أقام مختبر السرديات في المنصورة ندوته الشهرية لمناقشة مجموعة "دفتر النائم" للكاتب شريف صالح وذلك في قاعة الضيافة في جامعة المنصورة. أدار الندوة الكاتب د.أحمد الزلوعي وشهدت حضورًا لافتًا وأكثر من ثماني دراسات وقراءات بدأها الروائي فكري عمر بقراءة بعنوان "بين دفتي دفتر النائم: رحلة الحياة والموت" وهي رحلة ليست طقوسية تقدم نسيجًا سرديًا يعتمد على تقنيات الحلم وحكايات الطفولة وتتردد في أصدائه ثيمات هزيمة الزمن وقهره للشخصيات والفقد، حيث تظهر القصص كصور مختلفة لشيء واحد، أو مرايا بأحجام مختلفة لمعنى يلح على نفس الكاتب. ومع استكمال رحلة متنوعة الرغبات نصل إلى آخر قصة "بحيرة الطين" مادة الإنسان الأولى ومنتهاه. أما الكاتب والناقد ممدوح رزق فتناول المفهوم الأدويبي من خلال دراسة بعنوان ""يقظة القص الأوديبي" ركز فيها على ذلك المفهوم السيكولوجي وتجلياته في نصوص كثيرة عن علاقة الراوي الطفل بأبيه وأمه وهو ما يظهر في قصص مثل "رحلة النهار والليل"، و"كوخ ست الحسن" و"تووت"، و"قصر الأموات"، و"قطعان الليل والنهار". وتطرق رزق إلى مفاهيم أخرى مرتبطة بدراسته مثل الشعور بالذنب مشيرًا إلى إصرار البطل الراوي على الانتقام من الأب الذي ترتبط سلطته بمفهومي "القوة" و"المعرفة" ورأى أن "الدفتر" في العنونة يدل على فضاء مراوغ تغيب فيه الفواصل القاطعة بين التدوينات. ناقش القاص حسام المقدم مستويات الحلم في نصوص المجموعة ورأى أن هناك ثلاثة مستويات، بعضها ينبع من عمق اللاوعي مثل "حقك من الدنيا" و "إحياء الطفل" وبعضها يأتي من منطقة وسطى يسعى فيها الوعي لإعادة التوازن إلى البناء الحلمي كما في قصة "هروب جسدي" أما المستوى الثالث فيبتعد عن الأحلام وغرائبيتها ويقترب جدًا من سطح الوعي مثل "الخالة اليابانية" و"زيارة صاحب العمل". وفي قراءته ركز القاص رضا ياسين على بساطة اللغة وشفافيتها وبعدها عن الاستعارات والمجازات.. أما الناقد محمود الزيارت فقدم قراءة تحيط بأهم ملامح المجموعة ورأى أن ما بها من عوالم ودوال لا يمكن قراءتها إلا عبر تقنيات تفسير الأحلام. فيما رأى الشاعر عماد مجاهد أن المدخل في قراءة النصوص هو مفهوم "خلخلة اليقين" لأننا إزاء قصص لا تقدم لنا إجابات ولا معنى جاهزًا بل تترك لنا مهمة التأويل والتفسير، وحرص مجاهد على قراءة قصة "خطاب شكر للرواد الخمسة" وهو من أطول نصوص المجموعة. فيما أشاد القاص نبهان النبهان بقدرة الكاتب شريف صالح على التغيير والتجريب من مجموعة لأخرى حيث تأتي "دفتر النائم" مغايرة في لغتها وعوالمها مقارنة بمجموعته السابقة "بيضة على الشاطئ". وهو ما أكد عليه أيضًا الكاتب أيمن باتع الذي قرأ من نصوص المجموعة قصتي "أسرة أمام التلفزيون" و"ضحية آخر الشارع" فيما قرأت الشاعرة أمل مشالي قصة "تووت" وأشادت بمستوى المجموعة خلال تعقيبها. وحرص الكاتب شريف صالح في نهاية الندوة على شكر "مختبر السرديات في المنصورة" والذي سبق أن استضافه وناقش مجموعته "بيضة على الشاطئ"، وأشار إلى أنه يتكئ كثيرًا على تقنية الحلم في معظم أعماله لكن ميزة "دفتر النائم" أنه العمل الوحيد الذي تأسست جميع نصوصه على أحلام حقيقية كان يدونها فور استيقاظه من النوم ثم أعاد الاشتغال عليها بشكل قصصي.. مشيرًا إلى أنه يترك مهمة تفسيرها وتأويلها إلى كل قارئ حسب مستدعياته الخاصة وإسقاطاته على الأحلام/النصوص. والمعروف أن صالح أصدر ست مجموعات قصصية، ونال جائزة دبي الثقافية عن مجموعته "بيضة على الشاطئ" وجائزة ساويرس عن "مثلث العشق"، كما نال جائزة الشارقة للإصدار الأول عن مسرحيته "رقصة الديك". وأحدث مجموعاته "دفتر النائم" تتضمن 24 نصًا وصدرت عن قطاع الثقافة في مؤسسة الأخبار