منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية تخفض من توقعاتها بالنسبة لنمو الاقتصاد الألماني    مجلس الحرب الإسرائيلي يجتمع اليوم لمناقشة موضوعي الرهائن واجتياح رفح    طريق الزمالك.. البداية أمام بروكسي.. والإسماعيلي في مسار الوصول لنهائي الكأس    رانجنيك يوجه صدمة كبرى ل بايرن ميونيخ    حبس طالب جامعي تعدى على زميلته داخل كلية الطب في الزقازيق    مصرع وإصابة 3 أشخاص في حادث بالطريق الزراعي بالقليوبية    محافظ المنيا يوجه برفع درجة الاستعداد لاستقبال عيدي القيامة وشم النسيم    الثانوية العامة 2024.. مواصفات امتحان اللغة العربية    بحضور سوسن بدر.. انطلاق البروفة الأخيرة لمهرجان بردية لسينما الومضة بالمركز الثقافي الروسي    «الشيوخ» ينعي رئيس لجنة الطاقة والقوى العاملة بالمجلس    ارتفاع حصيلة قتلى انهيار جزء من طريق سريع في الصين إلى 48 شخصا    مصير مقعد رئيس لجنة القوى العاملة بالشيوخ بعد وفاته    السيسي: حملات تفتيش على المنشآت لمتابعة الحماية القانونية للعمال    الأهلي والالومنيوم والزمالك مع بروكسي.. تفاصيل قرعة كأس مصر    نجم الأهلي السابق: إمام عاشور أفضل لاعب في مصر    الهجرة تعلن ضوابط الاستفادة من مهلة الشهر بمبادرة سيارات المصريين بالخارج    «القومي للأمومة» يطلق برلمان الطفل المصري لتعليم النشئ تولي القيادة والمسؤولية    وزراة الدفاع الروسية تعلن سيطرة قوات الجيش على بيرديتشي شرقي أوكرانيا    واشنطن تطالب روسيا والصين بعدم منح السيطرة للذكاء الاصطناعي على الأسلحة النووية    الأرصاد: الأجواء مستقرة ودرجة الحرارة على القاهرة الآن 24    حداد رشيد حول منزله إلى ورشة تصنيع أسلحة نارية    أب يذبح ابنته في أسيوط بعد تعاطيه المخدرات    ميقاتي: طالبنا المجتمع الدولي بالضغط على إسرائيل لوقف هجماتها على لبنان    بعد طرح فيلم السرب.. ما هو ترتيب الأفلام المتنافسة على شباك التذاكر؟    مسلسل البيت بيتي 2 الحلقة 4.. جد بينو وكراكيري يطاردهما في الفندق المسكون    الإمارات: مهرجان الشارقة القرائي للطفل يطلق مدينة للروبوتات    تزايد حالات السكتة الدماغية لدى الشباب.. هذه الأسباب    فيديو وصور.. مريضة قلب تستغيث بمحافظ الجيزة.. و"راشد" يصدر قرارا عاجلا    السكرتير العام المساعد لبني سويف يتابع بدء تفعيل مبادرة تخفيض أسعار اللحوم    «اكتشف غير المكتشف».. إطلاق حملة توعية بضعف عضلة القلب في 13 محافظة    مصدر رفيع المستوى: تقدم إيجابي في مفاوضات الهدنة وسط اتصالات مصرية مكثفة    رئيس اتحاد القبائل العربية يكشف أول سكان مدينة السيسي في سيناء    «التنمية الحضرية»: تطوير رأس البر يتوافق مع التصميم العمراني للمدينة    دعم توطين التكنولوجيا العصرية وتمويل المبتكرين.. 7 مهام ل "صندوق مصر الرقمية"    كلية الإعلام تكرم الفائزين في استطلاع رأي الجمهور حول دراما رمضان 2024    هل تلوين البيض في شم النسيم حرام.. «الإفتاء» تُجيب    شيخ الأزهر ينعى الشيخ طحنون بن محمد آل نهيان    كولر يعالج أخطاء الأهلي قبل مواجهة الجونة في الدوري    شوبير يكشف مفاجأة عاجلة حول مستجدات الخلاف بين كلوب ومحمد صلاح    هيئة الجودة: إصدار 40 مواصفة قياسية في إعادة استخدام وإدارة المياه    بنزيما يتلقى العلاج إلى ريال مدريد    البنك المركزي: تسوية 3.353 مليون عملية عبر مقاصة الشيكات ب1.127 تريليون جنيه خلال 4 أشهر    لمواليد 2 مايو.. ماذا تقول لك نصيحة خبيرة الأبراج في 2024؟    على طريقة نصر وبهاء .. هل تنجح إسعاد يونس في لم شمل العوضي وياسمين عبدالعزيز؟    التنظيم والإدارة يتيح الاستعلام عن نتيجة الامتحان الإلكتروني في مسابقة معلم مساعد فصل للمتقدمين من 12 محافظة    منها إجازة عيد العمال وشم النسيم.. 