تقرير: حماس تعتزم تسليم جثامين 4 رهائن آخرين اليوم    نتنياهو: إذا لم تلتزم حماس بالاتفاق ستفتح أبواب الجحيم    تجمع القبائل والعشائر الفلسطينية في غزة يدعم الجهود الأمنية ويرفع الغطاء عن المخالفين    ثمن سيارة فارهة، حقيبة زوجة محمد صلاح تثير الجدل في مصر (صور)    من الوجه البحري إلى حلايب، الأرصاد تكشف أماكن سقوط الأمطار اليوم    بعد تحليل المخدرات، قرار عاجل من النيابة ضد سائق التروسيكل المتسبب في وفاة 5 تلاميذ بأسيوط    المطربة ياسمين علي تتصدر تريند مواقع التواصل الاجتماعي.. لهذا السبب    قمة «شرم الشيخ للسلام»    «قبّلها أمام الجمهور».. ترامب يمنح أرملة تشارلي كيرك قلادة رئاسية (فيديو)    الفيلم السعودي «تشويش» يواصل حصد الجوائز عالميًّا    كل ما تريد معرفته عن سكر الدم وطرق تشخيص مرض السكري    طرق متنوعة لتحضير البيض المقلي بوصفات شهية للإفطار والعشاء    في شهر الانتصارات.. رئيس جامعة الأزهر يفتتح أعمال تطوير مستشفى سيد جلال    موقف محمد الشناوي من مباراة الأهلي وإيجل نوار    قرار عاجل في الأهلي بشأن تجديد عقد حسين الشحات    اليوم، غلق لجان تلقي طلبات الترشح لانتخابات مجلس النواب    الكنيسة الكلدانية تحتفل بختام ظهورات العذراء سيدة فاتيما في مصر    اتحاد الصناعات: الدولة تقدم دعمًا حقيقيًا لإنقاذ المصانع المتعثرة وجذب الاستثمارات الصناعية    مميزات وعيوب برج السرطان: بين العاطفة والخيال والحنان    داليا عبد الرحيم تهنئ القارئ أحمد نعينع لتعيينه شيخًا لعموم المقارئ المصرية    وزير العمل: لا تفتيش دون علم الوزارة.. ومحاضر السلامة المهنية تصل إلى 100 ألف جنيه    العكلوك: تكلفة إعادة إعمار غزة تبلغ 70 مليار دولار.. ومؤتمر دولي مرتقب في القاهرة خلال نوفمبر    هيئة الدواء: تصنيع المستحضرات المشعة محليًا خطوة متقدمة لعلاج الأورام بدقة وأمان    ترامب: بوتين لا يرغب بإنهاء النزاع الأوكراني    ترامب يهدد بفرض عقوبات على إسبانيا بسبب رفضها زيادة الإنفاق في «الناتو»    نجم الزمالك السابق يكشف عن «أزمة الرشاوي» في قطاع ناشئين الأبيض    زيادة كبيرة في عيار 21 بالمصنعية.. أسعار الذهب ترتفع 600 للجنيه اليوم الأربعاء بالصاغة    باسم يوسف: مراتي فلسطينية.. اتعذبت معايا وشهرتي كانت عبء عليها    هتكلفك غالي.. أخطاء شائعة تؤدي إلى تلف غسالة الأطباق    عمقها 30 مترًا.. وفاة 3 شباب انهارت عليهم حفرة خلال التنقيب عن الآثار بالفيوم    دماء في أم بيومي.. عجوز يقتل شابًا بطلق ناري في مشاجرة بقليوب    السجن المؤبد وغرامة 100 ألف جنيه لتاجر مخدرات في قنا    تأجيل محاكمة المتهمين بقتل طالبة بولاق الدكرور هنا فرج    تباين أداء الأسهم الأمريكية خلال تعاملات اليوم    ارتفاع مفاجئ في الضاني وانخفاض الكندوز، أسعار اللحوم اليوم في الأسواق    تعرف على المنتخبات المتأهلة لكأس العالم بعد صعود إنجلترا والسعودية    رمضان السيد: ظهور أسامة نبيه في هذا التوقيت كان غير موفقًا    اليوم، إغلاق الزيارة بالمتحف المصري الكبير استعدادًا للافتتاح الرسمي    رونالدو يحقق رقما قياسيا جديدا في تصفيات كأس العالم    بالفوز على كينيا وبدون هزيمة، كوت ديفوار تحسم تأهلها رسميا إلى مونديال 2026    بالصور.. محافظ الغربية في جولة بمولد السيد البدوي بمدينة طنطا    صندوق النقد الدولي يرفع توقعاته لنمو اقتصاد الإمارات إلى 4.8% في العام الحالي    معرض حى القاهرة الدولى للفنون فى نسخته الخامسة لمنطقة وسط البلد لعرض أعمال ل16 فنانا    رسميًا.. موعد امتحانات الترم الأول 2025-2026 في المدارس والجامعات وإجازة نصف العام تبدأ هذا اليوم    مصرع شخصين في تصادم سيارتي نقل على الطريق الصحراوي الغربي بالمنيا    «توت عنخ آمون يناديني».. الكلمات الأخيرة ل «كارنافون» ممول اكتشاف المقبرة الملكية (فيديو)    لدورها الريادي في نشر المعرفة: مكتبة مصر العامة بقنا تحصد جائزة «مكتبة العام المتنقلة 2025»    في 3 أيام .. وصفة بسيطة لتطويل الأظافر وتقويتها    سعر الزيت والسكر والسلع الأساسية في الأسواق اليوم الأربعاء 15 أكتوبر 2025    سعر الحديد والأسمنت بسوق مواد البناء الأربعاء 15 أكتوبر 2025    متى يكون سجود السهو قبل السلام؟.. أمين الفتوى يوضح حكم من نسي التشهد الأوسط    هل شراء شقة عبر البنك يُعد ربا؟.. أمين الفتوى يوضح    الجامعة الأمريكية تنظم المؤتمر ال 19 للرابطة الأكاديمية الدولية للإعلام    ورشة عمل لاتحاد مجالس الدولة والمحاكم العليا الإدارية الإفريقية    دار الإفتاء توضح حكم تنفيذ وصية الميت بقطع الرحم أو منع شخص من حضور الجنازة    مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 14-10-2025 في الشرقية    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 14-10-2025 في محافظة الأقصر    إثيوبيا ترد على تصريحات الرئيس السيسي: مستعدون للانخراط في مفاوضات مسئولة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أشنقوه.. وحاكموا جلاديه (فيديووصور)
نشر في محيط يوم 12 - 01 - 2012

عرفنا الصديق كمال هدايه طالبا متفوقا بكلية الطب أواخر الثمانينات، وذلك عندما اعتقلته عناصر تنتمي لجهاز مباحث أمن الدولة البغيض من مقر إقامته في ضاحية عين شمس بالقاهرة، وزجت به في معتقلات نظام مبارك وبدون أية محاكمة كعادتها وقتها.
ويقول كمال هدايه لنا، عن مأساته.. كانت عناصر من ضباط أمن الدولة يعرفهم بالاسم تعذبه، وتنزع تلك العناصر أظافر قدميه وهي تحاول أن تنتزع منه اعترافات غير حقيقية، ولأن كمال لم يفعل شيء، أو يرتكب أي جرم، أو يقترف أي أثم يجعله يقع تحت طائلة القانون، ولم يجد كمال ما يقوله لهم، وكانت تلك جريمته من وجهة نظر جلادي «أمن الدولة».
حيث تم تعليقه كخراف الشواء، وأحضروا قطب موجب وأخر سالب وادخلوه في مكان حساس وصعقوه بالكهرباء، ويضيف هدايت القول: "كنت أشعر أن كليتاي تنتفضان بشكل مرعب، بينما تلك العناصر تواصل تعذيبي بدون أن يهتز لهم رمش، وكلما ذاد إصراري علي عدم وجود أي معلومات عندي يمكن أن أدلي بها لعناصر امن الدولة.. كلما تحولوا إلي وحوش آدمية تنهش جسدي، بل ووصل الأمر أن وضعوا كرة مكهربة في فمي كدت اشعر حينها أن روحي تغادر جسدي".
وظل كمال هداية 18عام في المعتقل بدون محاكمة أو بدون أية جريمة ارتكبها، وكانت التهمة الموجهة إليه انه عضو ناشط بالجماعات الإسلامية، وبالطبع ضاع مستقبل كمال هدايه العلمي ولم يحصل علي مؤهل الطب الذي كان يحلم به هو وأسرته، وتم تدمير كيانه ونفسيته من الداخل كإنسان.
