توقع مجلس الطاقة العالمي أن يأتي الطلب الإضافي على الوقود من الدول النامية مثل الصين والهند، حيث يتوقع حدوث نمو بنسب تتراوح بين 200% إلى 300% خلال 40 عاما قادمة. ومن جهة أخرى يتوقع المجلس انخفاض الطلب على الوقود في الدول المتقدمة بنسبة 20% وذلك بسبب زيادة الفاعلية. وبذلك يشير التقرير إلى أن طلب الدول النامية للوقود سيفوق طلب الدول المتقدمة بحلول عام 2025.
ويتوقع التقرير أيضاً استمرارية استخدام مشتقات البترول لتشغيل 80% من وسائل النقل العالمية طوال الأربعين سنة القادمة، جراء حدوث نمو قوي في الطلب من قطاعات الشحن والأعمال الثقيلة والطيران.
ويرى الخبراء أنه وبحلول عام 2050 سيزداد الطلب العالمي على وقود النقل بأنواعه ليصل إلى نسب ترتفع عن متطلبات عام 2010 ب 30 إلى 82%. وقد تم الكشف عن هذه الإحصاءات من خلال تقرير "سيناريو المواصلات حتى العام 2050" والذي يقدمه مجلس الطاقة العالمي في مؤتمر البترول العالمي في الدوحة.
وتصف نتائج هذه الدراسة التي استمرت عاما كاملا التطورات المحتملة في وقود المواصلات العالمية والأنظمة التقنية من خلال اثنين من السيناريوهات ذات الخصائص المتميزة، هي "الطريق السريع" و "طريق رسوم التعرفة".
ويتصور سيناريو"الطريق السريع" العالم بأنه مكان تسود فيه موجهات تخلق مناخا مفتوحاً للمنافسة الدولية وتقدم حلولا يقودها القطاع الخاص وتخفيض التكاليف.
أما سيناريو "طريق رسوم التعرفة" فيصف عالما أكثر تنظيما، حيث تقرر الحكومات التدخل في الأسواق لتعزيز الحلول التقنية وتطوير البنية التحتية التي تضع الصالح العام في الصدارة.
وعلق البروفسور كارل روز، مدير السياسات والسيناريوهات في مجلس الطاقة العالمي: "يمثل سيناريو الطريق السريع وطريق التعرفة طرفين متعاكسين لمستقبل المواصلات المحتمل.
حيث أن الواقع الحقيقي سيكون في نهاية بالأمر واقعاً بين هذين الطرفين مع وجود اختلافات بين المناطق تلعب دورا جوهريا".
وأضاف د. روز " هناك ادلة على أن قطاع النقل سيتعرض إلى تغييرات جذرية. فوسائل النقل الخفيفة في دول منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية سيتم تحويلها بشكل شبه كامل إلى تلك التي تستخدم مزيجا من الوقود وبالتالي سيشهد العالم انتقال الطلب على الوقود التقليدي إلى الدول النامية.
فتأثير التكنولوجيا الحديثة كان أقل عمقاً مما توقعه البعض. ويرجع ذلك بشكل أساسي إلى النمو الغير اعتيادي لقطاع النقل الثقيل."
ومن جهته قال د. عائض القحطاني، مدير المشاريع في مجلس الطاقه العالمي ورئيس فريق "سيناريو المواصلات حتى العام 2050"
"تظهر أبحاثنا نموا قويا في الطلب على الديزل وزيت الوقود ووقود الطائرات التي تشكل مجتمعة وقود سوق المواصلات. وبحلول 2050 سيزداد الطلب على هذه الأنواع الثلاثة بنسبة تتراوح بين 10-68%. حيث ارتفاع الطلب على الديزل لوحده قد يتجاوز 46-200%
بينما قد يشهد وقود الطائرات ارتفاعا قدره 200-300% ولهذا آثار هامة بالنسبة لمصافي التكرير وقطاع التسويق، وخصوصا في اوروبا التي لها تقليديا تركيز أكبر على وقود الديزل. "
أما الآثار المترتبة على البيئة فهي كبيرة. فقد بلغت انبعاثات ثاني أكسيد الكربون من قطاع المواصلات عام 2010 حوالي 23% من مجمل انبعاثات هذا الغاز في العالم.
وتشكل السيارات 41% من تلك الانبعاثات. ومع ارتفاع مستويات الطلب على النقل في عام 2050 ، يتوقع واعتمادا على مزيج الوقود أن يرتفع إجمالي انبعاثات ثاني أكسيد الكربون من قطاع النقل بنسبة 16 ٪ (في حال سيناريو طريق رسوم التعرفة)
أو 79 ٪ (سيناريو الطريق السريع) ، وذلك يعتمد كليا على درجة تدخل الحكومات في أسواق النقل وتطور تقنيات خفض انبعاثات الكربون في نظم الوقود.
وقال د. كريستوف فراي، الأمين العام لمجلس الطاقة العالمي: "يمثل قطاع النقل اليوم ربع انبعاثات الكربون.
ونتوقع ارتفاع الانبعاثات منها بنسبة 79% بحلول 2050. ومع ذلك قد يمكننا الحد من هذا الارتفاع ليبلغ 16% فقط من خلال تفعيل سياسات تمكن الحكومات والقطاع الخاص من التدخل. وهذه نسبة تحكم كبيرة لكل تحقيقها يتطلب منا التحرك الآن."
ويستنتج مجلس الطاقة العالمي أن أكبر تحد ستواجهه الحكومات يكمن في توفير مواصلات مستدامة لتسع مليارات نسمة ستعيش في العالم بحلول 2050. وللقيام بذلك يجب اتخاذ أكثر الأساليب فاعلية من حيث التكلفة كتقليل الازدحام والتلوث والضوضاء الناتج عن تزايد النقل والشحن لأدنى حد.
وتعليقا على التقرير قال بيير جادونيكس رئيس مجلس الطاقة العالمي: "وضع المجلس العالمي للطاقة سيناريوهات للنقل لتكون القاعدة التي منها ينطلق الحوار البناء بين صناع القرار العالمي والمحلي والمصنعين والمستهلكين والمنتجين.
فمن الواضح أن الاقتصادات الناشئة هي التي ستسهم في تشكيل الاحتياجات المستقبلية للنقل، من خلال النمو السريع لمجتمعاتها واقتصاداتها.
لكن يجب التنويه إلى أن الدول المتقدمة لديها حاليا نطم مواصلات تعتمد بشكل كبير على الوقود التقليدي. لذا وجب علينا الآن من أجل ضمان مستقبل مستدام للمواصلات أن نقوم بتشجيع خيارات مرنة ومتنوعة من مصادر الطاقة."
وأضاف "فقط من خلال ظهور قيادات قوية على المستوى الحكومي والخاص، يمكن إحداث إسهام إيجابي نحو تقدم نظم المواصلات لمستقبل مستدام يرعى أجيال المستقبل".