11 يوما عطلة رسمية في شهر مايو 2024    رئيس الوزراء: الحكومة المصرية مهتمة بتوسيع نطاق استثمارات كوريا الجنوبية    سؤال برلماني للحكومة بشأن الآثار الجانبية ل "لقاح كورونا"    أبرزها تناول الفاكهة والخضراوات، نصائح مهمة للحفاظ على الصحة العامة للجسم (فيديو)    تشغيل 27 بئرا برفح والشيخ زويد.. تقرير حول مشاركة القوات المسلحة بتنمية سيناء    هئية الاستثمار والخارجية البريطاني توقعان مذكرة تفاهم لتعزيز العلاقات الاستثمارية والتجارية    دعاء النبي بعد التشهد وقبل التسليم من الصلاة .. واظب عليه    التضامن: انخفاض مشاهد التدخين في دراما رمضان إلى 2.4 %    هل يستجيب الله دعاء العاصي؟ أمين الإفتاء يجيب    عميد أصول الدين: المؤمن لا يكون عاطلا عن العمل    حكم دفع الزكاة لشراء أدوية للمرضى الفقراء    مظهر شاهين: تقبيل حسام موافي يد "أبوالعنين" لا يتعارض مع الشرع    بروسيا دورتموند يقتنص فوزا صعبا أمام باريس سان جيرمان في ذهاب نصف نهائي دوري أبطال أوروبا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حسام كصاي : نحن بحاجة ل "مانفيستو إسلامي" لإعلاء قيّم الاعتدال والتسامح
نشر في محيط يوم 20 - 06 - 2016

الاستبداد والقمع حواضن للإرهاب ومفارخ للفاشيستية والعنف
المؤامرة ليست على العراق فقط .. والعالم العربي كله في قلب المواجهة
السعودية ومصر ركيزتا القومية العربية وعصبها
الخلاف بين علماء الأمة الان ليس في مضامين"التنزيل" وإنما في " التأويل"
المؤسسات الدينية لم تعد قادرة على مواجهة ما تعانية الشعوب من أزمات
وقف العنف ليس خيارا سياسيا .. ويجب أن تسبقه ضرورات اخلاقية ودينية
أكثر ضحايا العنف المسلمين أنفسهم .. والموت باسم الدين حصد أرواحا أكثر من السرطان والطاعون
داعش اكبر فرصة لبقاء وتمدد الفاسدين في عالمنا
بديل داعش هو داعش نفسها ولكن بعناوين مغايرة!!
الأكاديمي العراقي حسام كصاي الذي حصل مؤخرا على جائزة أفضل كاتب عربي في مسابقة المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم (الألكسو) برعاية جامعة الدول العربية،عن بحث حمل عنوان "إشكاليَّة التطرّف الدينْي في الفكر العربي المعاصر" وقدم فيه رؤية معاصرة لواقع التطرّف وآليات معالجته الفكرية وسُبل الخلاص منه، وما بين فكرة المناصحة لقوي التطرف وتجربة المملكة والتجارب العربية المثيلة تكمن رؤية هذا المفكر والذي له اسهامات فكرية ليست بالقليلة في هذا المجال .. إلتقه شبكة الإعلام العربية" محيط "وكان لنا هذا الحوار :
في ظل الظروف السياسية الراهنة التي تمر بها المنطقة العربيةهل ترى ثمة سبيل لمكافحة الإرهاب ووقف تمدده ؟
ما زلتُ أومن بأنْ الإرهاب أكذوبة ولعبة مُزيفة؛ وفيلم كوميدي من إنتاج هوليوود السياسية وليس السينمائية ، فالإرهاب صناعة أمريكية، والإسلاميون المتشددون صناعة أمريكية، وتفجير برجي التجارة (غزوة مانهاتن) هو تخطيط صهيوني _ أمريكي وتنفيذ إسلامي، والمنفذين ينتمون للغرب أكثر من انتمائهم للعرب فجميعهم إما يحملون جنسيات أوروبية أو مقيمين في أوروبا، إضافة إلى انهم خريجو جامعات أوروبية علمية وليست إنسانية، وبالتالي فمكافحة الإرهاب تبدأ بخطوة رّد التآمر الغربي الأورو _ أمريكي أولاً، ورفض التشدد الديني والأصوليات الرّاديكالية ثالثاً، البحث عن حوار أديان مع أوروبا وليس مع أمريكا، فالحوار مع أمريكا عقيم وغير مُجد لأسباب أهمها أنهم _ أي الأمريكان _ مصابون بالغرور العسكري والهيمنة السياسية، ثم إن من يديرون السياسة الأمريكية هم المحافظون الجُدد أو المسيحيون المتصهينون وبالتالي يصعب حوارهم وهم يُقدمون أطروحات لإنتاج صدام الحضارات على أساس حوار الأديان !!
