تمثل التهديدات الإيرانية المتجددة بإغلاق مضيق هرمز حال تعرضها إما لعقوبات دولية أو تعرضها لأي نوع من أنواع التهديدات الأمريكية والإسرائيلية بغارة عسكرية عليها لثني عزمها عن الاستمرار في تطوير برنامجها النووي، تمثل رسائل تهديد للمنطقة بأكملها. قلق إزاء أمن إمدادات الطاقة
فقد أثارت تصريحات النائب الأول للرئيس الإيرانى محمد رضا رحيمى، بأن فرض عقوبات على صادرات النفط الإيرانية سيؤدى لوقف مرور النفط عبر مضيق هرمز المهم فى الخليج القلق إزاء أمن إمدادات الطاقة ليس في منطقة الخليج فحسب، بل في العالم أجمع.
واللافت للانتباه أن تلك التصريحات تزامنت مع المناورات البحرية التي بدأتها إيران منذ 24 من ديسمبر الحالي وتستمر عشرة أيام، ولا ريب أن تلك المناورات تحمل رسائل عديدة لدول مجلس التعاون الخليجية والمجتمع الدولي.
كما لا بد من ملاحظة أن هذه المناورات التي تجري بالقرب من مضيق هرمز الذي يعد ممرا ملاحيا حيويا لعمليات نقل النفط الدولية، تأتي بعد بضعة أسابيع من صدور تقرير الوكالة الدولية للطاقة الذرية الذي أشار إلى احتمال أن تكون إيران تعمل على صنع سلاح نووي ونظام لإطلاق الصواريخ، وبعد بضعة أيام من الانسحاب الأمريكي من العراق، وأيضا بعد بضعة أيام من انعقاد القمة الخليجية في الرياض التي أكدت على حسن نوايا دول المجلس تجاه إيران، واستعدادها لخطو خطوتين مقابل كل خطوة تخطوها إيران.
والأمر الذي لا شك فيه أن تلك المناورات والتهديدات الإيرانية قد أثارت الكثير من علامات الاستفهام بشأن قدرة طهران الحقيقية على إغلاق المضيق مهما تكلف ذلك. خاصة بعد صدور تقرير من أجهزة الأمن الايرانية والحرس الثوري، بعنوان: "كيف ستغلق إيران مضيق هرمز".
حاصل القول أن إيران تجري باستمرار مناورات بحرية وبرية وجوية، تختبر خلالها أسلحة جديدة تنتجها محليًا، بينها طائرات مقاتلة وطائرات استطلاع، وغواصات وقطع بحرية، ورادارات ودبابات، وصواريخ وقنابل ذكية. وفي هذا الاطار تمتلك إيران منظومات متكاملة من الأسلحة المتطورة من السفن الحربية والغواصات والزوارق السريعة والصواريخ والطوربيدات البحرية والألغام البحرية وسلاح الطيران التابع للقوات البحرية، التي تمكنها في أي وقت من إغلاق المضيق وهي على النحو التالي:
أولا: السفن الحربية: أكد قائد سلاح البحرية في الجيش الإيراني الأدميرال حبيب الله سياري في 16 فبراير 2010 بأن سلاح البحرية الإيراني استطاع تحقيق الاكتفاء الذاتي في مجال إنتاج الأجهزة البحرية المتطورة. وأكد أن بلاده تقوم حاليًا بإنتاج بوارج مجهزة بأنظمة صاروخية متطورة، مثل: أنظمة صواريخ "بيان" و"جوشن" و"درفش" وقد دشنت إيران مدمرة حربية من صنع محلي في قاعدة بندر عباس البحرية على الخليج، أطلقت عليها اسم "جمران"، مزودة بصواريخ بعيدة المدى، وتزن 1400 طن ومجهزة برادارات حديثة وقدرات حربية إلكترونية.
