عقدت حركة الدستور الثقافي المصري مائدة مستديرة مع مركز البحوث العربية والأفريقية، لبحث الوضع الراهن فيما يتعلق بالضغوط التي تمارسها تيارات معينة ضد حريات الرأي والتعبير، والتهديدات التي تلوح في الأفق المتعلقة بحريات الإبداع، وخاصة في ضوء نتائج انتخابات مجلس الشعب. وأعلنت الحركة وأعضاء المركز أن مصر تمر حاليا بمرحلة تصاعدت خلالها أصوات مناهضة لحريات الإبداع والتعبير، بما يهدد الثروة والقيمة الحضارية التي تحفظ لمصر مكانتها وحضورها على الصعد العربية والإقليمية والدولية، وبما يتناقض مع أهداف ثورة الخامس والعشرين من يناير المجيدة. ورحب بيان صدر عن الاجتماع بأي جهد يسعى لإنشاء وتكوين جبهة للدفاع عن الإبداع، بما يضمن حرية الرأي والمعتقد من المثقفين بكافة أطيافهم وأجيالهم وتياراتهم، فيما أهاب بجموع المثقفين إلى التكاتف لإدراج موقفهم من حريات الثقافة والاعتقاد بدستور البلاد، المزمع كتاباته خلال الفترة القادمة، وبالاسترشاد بمواد "وثيقة الدستور الثقافي"، والتي تم التوافق عليها من قبل الألف مثقف حتى الآن. واقترح البيان أن يتضمن دستور البلاد القادم ثلاثة مواد أساسية مستمدة من وثيقة الدستور الثقافي. تحدد المادة الأولى الهوية المصرية باعتبارها هوية مركبة، متعددة الأبعاد، تتضمن الحضارات المصرية القديمة، والقبطية، والعربية الإسلامية، والثقافات الفرعية، والثقافة الشعبية، ومكتسبات الثقافات العالمية، فيما تمتلك "العربية الإسلامية" مكانة خاصة في قلب الهوية المصرية كواقع موضوعي. وتؤكد المادة الثانية على أن الحرية هي الأصل؛ ولابد من ضمان الحرية الكاملة للفكر والاعتقاد، وحرية ممارستها بكافة الأشكال؛ وأي اعتداء، مادي أو معنوي، على تلك الحريات، أو التحريض عليها بأي شكل، من أية جهة أو طرف اعتباري أو طبيعي، هو جريمة تستوجب معاقبة مرتكبها؛ فيما تعتبر الإعلانات والمواثيق الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان وحرية الفكر والتعبير هي المرجع القانوني. وتقرر المادة الثالثة أن الثقافة، إبداعا وتلقيا، حق أصيل للمواطنين، كالخبز والتعليم، والمؤسسات الثقافية أحد ممتلكات الشعب المصري، ومسئوليتها ومهمتها تكمن في أن تكون ساحة مفتوحة لتحقق الإبداعات الثقافية المختلفة، بلا توجيه أو قسر أو بيروقراطية. يذكر أن لفيفا من المبدعين كانوا قد أعلنوا مبادرة "الدستور الثقافي" منذ عدة شهور، بعد أن عقدوا ورشة عمل بنقابة الصحفيين، ضمت عشرات من المفكرين والمبدعين والكتاب لمراجعتها، قبل إصدارها. وأسست الحركة صفحة لها على موقع "فيس بوك"، تتلقى خلالها التوقيعات، التي تصل حاليا إلى الألف توقيع من مختلف أجيال وتيارات المثقفين المصريين. وكان الفنان عز الدين نجيب قد قدم- في بداية حلقة النقاش- عرضا للدستور الثقافي، بعناصره المختلفة: الهوية الوطنية الثقافية، الحرية الفكرية، دور المثقف، المؤسسات الثقافية، المواثيق الدولية حول الثقافة. وشارك في النقاش د. عماد أبو غازى، ود. هويدا عدلى، د. حسن أبو بكر، د. كمال مغيث، صفاء مراد، وشهيدة الباز، مصطفى مجدى الجمال، يحيى ياسين، منير مجاهد، مصطفى والى، حمدى الجزار، هبة صلاح. واتفق المشاركون على أهمية إبراز التزام الدولة والمشرع بأولوية المواثيق الدولية، ووضع الحقوق الاجتماعية والثقافية والاقتصادية بشكل متكامل، وتوفر آليات حماية هذه الحقوق دستوريا وقانونيا، فيما حذروا من لجوء بعض ممثلي النظام السابق إلى مرجعية "القوانين" كوسيلة للحد من فاعلية الدستور، والحد من الحريات الفكرية وحرية الإبداع. وأشار بعض المتحدثين إلى أهمية تناول مفاهيم الثقافة والإبداع والثقافة الشعبية والوعى الشعبى، وتحليل رقابة الجماهير نفسها، أو المثقفين المحافظين. ونبه البعض إلى ربط هذا التطوير بعملية التعليم والتثقيف فى المجتمع. وأكد المتحدثون على ضرورة استناد مثل هذه المواثيق إلى حامليها السياسيين والثقافيين والاجتماعيين، ومن هنا تأتي المشاركة الأوسع فى وضع ونشر هذا الدستور. وأحالت هذه النقطة إلى مسألة تصدير ملكية الوثيقة إلى آخرين يتبنونها، بل أنه جرى من خلال تلك النقاط التنبيه إلى وجود هيئات أخرى عديدة ذات مبادرات أو اهتمام أو جهود فعلية مثل مؤسسات وجمعيات الحرية الفكرية والأكاديمية. وتطرق الاجتماع إلى خطوات العمل الضرورية لتفعيل مواد الدستور الثقافي، ونشره على نطاق أوسع فيما يتخطى دوائر المثقفين.