وبالتالي فالتصدي للإرهاب يتبلور في؛ محاربة الفكر الظلامي من خلال بث روح التسامح والعفو والتصالح من خلال إصلاح حالة المؤسسة السياسية، فالاستبداد والتسلط وقمع النظم السياسية الحاكمة للمحكومين ماهي إلا مسبب رئيس في تنامي الإرهاب، والنظام السياسي العربي بيده مفاتيح الحل لما يمتلكه من هيمنة وقوة ونفوذ وسطوة، وتحقيق العدالة الاجتماعية بين المواطنين وتعزيز صفوف المواطنة الفعلية والمشاركة السياسية الحقيقية لا الشكلية أي بمعنى أنْ التحول إلى الديمقراطية هو الحل لأغلب إشكالياتنا الفكرية وخصوصاً تنامي العنف والإرهاب والتطرف.
تجربة العراق ما بين القاعدة والحشد الشعبي وداعش وانهيار منظومة الدولة هل من المرشح ان تنتقل إلي دول أخري ؟
لسنا قدريين؛ لكننا نؤمن بأنْ كُل ما يُحيق بأمتنا من مخططات هي من قبيل "المؤامرة والدس"؛ وما يعيشه العرب اليوم هو مُجرد سياسات امريكية تُقدمها بالأمس القاعدة والتنظيمات الإرهابية على أتم وجه، واليوم تلعب داعش ذلك الدور الأمريكي إلى جانب العصابات الأجرامية الأخرى؛ وكلها فصائل على عناوينها تُريد هتك حُرمة الدولة من خلال توّظيف عامل الدين، فأمريكا لا ترغب بدولة عربية قوية مطلقاً؛ ومن ثم لا نقول عن مرشحات بديلة لداعش أو غيرها بل نقول إنْ لكل تنظيم مرحلة وينتهي، لتظهر تنظيمات جديدة على أنقاضها ومن مكتسباتها دون تجاوز إرثها العقائدي، أي أنه لكل تنظيم سقف زمني ليأتي الدور لغيره في إتمام لُعبة الدين والسياسة!!
أما بخصوص الانتقال لدول أخرى؛ فأنا اخشى على الدول العربية من التطرّف والاقتتال الأهلي؛ فالمؤامرة ليست على العراق وحدة بل على العرب جميعاً في مصر والعراق وسوريا خصوصاً؛ لأنهما يمثلان عصب القوة العربية اضافة للسعودية العربية والجزائر، لذا نأمل أنْ تأخذ الدول العربية بنظرة الاعتبار ما يُحاك لها من دسائس وألا تتجاهل ما يحصل في سوريا والعراق واليمن وليبيا، لأن البيئات العربية واحدة، ومتشابهة، ومتقاربة باللغة (اللسان) والتاريخ والمعتقد والمذهب والثقافة والعادات والتقاليد، وبالتالي من السهولة نقل عدوى داعش واخواتها إلى البيئات العربية _ لا سامح الله _ فأدعو إلى مزيد من التحرك العسكري والمناورات العسكرية الجادة، والتحوطات الأمنية في مصر وبقية الدول العربية لمنع انتقال عدوى داعش إليها.
هل هناك خطة لمواجهة العنف والاستبداد في مناطق سيطرة الإرهاب - كالفلوجة مثلا - بحيث يكون العمل على الصعيد الفكري موازيا للعمل على الصعيد العسكري ؟
يخوض الجيش العراقي اليوم حرباً مقدسة ضد الإرهاب والفكر الظلامي، فهو يحارب على أكثر من جبهة، ويُحقق انتصارات مبهرة في ظل ظروف عصيبة وإمكانات مادية متواضعة؛ لكن المهنية العسكرية العراقية تجعل الصعاب مدخلاً للنصر!
