قال الإعلامي جمال الشاعر رئيس معهد الإذاعة والتليفزيون أن الإعلام في مصر تحول إلى حائط مبكى، نعلق عليه خطايانا، مؤكدا أنه لا يدافع عن ماسبيرو الذي وصف معالجته للثورة بالمهزلة، ولكن ذراع السياسة والأمن يسبقان الإعلام في الوصول بنا لهذه الحالة . وأكد الشاعر أن الإعلام المصري لم يكن مرآة لشعبه في ثورته، بل كان يتحدث بصوت الحاكم، وهو من موروثات الثقافة المصرية الرسمية منذ أيام المماليك حينما كانوا يضعون جهاز الطبلخانة التي تطبل للحكام لتعلن حديثهم للناس، وطالما الحكومة تدفع للإعلام بالطبع فإنه يتحول ليرضيها، ويصبح وزير الإعلام جزء من سياسة الحكومة والنظام بأكمله ، لذا إن أردنا للعازف أن يختار اللحن لابد من إلغاء وزارة الإعلام وتحقيق استقلالية ماسبيرو ليصبح تابعا لجهاز شبيه بذلك الذي يحكم التليفزيون البريطاني وهو مجلس العموم، أو رقابة مجلس الشعب عندنا . جاء ذلك خلال الندوة التي عقدت مساء أمس في قاعة المؤتمرات بجامعة القاهرة، وحضرها حشد من أبرز الإعلاميين بينهم ممدوح الولي نقيب الصحفيين، أحمد الشرقاوي نائب مدير تحرير وكالة أنباء الشرق الأوسط، حسن عماد عميد كلية الإعلام، عادل نور الدين رئيس قطاع قنوات المحروسة، ومجدي عبد العزيز مدير تحرير "أخبار اليوم"، ورأس المؤتمر د. صديق عفيفي رئيس المجلس العربي للتربية الأخلاقية. وقال الإعلامي جمال الشاعر أن ماسبيرو عليه 14 مليار جنيه ديون، وذلك بالإضافة لفوائدهم ، وهي أرقام مهولة، وخاصة مع وجود 43 ألف عامل بداخله، وغياب الكفاءة كشرط للتعيين، وهي ظاهرة مستمرة في الإعلام وغيره من المؤسسات الرسمية حتى العسكرية منها . وأضاف : الإعلام المصري تجاهل الناس، وقد ألغى وزير الإعلام السابق أسامة هيكل البرامج الجماهيرية، وكان التفكير يتجه للنخب ورجال الأعمال ، أما ماسبيرو فاستمر كإعلام نظام وليس دولة ، واستطاعت برامج التوك شو أن تكون المتنفس الحقيقي للناس، وكذلك الصحافة المستقلة ، وقاد ذلك عدد من الإعلاميين الذين وقعوا تحت التهديد بالإعتقال . من جهة أخرى، دعا الشاعر حكومة الجنزوري لتدارك خطأ المجلس العسكري حينما تجاهل كتلة الشباب، وقال أن الجنزوري كان عليه اختيار وزراء منهم ، وأن يكون لهم مستشارين من الخبرات وكبار السن، وليس العكس . كما اعتبر أننا نعيش حالة من السيولة السياسية المتعمدة في المجتمع المصري ، ونفتقد لأسلوب إدارة الأزمة منذ الثورة، وهو ما حدا بالناس بعد قتل مصريين على الحدود مثلا لأن يتظاهروا أمام السفارة الإسرائيلية ويدخلون مبناها وينزلون العلم ويهدمون السور المقام أمامها بأنفسهم، وقد كرم المحافظ الشاب الذي أنزل العلم ومشكلة ذلك أنه يكرس للفوضى غير المحسوبة . وأشار الشاعر إلى أننا لا نريد دولة عسكرية ولا دولة يحكمها التيار الديني، ولابد أن نصمم على أن تصبح الدولة مدنية حديثة وقد كانت كذلك منذ عهد محمد علي ، لكن المؤشرات تقول أن المجلس العسكري باق في السلطة في أي تشكيلة قادمة ، وأكد الشاعر أنه لا يدعو للصدام مع المجلس واصفا ذلك بالتصرف الخطير على مصر . من جانبه دعا أحمد شرقاوي نائب وكالة "الشرق الأوسط" لإصلاح الإعلام بعد الثورة، مؤكدا على حق الجماهير في الاعتصام السلمي بالميدان أو التظاهر باعتبار أن ذلك الضمانة الوحيدة لعدم عودة ديكتاتور جديد يحكمنا، وأكد أن الشرعية الثورية مستمدة من الناس، وأن وسائل الإعلام الرسمية تلعب دورا مضادا لأهداف الثورة، بعكس الإعلام المستقل الذي دعم الثورة . وأضاف الشرقاوي أننا مقبلين على نظام فاشي ديني أو عسكري إلا إذا فاق الشعب من غفوته، وقال أن الحكام المصريين احتقروا الشعب ولم يكونوا يستحقون أن يحكموه . أما نقيب الصحفيين ممدوح الولي فدعا لعدم انحياز الصحفي المصري لأي حزب يفقده مصداقيته، مؤكدا أن المواقع الإلكترونية والفضائيات ساهمت هي الأخرى في كشف الفساد . ولكنه اعتبر أن الفجوة بين الإعلام والناس أصبحت زائدة لعدم تطوير الإعلاميين لمهاراتهم، ونتيجة عدم معاقبة الإعلاميين المفسدين، ونتيجة وقوع كثير من الصحفيين تحت طائلة المحاكمات العسكرية وهو أمر مرفوض تماما . أما عادل نور الدين فدعا لاتسام الإعلام بالمهنية والمحايدة واحترام مواثيق الشرف ، ويجب أن تفعل النقابات الإعلاميين دورها لمحاسبة الإعلاميين لو خرجوا عن نطاق واجبهم، وأن تراجع أنماط ملكية الإعلام واختيار الإعلاميين المؤهلين .