شهد مقر حزب "العمال والفلاحين" ندوة لمناقشة رواية "على محطة فاتن حمامة" للروائي فتحي سليمان. بدأت وقائع الندوة بكلمة الروائي خالد إسماعيل الذي أشار إلى أن: "الرواية مكتوبة حول موضوع مناسب ليكون بداية عمل ندوة تعبر عن توجهات وانحيازات تيار الثقافة الوطنية، وهو تيار يدافع عن كل ما هو وطني ونزيه وإنساني ونبيل في الثقافة والإبداع، في مواجهة العولمة الأمريكية وأذنابها". وأضاف أن "الرواية ترصد زمناً حل بمصر عقب وقوع هزيمة 5 يونيو 1967، التي كانت ثمرة مرّة لاشتغال العسكريين بالسياسة، مما أضاع الجيش المصري وأضاع السياسة في آن. واعتبر أن سقوط الشهداء اليوم جاء جراء اختلاط العسكريين بالعمل السياسي" . ثم تناول الناقد الدكتور يسري عبد الله الرواية بقوله "هنا في محطة فاتن حمامة أمكنة مختلفة، مصر الجديدة، الجيزة، شرم الشيخ، القاهرة.. تبدو جميعها وجوهاً متعددة للحظة تاريخية ينتجها الروائي فتحي سليمان تمتد من زمن عبد الناصر وحتى زلزال 1992، مع تركيز أشد على مرحلة السبعينيات، لتصبح الرواية علامة على تكوينات سياسية وثقافية واجتماعية، لا من منظور المقولات المباشرة ولكن من خلال عيني الراوي البطل أحمد حسين الفخراني، المُعبر عن شريحة طبقية ومِزاج نفسي في آن واحد. ويبدو التصدير الذي وضعه فتحي سليمان لروايته إرهاصاً مبكراً لأننا أمام نص ينتمي إلى تلك النصوص التي تعاين تاريخ الجماعة المقهورة فتذكر تاريخ من لم يقف عندهم التاريخ: "إلى أن يكون للأسود مؤرخوها، ستظل حكايات الصيد تُمجّد الصيادين". ففي الرواية كشف للمسكوت عنه، لا من خلال استنطاق حوادث واقعية أو ذِكر لشخوص حقيقيين فحسب، بل من خلال زاوية نظر جديدة لعالم مسكون بالتحولات نراه من خلال طاقة التخييل التي تهيمن على الرواية فتفسح أمام القارئ آفاقاً واعدة للتأويل، ونصبح أمام شخصيات متنوعة لا تمثل ذواتها فحسب، ولكنها تمثل عوالم متسعة ومتجددة: "نادية مظلوم"، "المذيعة سهير وعيشها الضابط"، "فاطمة"، "صالح"، "أحمد الفخراني"، "عبد الله ألماظ"، وغيرهم. هناك انحيازات سياسية وفكرية واضحة تتناثر طيلة الرواية وتظهر على لسان شخوص مختلفين مثل الأم، التي تعقد مقابلة بين ناصر والسادات، وتبدو اللغة المستخدمة في الرواية بنتاً للواقع وللبيئة وليس ابنة للتشبيهات البلاغية الكلاسيكية القديمة. وأضاف الناقد: لم نر ترقيماً اعتيادياً للمقاطع أو الفصول في الرواية، ولكننا رأينا علامات تعريفية تشير إلى انتهاء مقطع وبدء مقطع آخر. كما يستخدم الكاتب عناوين فرعية داخل الرواية للتعبير عن فحوى الخطاب الروائي الذي يقدمه في المقطع. ويتّخذ المقطع السردي إما أسماء لشخوص في الرواية مثل "مسيو بشرى" و"نادية مظلوم"، و"سهير"، أو يأخذ عناوين ذات صبغة صحفية. استخدم الكاتب تواريخ فارقة في عمر الأمة المصرية، مثل 1952، و1967 و1973، كما يشير إلى حوادث فارقة في التاريخ المصري المعاصر، مثل الانفتاح الاقتصادي، مبيناً أثره على طبيعة العلاقات الاجتماعية بين الشخوص داخل الرواية. و يستفيد الكاتب من تقنيات الفنون البصرية وتحديداً فن السينما في استخدام تقنيات المونتاج والتقطيع السينمائي المتوازي، وكذلك آليات كتابة السيناريو، وهذا ما يظهر في مقاطع كثيرة داخل الرواية". جدير بالذكر أن الندوة قد حضرها مثقفون عديدون من بينهم المترجم والقاص عمرو خيري، والروائي السوداني أحمد خير، والقاص شريف عبد المجيد وآخرون.