البارجة موج
كما تمكنت القوة البحرية للجيش الإيراني من صناعة بارجة حربية أطلقت عليها اسم "موج"، وهي قادرة على ضرب عدة أهداف في وقت متزامن فوق وتحت سطح الماء وفي الجو، ويمكن استخدامها في الحروب الإلكترونية. وتملك إيران سفينة حربية بريطانية الصنع زنة 3500 طن من فئة باتل، تسمى دامافاند، وهي مدمرة صواريخ موجهة يبلغ وزنها وهي بكامل حمولتها 3360 طنا، وتصل سرعتها إلى 31 عقدة، ومجهزة بأربع قاذفات صواريخ سطح-سطح مزدوجة، ترتفع تلقائيًا. ولدى إيران ثلاث فرقاطات بريطانية الصنع، طراز فوسبرمارك إس من فئة سام وتسمى الفاند والبورز وسابالان، وهي فرقاطات من زنة 1540 طنًا، ولديها أيضا طرادان أمريكيَّا الصنع من طراز بي إف -103 "فئة بينادور" يُطلق عليهما البياندور والنجدي. وتضم بقية السفن البحرية الإيرانية 10 زوارق هجومية سريعة طراز كومباتنت2 فئة "كمان" مزوَّدة بصواريخ ومدفع واحد عيار 76ملم. كما تملك إيران تسع سفن كبيرة للدورية والهجوم السريع، و3 سفن للهجوم السريع "فئة شاهو" من كوريا الشمالية، و3 سفن أميركية كبيرة للدورية كيب، و3 سفن كبيرة مطوَّرة للدورية فئة بي أم 71، كما تضم سفن إيران الخاصة بحرب الألغام 2-3 كاسحات ألغام ساحلية. وتملك إيران العديد من القطع البرمائية تشمل أربع سفن دعم برمائي للإنزال من فئة "هنجام لارك" زنة كل منها محمَّلة 2940 طنًا، وثلاث سفن إنزال من صنع كوريا الجنوبية من فئة "إيران هروز" زنة كل منها محملة 2014 طنًا، وسفينة إنزال واحدة من طراز "إيران" يبلغ وزنها وهي محملة 2274 طنًا، إضافة إلى ثلاث سفن إنزال تزن كل منها 1400 طن، وسفينة إنزال واحدة زنة 250 طنًا، وما لا يقل عن ست سفن إنزال زنة كل منها 9 أطنان. ثانياً: الغواصات : تمتلك إيران 3 غوصات روسية من طراز "كيلو" والتي دخلت الخدمة لأول مرة عام 1980، وهي من طراز "877 إي إم"، ويبلغ طولها 2.73 متر وعرضها 10 أمتار، ولها غاطس طوله 6،6 أمتار، ومجهزة بأنظمة مطورة للقيادة والسيطرة. كما تملك إيران أكثر من 1000 لغم سوفيتي حديث مع الغواصات "كيلو"، وأن تلك الألغام مزودة بأجهزة استشعار حديثة مغناطيسية وصوتية وتعمل بالضغط. وبالإضافة إلى غواصات "كيلو" تملك إيران عددا غير معروف من الغواصات الصغيرة، وتمنح الغواصات المستوردة إيران القدرة على استخدام مياه الخليج وخليج عمان، وتُقلِّل تعرضها لهجمات الطائرات والسفن، لكن الغواصات التي تنتجها محليًا تُعتبر أكثر ملائمة للعمل في منطقة الخليج؛ حيث يمكِّنها صغر حجمها من الاختباء في المياه الضحلة، ويمكن استخدام هذه الغواصة لإطلاق الطوربيدات أو زرع الألغام قرب الموانئ أو في طريق الناقلات البطيئة. كانت إيران قد أنزلت ثلاث غواصات من طراز (غدير) إلى مياه الخليج في قاعدة بندر عباس، ثم افتتحت خط لإنتاج غواصات محلية الصنع قادرة على إطلاق صواريخ وطوربيدات. فضلا عن ذلك تملك إيران رادارا ساحلايا متحركا، وشبكة اتصالات تعتمد على ألياف ضوئية وتربط مراكز القيادة على طول الساحل الشمالي للخليج، الغواصة الإيرانية الثقيلة التي يبلغ وزنها500 طن. ثالثًا: الزوارق السريعة: يؤكد خبراء غربيون أن إيران باتت تملك قدرات كبيرة لخوض حروب تقليدية بعيدًا عن الساحل، ويقول أنتوني كوردسمان: إن سلاح بحرية الحرس الثوري الإيراني يملك إحدى أضخم قدرات الحرب غير التقليدية بين القوات البحرية في العالم. وتُعد الزوارق الصغيرة التي تفوق سرعتها 100 كيلومتر في الساعة، إيران واحدة من خمس دول في العالم قادرة على إنتاجها وسيلة فعالة للتعامل مع القطع البحرية الكبيرة.