أما على الصعيد الفكري؛ فأعتقد حل مشكلة داعش أو الفكر المتطرف لا يمكن بالأسلحة والعتاد والذخيرة لوحدها، والتجربة أثبتت ذلك؛ هذا الفكر لا يُغذيه العتاد والمال، بل العقيدة والفكر والإيمان بعقيدة العنف من خلال التلقين والتلفيق، وبالتالي حلهُ يُكمن بالقوى الناعمة واقصد العلم والتعليم والتوعية والفن والأدب والحوارات البناءة، ومدخل هذه القوى الناعمة الدعوة إلى بناء لبنات إسلام تسامحي، تعددي، مدني، ديمقراطي تعبوي، يدعو بالكلمة الطيبة وبالتي هي أحسن؛ فالإسلام لم ينتشر بالسيف أو الرصاص وإنما بالعفو عن المقدرة والتسامح والتأخي!
فالنص لا يوافق الرصاص في الشريعة الإسلامية مطلقاً .
حصلت علي حائزة الإلكسو للشباب في إشكالية التطرف الديني فهل تري هذه الإشكالية في النص الديني ام في التاويل أم في أليات الاستبداد التي تصنع التطرف في العالم العربي ؟
من العسف والظم تصور أنْ النص الديني هو سبب التطرف وما يعانيه العالم من وباء ديني وعنف أصولي؛ النص الديني القرآني لم يدعو إلا إلى الكلمة الطيبة والدعوة والهداية وأبرز قاعدة في الإسلام هي (لا إكراه في الدين)، وقوله تعالى (لكم دينكم ولي دين)، حتى الجهاد له شروطه وظروفه لا يمكن أنْ ُعمل به بهذه الصورة المشوّهة التي تقدمها الجماعات المسلحة؛ وبالتالي الإسلام ليس رصاصاً أو سيفاً، الإسلام دعوة للهداية وللخروج من الظلمات إلى النور بالتي هي أحسن، الإسلام لم ينتشر بالسيّف، وإنما بالأخلاق أخلاق الرسول وصحابته الكرام.
ومن ثم أعتقد أن خلاف الأمة ليس في التنزيل وإنما الخلاف هو حول التأويل؛ حتى العلمانيين مقتنعون بأن التنزيل ثابت وصادق؛ وإنما خلاف الأمة في التأويل؛ ولأن القرآن حمال أوجه أصبح متاح لكل جماعة تأويله خصوصاً عندما يكون الدين متداخل في السياسة (إسلام سياسي) بما يستاوق مع مصالحة ورغباته وهذه هي مشكلة الإسلام اليوم.
إذن فأين دور المؤسسات الدينية (الأوقاف الأزهر الزيتونة والإفتاء) ومدى قدرتها علي مكافحة التصدي لمثل هذا التطرف؟
للمؤسسات الدينية دور بارز وهام في مكافحة الإرهاب والتطرف؛ كونها تشكل أكبر اجماعاً للقرار الديني وأعلى الهيئات الدينية، والأفتاء والرأي والتأويل والتخريج الديني للأزمات، لكن شرط ألا تكون هذه المؤسسة أو تلك تابعة للدولة أو خاضعة لسلطتها، ونحن نعوّل على الأزهر والزيتونة والمجاميع الفقهية في البلدان العربية كثيراً على مقارعة التطرف ومكافحتهِ لما يمثلان من منابر للاعتدال والتسامح والتآخي والتاريخ يشهد لهما في هذا المضمار في مواقفهما المشرفة في نشر ثقافة العفو والتسامح والعدالة والوسطية؛ لكن الواقع اليوم مُزري للغاية فصوت الحق دون صوت القنابل ودوي الانفجارات وهدير الطائرات !!
والأزهر وأقرانه لم يعد قادراً على لملمة ما نعانيه أو على الأقلْ المهمة صعبة للغاية لكنها ليست مستحيلة، فحجم الهوة شاسع؛ لكن هذا لا يعني استحالة رّد التطرف، فنحن اليوم بحاجة ل "مانفيست إسلامي" من أجل الاعتدال والتسامح ونبذ العنف الأصولي وقيام دولة عربية إسلامية مدنية تحترم الشريعة وتمارس سلطة الفقه الواقع المدني بكل نوازله وتجلياته؛ حكومة مدنية عربية بأمتياز ديمقراطي.
