قال الدكتور يوسف بن أحمد العثيمين الأمين العام لمنظمة "التعاون الإسلامي"، إن "المنظمة عبرت في عديد المناسبات والمحافل الدولية عن بالغ قلقها، إزاء العملية الأمنية التي تم إطلاقها في التاسع من أكتوبر 2016 م، في ولاية راخين من قبل حكومة ميانمار، والتي أعقبتها حملة عنيفة ضد الروهينجيا في دولة ميانمار". وفي افتتاح الدورة الاستثنائية لمجلس وزراء الخارجية بشأن وضع أقلية الروهينجيا المسلمة في ميانمار، أكد الدكتور العثيمين: "وردتنا تقارير من مصادر مختلفة، حيال حدوث هجمات على مسلمي الروهينجيا، بما في ذلك تعرضهم لعمليات قتل خارج نطاق القضاء، وإحراق منازلهم، وقيام قوات الأمن باعتقالات تعسفية في صفوفهم". وقال أمين عام "التعاون الإسلامي" في بداية كلمته: "أعرب عن خالص الشكر والتقدير لحكومة ماليزيا ولرئيس الوزراء محمد نجيب تون عبد الرزاق، نظير المبادرة الطيبة حول عقد الاجتماع واستضافة هذه الدورة الاستثنائية، لمجلس وزراء الخارجية حول وضع الروهينجيا المسلمة في ميانمار، وأثمن عالياً الدور الريادي الذي اضطلع به رئيس وزراء ماليزيا، في التعريف بالأوضاع المتدهورة، التي تعيشها مجموعات الروهينجيا المسلمة، وأشيد بما قدمته ماليزيا إلى جانب عدة دول أعضاء من مساعدات إنسانية ورعاية للاجئين إليها". وأضاف الدكتور العثيمين: "وفقاً لمكتب الأممالمتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فقد فرّ أكثر من 65 ألفا من أفراد الروهينجيا إلى بنغلاديش وحدها، خلال الفترة ما بين التاسع من أكتوبر 2016 م، وحتى الخامس من يناير 2017 م، إضافة إلى الآلاف الذين أُجبروا على الفرار إلى دول أخرى، أعضاء في منظمة التعاون الإسلامي، ومنها ماليزيا ودول الآسيان خلال موجات سابقة من العنف". وزاد: "في الوقت الذي تجدد فيه منظمة التعاون الإسلامي شجبها وإدانتها، لأعمال العنف غير المبرر ضد الروهينجيا، فإنها تدعو بكل حرص حكومة ميانمار إلى ضرورة تحلّي قواتها الأمنية، بأقصى درجات ضبط النفس تجاه السكان المدنيين، ومنع الجماعات المتطرفة من تأجيج مشاعر الكراهية الدينية، ووقف الأعمال العدائية بدون مبررات مقنعة أو شرعية ضد المجتمع المسلم". وأوضح أمين عام "التعاون الإسلامي": "كما تعلمون، أيدت المنظمة ترحيب المجتمع الدولي بعملية التحول الديموقراطي في ميانمار، وبانتخاب السيدة أونغ سان سو كي، التي حملت الرابطة الوطنية من أجل الديموقراطية إلى السلطة، وكان الأمل يحدونا بأن يُسهم ذلك في دخول ميانمار عهداً جديداً، من خلال تشكيل حكومة قادرة على الاستجابة لتطلعات شعبها، دون تفرقة أو تمييز عرقي أوديني". وأضاف: "بالرغم من التقدم المحرز في العملية الديموقراطية إثر استلام القيادة الجديدة لمقاليد السلطة في البلاد، فإن ثمة مؤشراتٍ ودلائل عديدة، على استمرار وجود حملة ممنهجة من العنف والترهيب ضد مسلمي الروهينجيا في ميانمار، الأمر الذي أكده التقرير الصادر عن مفوض الأممالمتحدة السامي لحقوق الإنسان الأمير زيد بن رعد الحسين في ال 20 من يونيو 2016 م، والذي يوثق انتهاكات واسعة لحقوق الإنسان، بما في ذلك انتهاكات ضد الأقليات في ميانمار، ولا سيما