وتؤكد تقارير أمريكية أن زوارق "بوجامر"، وزوارق الدورية السريعة، وما لدى إيران من السفن الخفيفة الأخرى، مثل زودياك، يصعب جدًا كشفُها بواسطة الرادار، إلا عندما يكون البحر هادئاً جداً. رابعا: الصواريخ البحرية: خلال السنوات العشر الماضية أعلنت إيران عن اختبارها بنجاح صواريخ وطوربيدات بحرية عديدة تقوم بتصنيعها محليًا، كان آخرها الصاروخ "نصر-1" المضاد للسفن، وهو صاروخ قصير المدى، قادر على "تدمير أهداف من ثلاثة آلاف طن"، كما تم اختبار طوربيد "حوت" الذي تبلغ سرعته تحت الماء 100 متر في الثانية. ودشنت طهران خطي إنتاج لطوربيدات 533 و324 ميلليمترًا. وتبلغ سرعة طوربيد "حوت" نفس سرعة الصاروخ "في آي 111" الذي طورته روسيا عام 1995، والذي يُعتبر الأسرع في العالم. إضافة إلى ذلك أعلنت إيران تطوير صواريخ "سي 802"؛ حيث نُشر هذا الصاروخ على بطاريات متحركة عند السواحل وفي جزيرة "قشم". كذلك تعمل البحرية الإيرانية على تطوير النسخة الصينية من صاروخ "سي 701" الأصغر حجمًا بمدى يصل إلى 20 كيلومترًا. وهي صواريخ مجهزة بعين إلكترونية، وتتميز بكونها تتيح مرونة إضافية بسبب صغر حجمها نسبيًا، فضلاً عن إمكان إطلاقها من منصات ومحمولات مختلفة. خامسا: الألغام البحرية: تمتلك البحرية الإيرانية تشكيلة مهمّة من الألغام البحرية، بينها لغم "صدف\_1"، محلي الصنع، والألغام المربوطة ذات التأثير السفلي المدمجة مغناطيسيًا، والألغام الصوتية التي تنفجر بالضغط، والألغام الممغنطة التي تُلصق بالسفن وتُستخدم بواسطة قوات العمليات الخاصة، والألغام المتحركة، والألغام التي يجري التحكم فيها عن بعد. ألغام "إي إم 52" أما أخطر الألغام في الترسانة الإيرانية فهي ألغام "إي إم 52" صينية الصنع، التي حصلت عليها إيران منتصف تسعينيات القرن الماضي، وتكمن خطورة هذا النوع من الألغام في أنه مخصص لإغراق القطع البحرية الكبيرة كحاملات الطائرات.
وتشير تقديرات استخباراتية إلى أن طهران تحتاج إلى ما يقارب 300 لغم فقط، لإغلاق مضيق هرمز. سادسًا: سلاح الطيران التابع للقوات البحرية: تشير التقارير إلى أن البحرية الإيرانية يزيد العدد الإجمالي للأفراد العاملين فيها -من خلال البحرية النظامية وسلاح البحرية التابع لحرس الثورة الإسلامية- على 38000 ألف عنصر، وقد بدأت منذ عامين، بتسيير دوريات خارج مياه المنطقة وصولاً إلى خليج عدن، قاطعة مسافة تزيد على 12 ألف ميل بحري، للقيام بعمليات لحماية السفن التجارية الإيرانية من عمليات القرصنة التي انتشرت قبالة سواحل الصومال.
بعض المحللين العسكريين يرون أن حصول إيران على طائرات سوخوي-24، يمثل أكبر مصدر لقلق الولاياتالمتحدة وحلفائها في الخليج، من منطَلَق أن هذه الطائرات المجهزة لحمل شحنات ثقيلة من الذخيرة، تزود إيران بالقدرة على تسديد ضربات بحرية بعيدة المدى. أما طائرات ميج-29 فالهدف منها مساعدة إيران في السيطرة على الأجواء فوق أي مسرح للعمليات.
تهديدات حقيقية
إجمالاً يمكن القول أن التهديدات الإيرانية بإغلاق مضيق هرمز هي تهديدات حقيقية وترتكز على كل مقومات القوة التي تمكنها من ذلك، الأمر الذي يضع أمريكا والدول الغربية التي تريد فرض المزيد من العقوبات على طهران في موقف صعب.