الإفراط فى التفكير يعوق العملية الإبداعية

اكتشف باحثون في المملكة المتحدة أن قمع نشاط منطقة الفص الجبهي في المخ يزيد من التفكير الإبداعي .. فقد توصل الباحثون إلى أن استخدام الكهرباء لقمع نشاط هذه المنطقة من الفصوص الأمامية للمخ، والتي تسمى (دلبفك) بصورة مؤقتة، يساعد على كسر القيود العقلية المرتبطة بجمود التفكير ويؤدي إلى زيادة عملية الإبداع.. وقد نشرت النتائج التي توصل إليها الباحثون في جامعة كوين ماري وجامعة جولدزميس مؤخرا في مجلة "ساينتفيك ريبورتس" العلمية.
وتلعب منطقة الفص الجبهي الخلفي والجانبي الأيسر في المخ (دلبفك)، دورا محوريا في تحويل العمليات المعرفية إلى عمليات أوتوماتيكية.. وتتضمن وظيفة منطقة "دلبفك" في حل المشاكل بتطبيق القواعد التي تم تعلمها في السابق. وهي أيضا المنطقة المسؤولة عن عملية التفكير وبالتالي تعد أعلى وظيفة تنفيذية في المخ.
وعلى الرغم من كفاءة هذا النوع من التفكير التلقائي، فإن وظيفة منطقة "دلبفك" يمكن أن تأتي بنتائج عكسية. حيث إن "القواعد" التي سبق تعلمها يمكن أن تمثل عوائق لدى الشخص الذي يحتاج إلى حل مشكلة غير مألوفة تتطلب أفكارا جديدة وتفكيرا خارج الصندوق.
وقد طلب فريق الباحثين في هذه الدراسة، من المشاركين محاولة حل المسائل الحسابية بطريقة الألغاز التي تتطلب إعادة ترتيب عدد من عيدان الثقاب.
وقد شعر المشاركون بسهولة حل المسائل دون أدني درجة من التوتر والقلق. وذلك بعد قيام الباحثين بتسليط كهرباء عبر الجمجمة على منطقة الفص الجبهي الخلفي والجانبي الأيسر في المخ.. ويهدف الباحثون بذلك إلى وقف مؤقت للقواعد التي تعلمها المخ في السابق.
وتشير كارولين دي برناردي لوفت، رئيسة فريق البحث، إلى أن "النتائج التي تم التوصل إليها تدعم فكرة أن بعض الوظائف المعرفية، وخاصة تلك المطلوبة في حل المشكلات الإبداعية، يمكن أن تستفيد من تثبيط وظيفة الفص الجبهي بدلا من تحفيزها".. فقد افترض فريق البحث أن تثبيط عمل منطقة "دلبفك" يفك قيود التفكير من خلال الحد من قوة المخ في تنفيذ العمليات التلقائية لحل المشاكل.
ومن ناحية أخرى، لاحظ الباحثون أيضا أنه عندما تم تثبيط عمل منطقة "دلبفك"، كان المشاركون أقل كفاءة في حل المشكلات التي تتطلب مستوى عالي من الذاكرة الفعالة التي تتطلب أن يؤخذ في الاعتبار العديد من العناصر في وقت واحد.
ويخلص الباحثون إلى أن هذا التحول ذهابا وإيابا بين "تقييد" و"عدم تقييد" الوظيفة التنفيذية للفص الجبهي قد يكون هو الحل لربط النقاط بين مجموعة متنوعة من الأفكار التي لا علاقة لها ببعضها البعض أو بلورة المعرفة بطرق جديدة ومفيدة.
ويتفق هذا البحث الأخير في إثباته زيادة القدرة على الإبداع عن طريق تثبيط نشاط "دلبفك"، مع البحوث السابقة التي أجرتها جامعة ستانفورد الأمريكية التي وجدت أن "الإفراط في التفكير"، الذي يرجع إلى نشاط الفص الجبهي، يؤدي إلى الانخفاض في القدرة الإبداعية.