"الأدب المُهمّش هو الأدب الأكثر تعبيراً عن الناس وعن الشعب" بهذه الجملة بدأت الكاتبة سلوى بكر مناقشتها لكتاب "منامات الوهراني ومقاماته ورسائله"، أمس الثلاثاء، خلال ندوة نُظمت، ضمن فعاليات المقهى الثقافي، بمعرض القاهرة الدولي للكتاب، حيث أوضحت أن هذا الكتاب التراثي القديم ذو طابع حضاري، عاش صاحبه في فترة انتقال بين نهاية الدولة الفاطمية، وبداية حكم صلاح الدين الأيوبي لمصر. وذكرت بكر - بحسب بيان- أن صاحب الكتاب "الوهراني" جزائري الجنسية، انتقل الى مصر ثم الى الشام فالعراق، وانخرط داخل الحياة الثقافية آنذاك، وهو من المثقفين المهمّشين؛ لذلك فإن رسائله ومناماته كانت بها الكثير من السخرية المتعلقة بالمثقفين الرسميين وقتها. وأشارت إلى أن بعض النقاد والباحثين يعتبرون أن "الوهراني" اتبع فنا لم يكن معروفاً في الأدب وقتها، وهو "فن المنامات"، مشيرة إلى أنهم يرون أن المنامة مختلفة عن المقامة، حيث أن المقامة هي أشبه بالمروية أو الحكاية أو القصة، حيث تكون ذات بنية مختلفة وبها أسماء وشخوص مختلفة تتمحور حولها الأحداث، بينما المنامة "الرؤى" هي جملة من الآراء المثارة حول صورة منام حيث أن مساحة الحرية في المنام تكون أوسع بكثير من مساحة الحدث الواقعي، ولها طابع من اللامنطق. وعن لغة الكتاب، قالت بكر، إن بعض اللغوين يرون هذا الكتاب من أهم الكتب ومصدر قوي وثمين للغة المصريين العربية خلال هذه الفترة، حيث أن "الوهراني" كان يكتب بلغة عربية فصحى عريقة وكان يكتب أيضاً بعامية مصرية، وهناك كثير من المفردات في كتابه لم تعد موجودة الآن. قائلة: "عندما دخلت اللغة العربية مصر كانت تعدّ لغة جديدة وافدة، ولم تكن قد استقرت استقراراً أخيراً كما هو الحال عليه اليوم". من حيث الموضوع، تقول بكر إن الكتاب ينتمي الى ما يمكن أن نطلق عليه الأدب المهمش في مصر، وهو أدب له تراث كبير ولا يعتدّ به رسمياً؛ فهو قادر على الانتقاد ومليء بالسخرية والتهكم وبانتقاد الأوضاع السياسية والاجتماعية وحتى الدينية، حيث كان في عصرهم مساحات من الحرية التعبيرية. وذكرت أنه بإمكان الجميع قراءة هذا الكتاب على كل المستويات حيث أنه كتاب غني ومفيد ودال على جانب مسكوت عنه في ثقافتنا. من جهته قال، الدكتور عبدالسلام الشاذلي، الناقد الأدبي، إن هذا الكتاب مرتبط بالحاضر، رغم أنه تراثي، مشيرا إلى أن المنام هو عمل إبداعي وله بذور طويلة وممتدة في الطراز القديم الديني والبشري. وذكر أن "الوهراني" عاش في فترة انتقالية بين نظامين أدت الى حالة من الضغط النفسي عليه، وكان ذلك هو الدافع لكتابة هذا الكتاب. وأضاف أن هذا الكتاب، بمثابة وثيقة من تاريخ السرد العربي، واختتم كلامه بقوله: "عندما نعود إلى تراثنا نزداد قوة بما نرتديه من ثياب تليق بنا".