لماذا لم يتم دخول عربات المطافى إلى المجمع العلمى؟ ولماذا لم تقوم القوات المسلحة بإطفاء الحريق بالطائرات؟ ولماذا تم التعتيم على كنوز المجمع العلمى وإخفائها عن المصريين؟ ولماذا لم يتم تأمين المنطقة رغم ما به من أحداث ومظاهرات؟. ومن هو اللهو الخفى وراء كل هذه الأحداث الكارثية ؟ وهل هناك مؤامرة لهدم الثقافة والتاريخ المصرى كله؟، تساؤلات عديدة طرحها المشاركون بالندوة التى أقامتها أمس هيئة الكتاب تحت عنوان "دفاعا عن المجمع العلمى" وشارك فيها د. زين عبد الهادى رئيس دار الكتب، د. محمد الكحلاوى أستاذ الآثار، وأدارها د.حمدى السكوت.
تحدث د. زين عبد الهادى عن يوم "السبت" الأسود فى تاريخ مصر يوم 17 ديسمبر، قائلاً: كنت فى ميدان التحرير وشاهدت الحريق عندما بدأ فى الدور الثانى فى الثانية ظهرا تقريباً، ثم بدأت محاولات الإنقاذ فى الرابعة عصرا من بعض الشباب الثورة وطلبة وأساتذة فى الجامعة الأمريكية وبعض العاملين بدار الكتب وبعض الأجانب الذين يقدرون حضارة مصر، وبدأت عملية الإنقاذ تحت ضرب الرصاص والحجارة وتحت ظل الفوضى المطلقة الموجودة الآن فى مصر. وأضاف: أهم ما فى المجمع العلمى مجموعة الكتب والوثائق، تم نقل مجموعة كبيرة منها فى الفجر وعلى مدار ثلاثة أيام تم نقل حوالى 20 سيارة نقل محملة بالكتب إلى دار الكتب، وتم إنقاذ أجهزة كمبيوتر واستخلاص الهارد ديسك وتم تفريغ قاعدة البيانات ويبلغ عدد العناوين بالمجمع 41171 ألف عنوان وتساوى حوالى 190 ألف مجلد، ما تم إحضاره لدار الكتب حوالى 40 ألف مجلد، من 4 إلى 17 ألف بحالة جيدة، وبها كتب قليلة تعود للتسعينيات والثمانينات من القرن الماضى وأما معظمها تعود للقرن 19.
وكشف عبد الهادي أنه أرسل له مجلداً من فرنسا يحوى حوالى 23 ألف عنوان من الموجودة فى المجمع، وتابع د. زين: أنقذنا حوالى 60%من الكتب التى وصلتنا، ودار الكتب هى التى تصرف على ترميم الكتب حتى الآن، وأضح أن بيت السناري الذي أُعلن أن الكتب ستنقل إليه، لا يصلح لاستقبالها. قائلاً: خلال 11 يوم تكلفت الدار نصف مليون جنيه، وقد تعلمنا من حريق المجمع ضرورة البدء في عمل قاعدة بيانات لكل المكتبات التى لديها تراث، وسنقوم بعمل ببلوجرافيا لهذه المكتبات ثم رقمنة كل هذه الأعمال. مشيراً إلى أن مصر بها من25 إلى 30 ألف جمعية أهلية بها مكتبات تشبه مكتبة المجمع العلمى، وختم كلمته متسائلاً هل كان النظام شريكا فى المؤامرة لهدم الثقافة وحرق تاريخ مصر الثقافى كله؟.
من جانبه وصف دكتور حمدي السكوت المجمع العلمى بالكارثة الوطنية وقال: نجد تحقيقات لا تنتهى ولا نسمع عنها شيئا بعد ذلك، كما أن النيابة العامة لا تفعل شيئا، ولا نعلم من هو اللهو الخفى وراء كل هذه الأحداث، وفى رأيي أن القائمين على إدارة المجمع العلمى لم يكن لهم نشاط مسبق وقد أنشئ المجمع العلمى فى مصر بعد ثلاثة سنوات فقط من إنشاء المجمع العلمى الفرنسى. فعندما حضر نابليون إلى مصر جاء معه مجموعة كبيرة من العلماء، الذين أحضروا معهم عددا كبيرا جدا من الكتب التى تشمل كل التخصصات العلمية والإنسانية والرياضية، ويمكن أن نسمى المجمع تسمية عصرية "المركز المصرى للبحث العلمى" وهو أقدم مركز للبحث العلمى فى المطلق 1897 وكان به كافة التخصصات الجيولوجية والجغرافية وعلم النبات والحيوان وهو شبيه جدا بما يحاول أن يقوم به الآن د. زويل، وعن نقل كتب المجمع العلمى إلى بيت السنارى وصفه السكوت بالعبث. و تحدث د. محمد كحلاوى عن المجمع العلمى قائلاً: أن المبنى سرق قبل أن يحرق فقد سرق منه أطلس به خريطة للنوبة والحبشة، وبه أقدم مجموعة لمخطوطات تبين حدود مصر الجنوبية، ونجد أن أى خريطة تعطى شلاتين وحلايب للسودان والخريطة الوحيدة التى كانت توضح أنها داخل حدود مصر كانت فى هذا الأطلس، وهذه كارثة كبرى تذكرنا بطابا التى سرقت خريطتها من هيئة المساحة ورفضت إنجلترا أن تعطينا خريطة وأعطتها لنا تركيا.
أضاف الكحلاوى: مصر ليس بها آلية لادارة الأزمات فعلى سبيل المثال بعد الثورة المتحف المصرى كان بصدد حريق وأنقذ بأعجوبة إلهية، وثانى يوم تمت سرقته وبعد 12 يوم من سرقة المتحف المصرى سرق متحف كلية الآثار وكلها قطع أصلية من الذهب والفضة ولم تفعل النيابة أى شئ. متعجباً من إدارة الزمة في مصر، فالمجمع العلمى يقع في منطقة تعد عصب القاهرة، فكيف لم تكن هذه المنطقة مؤمنة لمنع الكارثة قبل حدوثها، ولماذا لم يتم دخول سيارات الإطفاء ومركز الإطفاء على بعد65 متر، ولماذا لم تقم القوات المسلحة بإطفاء الحريق بالطائرات كما فعلت وقت حريق مجلس الشعب؟. أخيرا علق د.أحمد مجاهد رئيس هيئة الكتاب وقال: أن المجمع العلمى قتل قبل أن يحترق عندما قطعت عنه الإمدادات منذ عام 52 ثم قتل عمدا بحجبه عن أنظار الناس، عدم وجود أى نشاط فيه لدرجة أن معظم مرتاديه من الأجانب، ولم يعلم أحد شيئا عنه إلا بعد حرقه.