وبعدها طالبوه بالتوبة،أي والله ... طالبه هؤلاء القتلة بالتوبة عن ذنب لم يقترفه وعن جريمة لم يقدم عليها، وبالتوبة عن أفكاره ونظرته لدينه وفهمه له، وذلك حتى يطلق سراحه، ولابد أن ينضم لما يعرف بالمراجعات الفكرية، والتي مضمونها أنهم كشباب إسلامي فهموا بالسجن تحت التعذيب والقهر العقيدة خطأ، وفهموا أنهم ارتكبوا جرائم استنادا لهذا الفهم الخاطئ، وأخيرا وصلوا للصواب ورجعوا عن أفكارهم المتعلقة باللجوء للعنف مع أن كمال هدايه لم يلجأ للعنف طوال حياته.
وبعد 18عام خرج كمال الشاب الودود الخلوق طيب القلب عفيف اليد واللسان، خرج وعمره تخطي الأربعين عاما بلا عمل، في ظل مجتمع قاسي ليواجه مصيره بنفسه، في ظل مجتمع يقوده نظام الحكم الذي ادخله السجن، وهو نظام وضع ل كمال هدايت شروطا صارمة يلتزم بها فور خروجه من محبسه.
واسترد هداية قصته قائلاً أن خلال تواجده بالمعتقل رأي «أمن الدولة» تحتجز أطفال ما بين سبعة أعوام و12عام، ولمدد طويلة تراوحت ما بين سبعة أعوام و12 عام، ويروي كمال أن الطفل الذي عمره عشرة أعوام ظل في الحبس حتى واتاه البلوغ واختلفت ملامحه، حتى سأل رفاق السجن عن تلك الظواهر فدلوه عليها وافهموه ما هي، وأشار كمال إلى أن احتجاز الأمن للأطفال يتم علي أساس أنهم رهائن لدي مباحث «أمن الدولة» حتى يسلم أولياء أمورهم من أعضاء «الجماعات الإسلامية» أنفسهم.
وربما نتفهم في ظل العنف والعنف المضاد الذي أودي بأعضاء جماعات، وتسبب في موت ضباط وجنود من الشرطة، أن يتم احتجاز طفل يوم أو اثنين أو أسبوع، لكن لا أتفهم علي الإطلاق أن يتواصل الاحتجاز سبعة أعوام واحدي عشرة عاما..! أنها جريمة مروعة لا يصدقها عقل ارتكبتها مباحث «أمن الدولة» بوطننا أيام مبارك السوداء، وكما قال لي كمال فأنه يملك قائمة بأسماء هؤلاء الأطفال، وقائمة أخرى بأسماء ضباط مباحث «أمن الدولة» الذين ارتكبوا جرائم التعذيب.
ووفق ما ذكره كمال لي من وقائع، فأن أحد أعضاء «الجماعة الإسلامية» ساءت حالته للغاية جراء التعذيب، وأصيب بغياب العقل وبات يأكل فضلاته ويشرب بوله، فطالب كل من في المعتقل الأمن بإطلاق سراحه، فنقلته مباحث «أمن الدولة» لعنبر التأديب ظنا منها انه يتمارض، وبعد أيام من تعذيب مروع تعرض له، وجدوا أن رد فعله هو البكاء فأطلقوا سراحه وعاد لمنزله، وبعد أيام كانت والدته تصلي فأمسك آلة حادة وضربها علي رأسها فماتت، ثم امسك سكينا ً وحاول قتل إخوته وأصابهم.
وقامت أجهزة الأمن بالقبض عليه وبنقله إلي المعتقل مرة أخرى، وبعد أسبوعين ذهب والده ليزوره، وفوجئ بنجله يسأله عن والدته وعن صحتها وأحوالها، فقال له والده أن والدتك بخير وتسلم عليك، لأنه أيقن تماما أن نجله قد ذهب عقله، وكما قال لي كمال فأن هذا المسجون تم انتهاك عرضه وتعذيبه تعذيبا لا يطاق اذهب عقله.
