نشع وشروخ بسد النهضة الإثيوبي، كارثة تشغل الرأي العام المصري. تقارير هندسية، كشفت عن مدى حجم الكارثة وحذرت منها، وأوضحت بالأرقام والإحداثيات والصور، الأخطاء الإنشائية في بناء السد، والتي مع مرور الوقت واكتمال البناء سيكون معرض للانهيار. وتكشف الصور الملتقطة لسد النهضة، عن نشع في أساسات السد، ناتج عن شروخ بسبب الخلطات الخرسانية المستخدمة. ومن جانبه، أكد الدكتور محمد حافظ، استاذ هندسة السدود، أنه من السهل جدا لأي باحث أن يزور بنيان سد النهضة، مستخدما "جوجل ماب"، ليرى مساحة (النشع) الموجود على الجزء الأوسط الملاصق للجانب الشرقي لسد النهضة. أي الجزء الموجود على مجري النيل نفسه. وأضاف: يأتي سبب النشع لعدة أسباب.. أهمها (نقص حاد في عرض الأساسات)، يضاف إليه الإختلاف الكبير بين تكوين الخلطات الخرسانية المخصصة لكل جزء من بنيان السد، فكل جزء من السد يتحمل إجهاد مختلف ولذلك لابد أن يصمم بخلطة خرسانية مختلفة تناسب تلك الإجهادات. وتابع : يبدو اجتماع عنصر الخطأ في الخلطة مع صغر العرض، قد أدي لحدوث شروخ جعلت النشع ظاهر بشكل كبير جدا على جسد السد الخرساني، ومن الملاحظ من صورة النشع أن إرتفاع الماء في مجري تفريعة النيل التي تأخذ المياه لتحت الجانب الشرقي من السد. حيث ال4 Box culverts.. وأن الإرتفاع بسيط جدا وعلى الرغم من ذلك تسبب في حدوث نشع. وأوضح حافظ معنى "نشع"، قائلا: يعني شروخات قد تكون (ضيقة جدا) وقد تكون بإتساع عدة مليمترات إلا أن عرض الشرخ غير مهم بتاتا في هذه الحالة . فالعرض سوف يتزايد مع تزايد القوى الواقعة على بنيان السد، حاليا ليس موجود غير جزء بسيط من (القوي الرئسية) وجزء صغير جدا من (القوي الأفقية).. بعد إكتمال السد ستصل (القوي الرئسية) لأقصي قدر ممكن بينما بعد إكتمال التخزين ستصل (القوي الأفقية) لأقصي قدر لها، إلا أن إنفتاح الشرخ لن ينتظر لوصول القوي الرئسية والأفقية لآقصى قدر ممكن بل سيتزايد تدريجيا مع إرتفاع قيمة هاتان المركبتان لمحصلة القوي الواقعة على بنيان السد. وعلى الرغم من تكذيب وزير المياه الإثيوبي، لما جاء بأحد القنوات الإثيوبية حول هذا الأمر، إلا أن (جوجل ماب) لايكذب.. بل الوزير يكذب. وقال الدكتور حافظ، حدوث شرخ في أساسات السد قد تحدث أثناء الإنشاء نتيجة لأخطاء حسابية تصميمية وهذا يحدث فقط في الدول (القهرية) التي يخشي المهندس المسؤول عن التشيد مناقشة الحاكم الديكتاتوري في (الأمر الهندسي) الصادر له من القيادة الحاكمة . ولهذا يستمرون في العمل وإخفاء (العيب) إلا أن تختبره القوي المائية وتفضحه وعندئذ يأتي الحساب بلوم المهندس المسؤول وليس الحاكم. وتكرر الأمر بنفس تفاصيله مع السد الأوغندي Karuma Dam، قبل عام مضي وتم إخفاء هذا العيب طيلة تلك الفترة إلا أن تعرض السد للضغوط المائية في أول تجربة تحميل له فضخت المستخبي وأضر مهندس المشروع للسد الأوغندي الإعتراف بوجود شرخ في جسم السد والإعتذار للشعب الأوغندي. واليوم تقوم شركة سويسرية بإصلاح ما فعله المقاول الصيني المنفذ لمشروع السد الأوغندي على النيل الأبيض، والذي سيقطع عن مصر 2.5 مليار متر مكعب عام 2018. وأضاف: "إثيوبيا ليست إستثناء بل النظام الحاكم هناك هو وريث إنقلابات عسكرية متتالية منذ نهاية حكم الإمبراطور هيلاسلاسي، ولذلك فمهما كانت عيوب في سد النهضة واضحة جليا فلن يناقشوا هذا الأمر علني وخاصة أنهم يعلمون أن (مصر) تنتظر سماع مثل هذه الأخبار، وأيضا لو تسرب كلام مثل هذا للشعب الإثيوبي فغالبا ما سيتم إنقلاب عسكري بإثيوبيا يهز أركانها ويضع كل أعضاء الحكومة الحالية على حبال المشانق، لذلك لاتنتظر أبدا صدور تصريحات حكومية تناقش أمر مثل مشكلة تحريك التربة تحت الأساسات أو نقص عرض الأساسات أو خطأ في التركيبة الخرسانية. هذا أمر مستحيل". وعلى الرغم من ندوة مدير مشروع سد النهضة مؤخرا أمام لجنة هندسية إثيوبية تحدثه فيها لأول مرة عن تقرير التربة وكيف تم تفسير هذا التقرير إلا أن مناقشة هذا الأمر بعد (6 سنوات) من إنشاء السد يؤكد أن هناك مشكلة بشأن تحريك التربة تحت الأساسات. كما أن حديثه في نفس الندوة عن