أقام ملتقى الثلاثاء الأدبي في الكويت ندوة وحفل توقيع لكتاب "شخص صالح للقتل" للكاتب شريف صالح والصادرة حديثاً عن "بيت الياسمين" في القاهرة. أدار الندوة الشاعر نادي حافظ وتحدث فيها عدد كبير من النقاد والأدباء من بينهم مختار عيسى، فهد الهندال، د.عبد المنعم الباز، د.علي العنزي، علاء الجابر، د.أيمن بكر، إبراهيم فرغلي وآخرون. أشار الناقد والشاعر مختار عيسى في ورقته إلى أن نصوص المجموعة التي تضم 65 نصاً تتأرجح ما بين القصر والقصر الشديد، وتتناول بجرأة لافتة التابوهات الثلاثة:الجنس والسياسة والدين. كما صنف عيسى في ورقته التي جاءت تحت عنوان "كسر التابو .. والتباسات المعنى وما ورائيات الوجود" نصوص المجموعة ما بين المشهدية التسجيلية، الريبورتاج الصحافي، القصة الواقعية، القصة الفلسفية ، الإبيجرامات ، الومضة ، الوخزة الشعرية سواء المعبرة عن حيرة فكرية أو تلك اليقينية الصارمة ، أو الرؤية الساخرة فيما يشبه الكوميديا السوداء .
وأشار إلى الحضور السياسي الطاغي في المتوالية السردية "الراجل اللي واقف ورا عمر سليمان" وتضم خمسة نصوص، قصة "فتاة أوباما" عن خطاب الرئيس الأميركي الشهير في جامعة القاهرة.
أما تابو الدين فيحضر في نصوص كثيرة مثل "أخت الشيخ هريدي"، "فداك يا آيشواريا"، "اجتماع سري للآلهة" وغيرها، ومن ثم تلامس النصوص في مجملها الحالة العامة لثورات الربيع العربي ضد التصانيم ذات الثبات القبيل، وفي الوقت نفسه هي امتداد لموقف الكاتب من الحياة والكتابة.
وأوضح أن النصوص في كثرتها وتنوعها وطريقة ترتيبها، تعكس حالة التشظي التي تعيشها الشخصية المصرية داخل مصر أو مغتربة في الخارج.
واختتم عيسى ورقته بالتأكيد أن التاريخ والسياسة حاضران لكن في اشتباك حق مع الواقع، وأن الإنسان في نصوص "شخص صالح للقتل" ليس رقما.. ليس بوقا.. ليس وعاء قابلا للتعبئة بالحفريات الثقافية لكنه في كل حالاته إنسان من لحم ودم ، بقيمه العليا وسقوطه، بمبادئه وتخبطاته ، بين السمو والهبوط، بين الصحة والاعتلال، بين القدرة على المواجهة أو الانسحاب والانكفاء على الذات.
أما الناقد فهد الهندال فقدم ورقة مختصرة عن التوجه الاجتماعي في النصوص باعتباره الهم الرئيسي المخيم على أجواء النصوص وان تنوعت فضاءاتها وشخصياتها.
فيما تحدث القاص د.عبد المنعم الباز عن إشكالية التصنيف، فرغم وضع كلمة "قصص" على الغلاف، لكن بعض النصوص لا تندرج تحت إطار القصة القصيرة، وكان من الأفضل استبدال تعريف الغلاف بكلمة "نصوص".
كما انتقد الباز التنوع الكبير في أجواء النصوص وعدم تبويبها إلى أقسام حتى لا يفقد المتلقي الحميمية في التواصل معها. ورأى أن النصوص السياسية التي تلامس اللحظة الراهنة مثل "الرجل اللي واقف ورا عمر سليمان" و"الآثار المدهشة لابتلاع لفافة بانجو" التي تتناول ملابسات مصرع الشهيد خالد سعيد، هي نصوص مرتبطة بجمهور بعينه وبلحظة محددة، ولا تراهن على البقاء.
لكن الروائي والمسرحي علاء الجابر اختلف معه في الرأي ورأي أن النصوص بتنوعها وتشظيها، وتشظي أيقونات الغلاف، كل ذلك يعبر بصدق عن حيرتنا جميعاً كتابا وقراء إزاء اللحظة الملتبسة التي نعيشها، إلى درجة أن ما يمثل قناعة لدينا اليوم قد لا يظل مقنعا لنا في الغد أو بعد غد، ومن ثم فالنصوص تستجيب لحساسية اللحظة المعيشة.
الروائي إبراهيم فرغلي رأى أن المجموعة تضم عديد من النصوص المميزة لكن بعض النصوص الأخرى لا تمثل أية إضافة وأثرت سلباً، بينما عبرت الكاتبة جيهان عبد العزيز عن تحفظها إزاء النصوص التي تتناول اللحظة الثورية الراهنة دون أن تأخذ حقها من الاختمار والتأني، وكذلك المتأثرة بحالة الكتابة التي فرضتها مواقع التواصل الاجتماعي مثل الفيس بوك.
من جانب آخر اعترض د.أيمن بكر ود.إيهاب النجدي عن قراءة الغلاف باعتباره جزءاً من عالم الكاتب، لأنه يعبر عن رؤية الرسام أما الكاتب فلا يتحمل إلا العنوان فقط، حيث اعتبره د.النجدي مفتاحاً مهماً لقراءة النصوص.. أما د.بكر فأشاد بالنهايات العفوية للنصوص، وإن جاءت بعض النهايات لا تخلو من تكلف.
وأخيراً تحدث الكاتب شريف صالح عن أجواء المجموعة وقال إنه مع كل كتاب جديد، يتلقط من بين نصوصه خيطاً يصلح كمشروع متكامل، ففي مجموعته الثانية "مثل العشق" ارتكزت النصوص على العلاقة المعقدة بين الرجل والمرأة، بينما في "شخص صالح للقتل" فهي تضم عشرات النصوص التي تتنوع بين فضاءات وأزمنة كثيرة، وتمت كتابتها على مدى عشرين عاماً، فما يجمعها هو مشروع "القصة القصيرة جداً" وإمكانية أن يكون هناك سرد أو خيط حكائي ولو في جملة أو سطر واحد، وهكذا تراوحت النصوص من سطر إلى ثلاث أو أربع صفحات على أقصى تقدير.. موضحاً أنه قد لا يكون راضياً تماماً، ومتردداً عن عشرة نصوص لكنه فضل تضمينها الكتاب باعتبارها جزءاً من المشروع.
كما أشار إلى أن تعامله مع التابو ليس موجهاً ضد الدين، أو لخلاف مذهبي مع أي فريق، بل هو محاولة لمواجهة واقعنا بشجاعة أملاً في تحقيق قيم العدالة والحرية، في الواقع، لا عبر الشعارات فحسب.
يذكر أن شريف صالح حصل هذا العام على جائزة الشارقة للإبداع عن مسرحيته "رقصة الديك" وجائزة أفضل مؤلف مسرحي في مهرجان "أيام المسرح للشباب" عن مسرحيته "مقهى المساء"، وجائزة دبي الثقافية عن مجموعته القصصية الرابعة "بيضة على الشاطئ" والتي مازالت تحت الطبع.