الأمر الذي جعلني أتذكر أيام وجودي مع رفاق له بسجن مزرعة «طره» بتهمة سب «التطبيع مع العدو الصهيوني» ورمزه يوسف والي، حيث جلس إلي جواري احد المعتقلين علي ذمة قضايا الجماعة الإسلامية.. وقال لي نحن 45 معتقلا من «مالوي» بالمنيا، وتم اعتقالنا مرة واحدة بسبب احد أعضاء الجماعة الإسلامية الهاربين والذي سلم نفسه.
ومن ثم اعتقلوا كل من يعرفهم هذا العضو الهارب، حتى وأن كان من يعرفه أطعمه لقمة خبز أو سقاه كوب ماء أو شاي، وواحد ممن قبض عليه وألقي بالمعتقل قال لي وهو يشاور علي احد رفاقه الذي كان ينظر إلينا ليتابع حوارنا أن ضابط «أمن الدولة» وهو يحقق معه عذبه وقام بقطع لسانه، بينما ذكر لي معتقل آخر أن مباحث «أمن الدولة» فعلت معه كما تفعل «إسرائيل» مع الفلسطينيين، حيث أخرجته من منزله مع أهله وقامت بنسف هذا المنزل بالديناميت، وأوضح لي معتقل ثالث أن عناصر من مباحث «أمن الدولة» ألبسته «طرحة» أمام نساء منزله وانتهكت عرضه.
بل وصل الأمر أن احد أعضاء الجماعة الإسلامية المعروف تم تعليق زوجته أمامه وتعذيبها وانتهاك عرضها، تلك النماذج نحتفظ بأسمائها وأسماء الضباط الذين ارتكبوا جرائم بحقها وأهلها حرصا منا علي سترها، وأملا في أن يجيء يوما قريباً ًنتمكن من محاكمة هؤلاء الضباط المجرمين القتلة، حتى لا يقومون بالهرب أن قمنا ببث أسماءهم.
أما عبد المنعم عبد النعيم وهو شاب مثل الورد، ومهذب وخلوق، من بلدتي بسوهاج، كنت أقابله دوما وكان بالنسبة لي مجرد شاب متدين، ولم يرتكب أي نوع من جرائم العنف، وعندما بدأت مباحث امن الدولة تنظف مصر من أعضاء الجماعات الإسلامية سواء بإلقائهم في المعتقلات أو تصفيتهم جسديا، تم اعتقاله من مدرسته التي يتولي تعليم التلاميذ فيها واقتادوه إلي سجن الوادي الجديد، وهناك ضيقوا عليه الخناق ومنعوا زيارته، وظل علي هذا الحال أكثر من 17 عام، حتى انه ترك ابنته عمرها عامان أو أكثر وعندما خرج من المعتقل وجدها عروسة.
ولم يكن هؤلاء الشباب الذين تقترب أعدادهم من ربع مليون معتقل هم من دفعوا ثمنا غاليا خلال ثلاثة عقود ماضية من القهر والبلطجة والإرهاب وانتهاك القانون والدستور الذي مارسه نظام مبارك وأجهزته الأمنية علي نطاق واسع، إنما دفعت معهم مصر هذا الثمن من اقتصادها وسمعتها وكرامتها، ودفعت معهم آسرهم ثمنا باهظا، فتحولت سيداتهم إلي أرامل وأزواجهم أحياء وماتت أمهاتهم بالقهر، وبات آباءهم أذلاء مهانين، وهم يشعرون بالعجز أمام محنة أبناء لهم.
وهنا لابد أن نشير إلي شباب ماتوا تحت التعذيب، وآخرون اغتالوهم وهم يقطعونهم أرباً بالقطعة محاولين انتزاع اعترافات منهم حول جرائم لم يرتكبوها، وآخرين اختطفوهم ولا تعرف آسرهم مصيرهم رغم مرور سنين طويلة.

ويخرج من بيننا من يقول أن مبارك ورجاله لا يستحقون الشنق، حسبنا الله ونعم الوكيل في كل من لا يشعر بالمرارة في قلوب أهلنا، ولا يشعر بالمرارة في قلوب أبناء شعبنا الذين تعرضوا لتلك المحن القاسية للغاية، حسبنا الله ونعم الوكيل فيمن يردد تلك المقولات، ونعيد تكرارها "أن مبارك يستحق الشنق ألف مرة".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.