لدينا نماذج لتجارب "المصالحة" في السعودية و "الإنصاف والمصالحة" في المغرب و "وقف العنف" في مصر.. في رأيك ما مدى قدرتها علي حسم قضايا العنف في العالم العربي؟
أعتقد أن تجربة الإنصاف والمصالحة في المغرب العربي، ومراكز المناصحة في السعودية، ودعوات وقف العنف في مصر، ومواثيق الشرف في العراق ولبنان واليمن وليبيا، هي خطابات جميلة وملفته للنظر من حيث التصريحات الاعلامية، وتجارب ناجحة من حيث الفكر والنظرية والدعوة الكلامية؛ لكن هل الواقع جاء مماثلاً لتلك الطروحات! هذه هي نقطة الخلاف لدينا
وتلك التجارب هي هيئات للهداية ونشر الوعي والتبشير الثقافي وللبحث عن حقوق الإنسان وتعويض ذوي الضحايا جراء العنف ضد الإنسان، لكن ما صحة ذلك؛ هل حققت المستوى المطلوب؛ القضية ليست قضية هيئات سياسية؛ إذا لم يكن رقيب الإنسان، ضميره فلا خير في أمة تُرغمها سطوات العنف ونزوات التسلط لتكبح جماحها؛ لأننا بالنتيجة سوف ننتج عنف مُضّاد، وتطرف مغاير.
إذا كانت الدولة ذاتها تنتهك الحقوق ومن ثم تطالب برد كرامتهم؛ أنا لا أتحدث عن عينة دولة بعينها؛ وإنما أتحدث عن كافة الدول العربية دون استثناء وأقول إنْ وقف العنف لا يجب أنْ يكون خيارا سياسيا إن لم تسبقه ضرورات انسانية واخلاقية، ودينية، ونقول دينية واخلاقية لأنْ أول وأكبر ضحايا العنف هو الإسلام والمسلمين!!
تتردد أنباء بين الحين والآخر عن انحسار مستمر للتمدد الداعشي، خاصة في العراق ما حقيقة ذلك علي الأرض؟
مبدئياً اختلف مع الكثيرين واعتقد أن داعش فرصة لبقاء الفاسدين في مناصبهم؛ فهناك في أوطاننا العربية مسؤولون يقتاتون على الأزمات؛ ويختلقون الازمات؛ ويوّظفون المشاكل؛ بمعنى أنْ داعش الاجرامي تم توّظيفه لتحقيق غايات سياسية وشخصية؛ نحن لا نقلل من حجم دماره ودمويتهِ البربرية؛ لكننا يجب أنْ نؤمن جميعاً بأنْ داعش الفكر الظلامي (العسكري) أنتج داعش سياسي يحاول سرقة الأوطان ومصادرة ثرواتها، ويستغل ضعفها من خلال اللعب بورقة الدين في الحقل السياسي.
بينما تُشير الاحداث الميدانية المتسارعة إلى تقلص واضمحلال دور داعش في العراق خصوصاً؛ _ وإن كان بقوته في سوريا _ إلا أن المؤشرات الميدانية تؤكد بدء مرحلة انحسار مد داعش وتضاؤله بعد الضربات الموجعة التي تلقاها في العراق من جانب قطعات الجيش العراقي والقوات الأمنية من جانب؛ وسيطرة الجيش الحر في سوريا على العديد من مناطق داعش من جانب أخر تؤكد بأنْه كتنظيم بات في عداد الهزيمة وفي أرهاصاته الأخيرة، فهو في أسوء حال في العراق لم يبق إلا مناطق قليلة يُسيطر عليها بعد التقدم الذي حققته القوات الأمنية العراقية على أرض المعركة.
ولكن كثيرون يرون تفوقا في قدرات (داعش) الفكرية تفوق قوتها العسكرية.. فهل لديك تفسير لتلك الظاهرة خصوصا وأن العالم العربي يزخر بنماذج فكرية دينية كبيرة ؟
بسبب الجهل بجوهر الدين وانتشار البدع والمُحدثات والخرافة من جانب؛ وطبيعة البشرية (العربية) التي تتمتع بميول دينية نتيجة لأسباب بيئية كون العرب منزل الديانات الثلاث، وخاتم النبوءات، ومنزل الرسل والأنبياء جعل لها خصيصة دينية علاوة على خصيصة ربانية خص الله العرب بالدين.
