 2009-2010 بينما مثل حجم الدعم على السلع التموينية حوالى 18% في نفس الفترة.
وأشار إلى أن الخمس الأغنى في مصر يحصل على ما يقرب من 33% من مجموع الدعم النفطى فى حين ان الأكثر فقرا حصلوا فقط على 8ر3% في المناطق الحضرية، موضحا أن حوالى 70% من دعم الطاقة يذهب إلى مصانع تستخدم الدعم لتقلل من سعر التكلفة ثم تبيع منتجاتها بالسعر العالمي.
وأكد على أهمية اتخاذ خطوات إيجابية لهيكلة الدعم ليناله مستحقيه مع البدء في الإلغاء التدريجى لدعم الطاقة والمواد الغذائية واستبدال دعم المنتجين بنظام التعويضات للفئات الأقل دخلا في مصر مع القيام بالدراسات المطلوبة لتصميم برامج الإعانة الأكثر ملائمة لاحتياجات المجتمع المصرى بالإضافة إلى مساعدة المنتجين للتكيف على زيادة أسعار الطاقة.
من جانبه، قال أحمد جاد عضو آخر في الفريق الاقتصادي ببيت الحكمة للدراسات الاستراتيجية إن قيمة الاحتياطي الأجنبى بلغ أدنى مستوياته فى سبع سنوات بعدما انخفض بمقدار 19 مليار دولار ليصل 16 مليارا فى يناير 2012 بعدما كان قد سجل36 مليار دولار في ديسمبر 2010.
وأوضح أنه من المتوقع استمرار تراجع الاحتياطي النقدي ليصل إلى 14 مليار دولار في مارس 2012 ثم إلى 11 مليارا في يونيو القادم، مشيرا إلى أن حل هذه المشكلة يكمن في تخفيض قيمة الجنيه تدريجيا من خلال الحد من تدخل البنك المركزي المصري لمساندة سعر صرف الجنيه وسرعة عودة الانتشار الأمني والاستقرار السياسى بجانب سد فجوة ميزان المدفوعات عن طريق تامين قروض عاجلة بالدولار واتخاذ التدابير اللازمة لمواجهة التضخم الناتج عن انخفاض قيمة الجنيه.
وقال أحمد جاد عضو آخر في الفريق الاقتصادي ببيت الحكمة للدراسات الاستراتيجية إلى أنه من مظاهر تدهور حالة الاقتصاد المصري انخفاض الاستثمار الأجنبي المباشر في مصر خلال العام الماضى حيث انخفض من 652ر14 مليار دولار عام "2006-2007" إلى277ر7 مليار دولار في 2010 -2011 .
وأضاف أنه يجب توجيه الاستثمارات الأجنبية المباشرة إلى قطاعات تعود بالنفع على الاقتصاد المصرى بدلا من تركزها في مجال الصناعات الاستخراجية فقط .
وقال إنه من تحديات المرحلة الحالية قضية سعر الصرف حيث أن الفائدة أصبحت تتراوح من 15 إلى 5ر16 في المائة وكانت قبل الثورة تتراواح من 10 إلى 11 في المائة، لافتا إلى أن سعر الفائدة ارتفع على الأوراق المالية الحكومية بنحو 5 في المائة خلال هذه الفترة الأمر الذي كلف الخزانة نحو 16 مليار جنيه زيادة سنوية في العبء على الدين العام.
وأوضح جاد إنه من أجل حل هذه المشكلة يجب إعادة هيكلة سعر الفائدة لتحفيز البنوك على إقراض المستثمرين فضلا عن تسهيل الإجراءات للمستثمرين من خلال التنسيق بين الجهات ذات الصلة.
من ناحية أخرى ، قال المهندس أشرف بدر الدين النائب البرلماني وكيل لجنة الموازنة بمجلس الشعب إنه يمكن الاستفادة من الصناديق الخاصة لدعم الموازنة العامة بحوالي 25 مليار جنيه بدلا من الاقتراض من صندوق النقد الدولي.
وانتقد بدر الدين تباطؤ الحكومة في اتخاذ قرارات بتعديل سعر تصدير الغاز حتى الآن الأمر الذي يتسبب في خسارة تصل إلى 18 مليار دولار سنويا.
وأشار إلى أهمية استخدام بدائل الطاقة والغاز الطبيعي سواء في الاستخدام المنزلي أو صناعات كثيفة، موضحا أن ذلك التحول سيوفر 75 في المائة من الموازنة العامة.
من جانب أخر، قال وائل خليل ناشط يساري إن تخفيض العجز في الموازنة سيتم عن طريق الاستثمار في البشر .. داعيا إلى الخروج من فكرة الاقتصاد الحر والنظر إلى الاقتصاد التنموي وإعادة النظر في الضرائب التصاعدية .. مطالبا أن يقرر جميع فئات الشعب ما نحتاجه في الاقتصاد في فترة تتراوح بين عام أو عامين.