توفي أمس الإثنين المفكر والفيلسوف التونسي محمد الطالبي، الذي عُرف بآرائه المثيرة للجدل، ودعواته إلى التجديد في قراءة النصوص الدينية، عن 96 عاماً. ويعد الطالبي أحد أبرز المفكرين التونسيين في الحقل الديني، ألف 26 كتاباً في هذا المجال، وكان يرأس "الجمعية الدولية للمسلمين القرآنيين" الداعية إلى التجديد في الفكر الديني قبل استقالته من منصب في 2016 بسبب الشيخوخة والمرض. ولد الطالبي في 1921 بتونس العاصمة، ودرس بالمدرسة المرموقة الصادقية في تونس، ثم بجامعة السوربون بفرنسا حيث حصل على الدكتوراة. ودرس الطالبي التاريخ الإسلامي، وتولى منصب عميد كلية الآداب في جامعة تونس في 1955، وعُين عميداً لكلية الآداب والعلوم الانسانية في سبعينات القرن الماضي. اشتهر الراحل بدعوته لقراءة وتأويل القرآن الكريم من خلال التعامل المباشر مع النص ودون الأخذ بعين الاعتبار ما راكمه العلماء من اجتهادات طيلة القرون الماضية حيث كان يعتبر الشريعة برمتها مجرد "عمل إنساني". وعرف محمد الطالبي ميله الصريح نحو التفسير المباشر للقرآن بعيدا عن تفاسير واجتهادات علماء الإسلام المعروفين، كما اشتهر برفضه اعتماد الشريعة، واصفا إياها بأنها افتراء على الله بما أنه لم توضع إلّا في القرن السادس الهجري، كما اشتهر بعدة آراء مثيرة للجدل جرّت عليه انتقادات كبيرة من مشايخ داخل تونس وخارجها. ووفق "سي إن إن" العربية، فقد قال محمد الطالبي، في أكثر من لقاء إعلامي، إن البغاء حلال في الإسلام، شأنه شأن شرب الخمر، كما قال إن عدم ارتداء المرأة للحجاب، حتى ولو خرجت عارية، لا تتوّلد عنه أيّ عقوبة في الإسلام، متحدثا كذلك عن أن حكم الرجم (في حق ممارسي الخيانة الزوجية) غير موجود في القرآن، والأمر ذاته ينطبق على حد الردة (الخروج عن الإسلام). ويعدّ الطالبي من الأساتذة التونسيين القلائل الذين أصدروا كتبا بالفرنسية والعربية والإنجليزية، ومن أشهر مؤلفاته "تأملات في القرآن"، و"ديني حريتي: الإسلام وتحديات العصر"، و"الإسلام ليس الحجاب، بل الإيمان"، و"مرافعة من أجل إسلام عصري". أشادت الرئاسة التونسية بالراحل في بلاغ لها، وقالت عنه "فقيد تونس والعالم الاسلامي، المفكّر الحر والمجتهد المجدّد والمصلح الجريء والمناضل الوطني الصلب من أجل الحريّة والإنسانيّة، وأحد أعمدة الفكر في تونس الذي تتلمذت على يديه أجيال تلو أجيال، والذي لم تثنه في الدفاع عن دينه وعلمه وشعبه وأفكاره، لومة لائم ولا شوكة حاكم".