أنت من بين هؤلاء العرب فلماذا إذن اتجهت لدراسة التطرف الديني ؟
أنا لم أكتب عن ترّف أو شهرة أو أكتب عن نزهة في شوارع العقل، أنا أكتب بدموع الأمهات الثكالى وبلغة الحُزن والأسى؛ أنا مواطن عربي توجعني المناحات في بغداد والمأتم في دمشق والجوع والتسول في القاهرة، والعوّيل في فلسطين، والتشرد في ليبيا، والضياع في صنعاء والفقر في مقاديشو، لأني عربي أكتب عن معاناة أمتي بلغة الضاد، ذلك لإحساسي بهموم الامة وقضاياها؛ انا لم أكتب عن نزهة للكتابة أو متعة بقدر ما اكتب عن أوجاع؛ لم اكتب إلا ما كان يضيق بصدري وانا اشاهد موتى التطرف اكثر من موتى وضحايا السرطان أو الطاعون أو الامراض المزمنة، ولأن المفكر هو طبيب الحضارات وجدت نفسي ان اكون طبيباً صغيراً مختصاً في معالجة أحدى امراض الأمة ألا وهو مرض التطرف الديني والعنف الأصولي!!
واستيع القول بأنْ ضحايا الدين في بلادي أكثر من ضحايا السرطان أو الطاعون أو الكوليرا؛ ولهذا أكتب عن التطرف!!
هل تعتقد أنه من المرجح انهيار التنظيم الداعشي في فترة قريبة وهل ستخلق بديلا لها حال انهيارها ؟
داعش فشلت اجتماعياً وسياسياً وخسرت الرّهان، إذ تبدو خسارتها العسكرية وشيكة أو كادت تتحقق، لكن هذا لا يعني موتها نهائياً؛ فهي ستظل تتنفس داخل العشوائيات والمدن الضيقة "الجيتوات المتشددة" وفي البيئات الوعرة والمناطق الفقيرة، تتحين الفرص؛ لأنها قائمة على فكر ومؤمنة بعقيدة بغض النظر من كونها عقيدة خاطئة فهي تنظر لنفسها أنها المالكة لمفاتيح الحقيقة لوحدها؛ أما البديل؛ فبديل داعش هو داعش نفسه ولك بعناوين مغايرة!!
حدثنا عن اخر أبحاثك العلمية والفكرية ؟
أنتهيت اليوم بفضل الله من إنجاز (23) كتاباً في الفكر والسياسة والأدب شعراً ورواية؛ أما أخر أعمالي وابحاثي فقريباً سيصدر لي كتاب: (الأصولية الإسلامية الرّاديكالية: الهجوم الإسلامي على الإسلام!!) عن دار أطلس للنشر والتوزيع الاعلامي؛ القاهرة وهو كتاب ضخم ومهم يتجاوز حدود ال (620) صفحة/ وكتاب (عوّدة الديني: أزمة الحداثة والإسلام السياسي) عن دار روافد، القاهرة، والكتاب الثالث فهو (الإسلام السياسي: النص والرصاص) عن دار اكتب، القاهرة، وكتاب (الإسلاموفوبيا اكذوبة الخطر الأخضر) عن نفس الدار؛ فيما اوشك على الصدور كتابي (الإسلام الرّاديكالي: أزمة الأصولية والحداثة) عن دار الفكر، دمشق؛ علاوة على كتابي الجديد (معضلة الظاهرة الإسلامية: التشكيل الطائفي للإسلام المعاصر) عن دار صفحات، دمشق، علاوة على كتاب (الدولة بين الشريعة والسياسة: أفول المقدس وصعود المدنس) عن دار الخليج/ عمان/ الأردن. أما انجازاتي الادبية؛ فقريباً تصدر لي روايتي الأولى (قبور مفروشة للإيجار) عن دار أكتب، القاهرة، وستكون حاضرة في معرض القاهرة للكتاب القادم؛ وهي رواية تُجسد الحُب في زمن الوباء والعنف والتطرف؛ تمتزج فيها صورة الحنين إلى الوطن وإلى الغربة، وهروب الناس ليس من الوطن وإنما من الفتوى، وكذلك ستصدر لي مجموعة شعرية (أبدو حزيناً كالقمر)، عن دار الخليج، الأردن قريباً.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.