كلمة واحدة توقعناها من الدكتور كمال الجنزوري؛ لكن الرجل لم يقلها، ألا وهي الاستقالة من منصبه كرئيس للوزراء، الجنزوري لم يجب على الأسئلة التي يرددها أحرار الوطن، وهي: من المسئول عن قتل وإصابة أكثر من ثلاثمائة وخمسين من الثوار؟ ومن أعطى الأوامر لقوات الجيش التي تحرس مجلس الوزراء بضرب المعتصمين بتلك الوحشية؟ ومن الذي اختطف أحدهم وانهال عليه ضربًا وتعذيبًا، وأخرجوه من داخل مجلس الشعب والدماء تغطيه؟ لكن رئيس الوزراء بدلا من الإجابة على تلك الأسئلة، تجاهلها ومضي يراودنا بالأمن والاقتصاد، مقابل الصمت، على ما تبقى من مطالب الثورة، والمطالب المشروعة للثوار! المدهش، أن الرجل يقول: "إن قوات الجيش لم تخرج لمواجهة الثوار والمعتصمين، ولم تستخدم العنف ضدهم"، وللأسف كلام رئيس الوزراء، لا أساس له من الصحة، ويبدو أن الرجل تناسى أننا في عصر فضائيات، وتكنولوجيا معلومات، وأن صور جنود جيشنا الأشاوش وهم يعتدون على أبناء شعبنا العظيم، انتشرت مثل النار في الهشيم، انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي والفضائيات، وأن عدد المعتقليين الآن بلغ العشرات. وربما ما نوافقه عليه الآن وقاله رئيس الوزراء، هو أن رجال الشرطة لم يشاركوا في تلك الاعتداءات هذه المرة، وإخواننا في جيشنا نزلوا لقتل فلذات أكبادنا، لقتل أنبل ظاهرة في تاريخ مصر، لقتل من فجروا الثورة ويدافعون عنها الآن. هذا القتل يجيء في ظل أحط عملية تشويه لكل ما يمت للثورة بصلة، ويقول لنا الجنزوري إنهم صبية أطفال، ثم يناقض نفسه ويقول: "قاموا تحطيم بوابات وكاميرات مجلس الشعب"، ولا نعرف كيف يحطم صبي أو طفل عمره 12عامًا بوابة حديدية، ويقول الجنزوري إن هؤلاء الشباب لا علاقة لهم بالثورة، وأنهم ثورة مضادة. هكذا يلوي رئيس الوزراء الحقائق، رئيس الوزراء الذي يقود حكومة أغلبها من فلول الحزب الوطني السابق، رئيس الوزراء الذي يقود جهاز تنفيذي وإداري في الدولة، أغلبه من تلك الفلول، رئيس الوزراء الذي جاء للحكم وهو يعرف أن المجلس العسكري سمح لفلول الحزب الوطني المنحل بخوض الانتخابات لكي يكيد للثورة، رئيس الوزراء الذي جاء للحكم وهو يري فلول الوطني تنظم صفوفها في تظاهرات بالعباسية انتقامًا من الثورة والثوار، تلك الفلول التي سمح لها المجلس العسكري ببث فضائيات تشتم الثورة ليل نهار، ومنها فضائية يملكها أحد فلول العباسية. إننا نطالب بمحاكمة فورية لقتلة الثوار بداية من 25 يناير وحتي الوقت الذي نكتب فيه تلك السطور، لابد من يخضع هؤلاء القتلة لمحاكمات عادلة وناجزة وسريعة، بداية من حسني مبارك ونهاية بالقادة الذين أعطوا الأوامر للقوات المرابطة أمام مجلس الوزراء بقتل الثوار خلال الساعات الماضية. ومن الواضح أن الدكتور كمال الجنزوري يصر علي الدخول لمجلس الوزراء، وهو يدوس علي دماء ثوار مصر، لأنه يعرف أن على الارض التي سيدخل منها لتلك البوابة، وقع الأمين العام لهيئة الفتوى شهيدًا برصاص قوات الجنزوري، وعليها استشهد ثمانية آخرون، بخلاف مئات الجرحى؛ لكننا نقولها له ولغيره ممن يحركونه في الظلام: إن ثورة 25 يناير المجيدة التي فجرناها بعون الله سبحانه وتعالي ستنتصر؛ لأنها ثورة شعب صبر طويلاً علي الظلم والطغيان. نتمني أن يغادر الجنزوري منصبه بمجرد انتهاء انتخابات مجلس الشعب الحالية، وأن يتم اختيار حكومة تعبر عن الشعب من المجلس المنتخب، وأن يختار مجلس رئاسي يتولى نقل السلطة للشعب، ولا مانع من أن يكون المشير حسين طنطاوي على رأس هذا المجلس كنوع من التكريم للرجل الذي انحاز للثورة في مرحلتها الأولى، على أن يستمر هذا المجلس في ممارسة مهامه حتى إجراء انتخابات الرئاسة في يونيو المقبل.