صحة الإختبارات الهندسية التي أجريت على مواد الإنشاء الداخلة في بناء سد النهضة يؤكد صحة ما أشاع بشأن (سوء تركيبة الخلطة الخرسانية). وأجرت الحكومة الإثيوبية استجوابا رسميا لمدير مشروع سد النهضة، بشأن شرح صحة وجودة التصميمات والمواد الإنشائية المستخدمة بسد النهضة. وأكد مدير المشروع سد النهضة، للجنة الفنية، سلامة سد النهضة، مشيرا إلى أنه استخدم أفضل المواد للخلطات الخرسانية المتنوعة والمحددة لكل جزء من أجزاء السد. فهناك خلطة خرسانية للأساسات وخلطات أخرى متنوعة ذات إجهادات مختلفة لكل جزء من أجزاء السد الخرساني. ويؤكد الدكتور محمد حافظ ،تعليقا على استجواب مدير مشروع سد النهضة أمام اللجنة الفنية الحكومية، أن هذا يعكس صدق بعض الأخبار التي صرحت بها أحد قنوات التلفزيون الإثيوبي قبل إسبوع مضي عن وجود تشققات بأساسات سد النهضة بسبب سوء إختيار الخلطات الخرسانية لطبقة الأساسات.. مع وجود مشاكل إنزلاقات للتربة تحت الأساسات.. ثم نفي وزير المياه الإثيوبي تلك الأخبار مؤكدا بأن كل شئ على مايرام ولا يوجد شئ يستحق القلق. على الرغم من من النفي الحكومي لحدوث شروخات بقاعدة الأساسات إلا أن إستجواب مدير مشروع سد النهضة لأول مرة منذ إنشاء السد عام 2011 يؤكد بأنه ليس هناك (دخان بلا نار). وأن هناك حقا مشكلة في أساسات السد. وفي نفس الوقت، فإن إعلان حكومة أوغندا منذ 3 أشهر عن وجود شروخ بأساسات ومفيض سد (كاروما) والتعاقد مع شركة سويسرية لحل مشكلة تلك الشروخات بالسد الأوغندي الصغير ذات ال 2.5 مليار متر مكعب فقط مقارنة ب 74 مليار بسد النهضة . يعكس فعلا أهمية هذا الأمر. فتلك الشروخات بطبقة الأساسات تجعل السد مثل طفل ولد مريضا بسرطان العظام من أول يوم في حياته. هكذا سيكون سد النهضة لو تبين فعلا وجود شروخات بالأساسات. فهناك علاقة تصميمية أساسية بين عرض أساسات السد الخرساني وقدرة تحمل الصخور تحته لوزنه وأيضا الضغوط الأفقية الناتجة من حجز المياه خلفه. ولقد تبين منذ شهر يوليو الماضي أن عرض أساسات سد النهضة لايتناسب تماما مع الإرتفاع المنتظر للسد أي 175متر. وما يزيد من صحة هذا الإفتراض أن المقاول الإيطالي قد أكمل بناء (نصف المقطع الأوسط) منذ شهر فبراير 2016 وهناك صور على موقع شركة ساليني تؤكد صحة هذا الأمر إلا أنه ووفقا لفيديو قناة الجزيرة بداية مارس 2017 لازال الوضع كما هو عليه منذ فبراير 2016 .. مضي عام بالكامل ولم يتم إكتمال الجزء الثاني من (المقطع الأوسط) .. والسؤال هنا لماذا تأخر البناء لقرابة عام هذا على الرغم من إعلان الحكومة الإثيوبية نيتها بدء التخزين وتشغيل أول 2 تروبين قبل بداية فيضان أغسطس هذا العام.؟؟ ولقد أظهرت الصورة الليلة الملتقطة لسد النهضة يوم 29 مارس 2017 تقدم ملحوظ في البناء منذ بعد عرض قناة الجزيرة لبرنامجها عن سد النهضة يوم 28 فبراير 2017. ويظهر في الصورة الحديثة زيادة معدل البناء بشكل كبير جدا خلال تلك الفترة القصيرة مما يعني وجود تعبئة عامة وعمل ليل نهار لإستكمال بناء السد قبل والتخزين قبل أغسطس 2017. إلا أن زيادة معدل البناء بشكل كبير منذ منتصف فبراير 2017 حتى 30 مارس 2017 لايجيب أبدا عن السؤال الجوهري وهو لماذا تعطل البناء خلال الفترة بين (فبراير 2016- حتى فبراير 2017)؟؟ وهل تم حل مشكلة تحريك التربة خلال تلك الفترة ؟؟ وهل تم حل المشكلة لتصمد أمام أحمال السد على المدي القصير أم المدي الطويل؟؟ واستطرد: يبدوا لي أن إرتفاع معدل التشيد خلال الفترة بين (منتصف فبراير 2017- 30 مارس 2017) ربما يكون جاء بقرار سياسي وليس نتيجة لحل مشكلة تحريك التربة. فالضغوط السياسية على رئيس وزراء إثيوبيا تجعله ينفذ هذا المشروع وإفتتاحه بشكل إعلامي كبير ليرضي طموح الشعب الإثيوبي ثم يترك مشاكل المستقبل للمستقبل يحلها. واختتم: إن إحتمالية حدوث تشققات عند ال(Toe) نتيجة الأحمال الرئيسية والأفقية هي إحتمالية كبيرة جدا وإذا حدثت فإن علاجها صعب جدا وخاصة إذا كان إرتفاع السد عالي. ومهما تم علاجها فهو علاج مؤقت يحتاج للمزيد كل عام. تماما مثل هو حادث اليوم مع سد الموصل بالعراق حسب الدكتور حافظ.