معاناة وأزمة كبيرة يتعرض لها مريض الالتهاب الجلدي التقيحي بسبب ما يسببه المرض من أضرار لصاحبه، لا تقتصر فقط عند حد المرض العضوي، بل تتخطاه لتسبب ضرر نفسي واجتماعي، بسبب الرائحة الكريهة التي تصدر من المريض، وانعزاله عن مجتمعه وحتى عن أسرته.. بدون تجميل للكلام، نحن أمام مرض عضال، يمكن تصنيفه ضمن الأمراض المزمنة.. مرض جلدي خطير يسبب أضرار نفسية وعضوية للمريض لذلك يتطلب العلاج سريعا، هذا هو التوصيف الذي يمكن إطلاقه على مرض "التهاب الغدد العرقية القيحي"، أو الالتهاب الجلدي التقيحي، لكونه أحد الأمراض المزمنة، من حيث عدم وجود أسباب معروفة وواضحة للإصابة به، علاوة على صعوبة تشخيصه، لتشابه أعراضه مع عدد من الأمراض الجلدية الأخرى، لذلك فهو يحتاج لمتابعة مستمرة مع طبيب أمراض جلدية، خاصة أن إهماال علاجه، قد يؤدي للإصابة بالأورام السرطانية. "التهاب الجلد التقيحي" والمعروف بالإنجليزية باسم Hidradenitis Suppurativa، هو مرض مزمن يصيب 1% من الأشخاص البالغين في مصر، فهو يصيب البالغين فقط ومن هم أقل من 55 عاما، ويعتبر من الأمراض الجلدية التي تحتاج للكثير من التوعية بين المرضى والأطباء، بحسب ما أكده الدكتور محمد السعد الرفاعي استاذ الأمراض الجلدية بطب قصر العيني، مضيفا، تبدأ أعراض مرض "التهاب الجلد التقيحي" عند الشباب في العشرينيات من أعمارهم، على شكل خرّاجات أو تجويفات قراحية وندب عند منطقة الإبط، وملتقى الفخذين وتحت الثدي ويستغرق التشخيص مدة تتراوح من 3 الي 5 سنوات ليتم تشخيص المرض بشكل سليم، وعند اكتشاف المرض يمكن للمريض المتابعة مع طبيب جراحة أو أمراض نساء لكن أفضل تخصص لتشخيص هذا المرض هو الجلدية. وأشار الدكتور محمد السعد الرفاعي أن مرض التهاب الجلد التقيحي يصيب النساء أكثر من الرجال بنسبة 3 إلى 1، ولا يوجد لهذا المرض سبب معين، غير أن الاستعداد الوراثي يلعب دورا كبيرا في هذه الحالة وينتج عنه العديد من المشكلات النفسية كونه يسبب عزلة للمريض ويصعب عليه التعايش مع الآخرين. أما الدكتور محمود عبدالله، أستاذ الأمراض الجلدية بطب عين شمس أشار ان المرض يسبب العديد من المضاعفات عندما يكون مستمراً وشديداً، علاوة على أن إهمال العلاج قد يؤدي إلى الأورام والإصابة بالسرطان ، وقال تتضمن هذه المضاعفات، التشوهات والندبات والتغيرات الجلدية، كما أنه يمكن أن يسبب تحديد في الحركة أو ألم أثناء الحركة، خاصة إذا حدث في الإبطين والفخذين، كما يرتبط المرض بإلتهاب المفاصل ومرض كرون، وهذا الإرتباط يكون غالبا اذا أصاب إلتهاب الغدد العرقية المناطق المجاورة لأعلى الفخذ والشرج، كما أن التدخين والسمنة لهما دور سلبى على المرض والتوقف عن التدخين وإنقاص الوزن لهما دور فعال في علاج المرض وتأثير كبير على حالة المريض النفسية، ولهذا فان التشخيص المبكر لهذا المرض هام جدا حيث أنه قد يفي المريض من عمليات جراحية كثيرة ومؤلمة. وأكد أن المشكلة في هذا المرض أن العلاجات سابقاً كانت محدودة ولا تؤدي الغرض المطلوب في الشفاء من المرض تماماً، هل يوجد علاج جديد للمرض؟ مع التطور في مجال الأدوية البيولوجية جاء مستحضر اداليميوماب وهوا المستحضر الوحيد الذى تمت الموافقة علية من قبل هيئة الغذاء والدواء الأمريكية FDA والجمعية الأوروبية للدواء EMA للحالات المتوسطة والشديدة من المرض. ويعد مستحضر اداليميوماب أحد العلاجات البيولوجية التي تعالج 11 مرض مناعي مثل مرض الصدفية والروماتويد والتهاب القولون التقرحي وأخرهم التهاب الجلد التقيحي. هل يمكن للمواطن العادى تحمل تكلفة العلاج؟ أشار الدكتور عبدالله أبو طالب الخبير في منظمة الصحة العالمية والمتخصص في اقتصاديات الصحة، إلى نقطة مهمة تتعلق بآلية علاج المرضى, فعلى الرغم من ان الدواء مكلف ماديا بالنسبة لغير القادرين، وبمعرفتة بوزارة الصحة و حرصها على تحسين الخدمة الصحية وتقديم خطوط علاجية حديثة للمواطن المصري, أوضح أنه يمكن تطبيق اسس صحيحة لاقتصاديات الصحة وتحديد الجدوى الاقتصادية للعلاج مقابل العلاجات الاخرى والتى قد تكون اقل او عديمة الفاعلية مقارنة بالتكلفة المدفوعة و بذلك يمكن اعادة تدوير تلك الموارد نحو العلاج الجديد بدون تحميل الدولة اي اعباء جديدة .