ضد مجتمع الروهينجيا المسلم". وأشار إلى: "تقرير الأممالمتحدة يؤكد أن مسلمي الروهينجيا ما زالوا يعانون من الحرمان التعسفي من الجنسية، ومن القيود المشددة المفروضة على حريتهم في التنقل، والتهديدات التي تطالهم في حياتهم وأمنهم، علاوة على حرمانهم من خدمات الرعاية الصحية والتعليم، والعمل القسري، ومن القيود المفروضة على حقوقهم السياسية، وغير ذلك من الانتهاكات التي لا يتسع المجال لتفصيلها". وأضاف: "اليوم وعلى الرغم من مرور سنوات عديدة على أحداث العنف، التي تشهدها ولاية راخين، لا يزال أكثر من 120 ألفا من الروهينجيا يعيشون في مخيمات للنازحين، كما تسببت السياسات التي تنتهجها سلطات ميانمار، في فرار الآلاف من الروهينجيا وغيرهم من النازحين، طلباً للجوء في البلدان المجاورة، ولا شك أن العبء الكبير الذي يقع على كاهل البلدان المضيفة سيتفاقم، بتزايد هذه الأعداد من اللاجئين المحرومين من العودة إلى ديارهم، ويمثل هذا الوضع تهديداً محتملاً لاستقرار المنطقة الآسيوية بشكلٍ عام، في المستقبل القريب والبعيد". وأكد العثيمين: إنه "في ضوء هذه التطورات الخطيرة والمؤسفة، سجلت الأممالمتحدة مشاكل خطيرة في مجال انتهاكات حقوق الإنسان في ميانمار، واحتمال وقوع جرائم ضد الإنسانية في هذا البلد، لذا لا يمكننا بأي حال من الأحوال أن نتغافل عن قضية الروهينجيا، أو الزعم بأنها مسألة داخلية، إذ أن هذه المأساة هي إحدى أهم قضايا حقوق الإنسان، والتي يجب أن تحظى بأكبر قدر من الاهتمام، من قبل الرأي العام العالمي والمجتمع الدولي". وأوضح الدكتور العثيمين: إن "منظمة التعاون الإسلامي سعت إلى التعاون مع السلطات في ميانمار على مختلف المستويات، ودَعتها إلى اعتماد سياسة تتسم بالشفافية والعدالة تجاه الأقليات العرقية والدينية، كما أكدت على ضرورة قيام حكومة ميانمار، باتخاذ الإجراءات الكفيلة والخطط العملية، لتمكين الروهينجيا من استعادة مواطنتهم، ومنع استمرار التمييز والعنف وموجة الانتهاكات غير المبررة ضدهم". وأضاف: "إن الدفاع عن المجتمعات المسلمة التي تُستهدف على هذا النحو، هو من واجب جميع الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي، بموجب ميثاق المنظمة، وكما تعلمون، فقد اعتمدت القمم الإسلامية واجتماعات مجالس وزراء الخارجية عدة قرارات، تدعو ميانمار إلى الالتزام بالقوانين والأعراف الدولية، وأتطلع إلى أن تواصل الدول الأعضاء في المنظمة، وأخص بالذكر الدول الأعضاء في رابطة أقطار جنوب شرق آسيا (الآسيان)، جهودها الرامية إلى حث سلطات ميانمار، على السماح بوصول المساعدات الإنسانية إلى المنطقة، والسماح بإجراء تحقيقات نزيهة وموضوعية في حوادث العنف ضد مسلمي الروهينجيا". وخلص أمين عام "التعاون الإسلامي" إلى: "أود أن أعرب عن تقديري العميق للدول الأعضاء التي تكرمت بتقديم مساعدات مالية وإنسانية للاجئين الروهينجيا، كما أحث جميع الدول الأعضاء على مواصلة تقديم الدعم لقضية الروهينجيا، والانخراط في بلورة حلول للتحديات التي تواجهها، وأتطلع إلى أن تسهم مداولاتنا اليوم، في تقديم أنجع السبل لتخفيف معاناة مسلمي الروهينجيا في ميانمار".