قالت صحيفة "الجارديان" البريطانية إن مقتل زعيم حركة طالبان الملا أختر منصور في باكستان ليلة السبت بضربة طائرة أمريكية بدون طيار، يسلط الضوء على طبيعة العلاقة المعقدة بين طالبان وإيران، ويترك الحركة في فوضى بينما تشرع في البحث عن زعيم آخر. وأضافت الصحيفة في تقريرين منفصلين نشرتهما اليوم الاثنين، أنه رغم كون باكستان هي المتهمة عادة بدعمها السري لمتمردي أفغانستان، إلا أن محللين أكدوا أن إيران أيضا تدعم طالبان بالمال والسلاح والملجأ، لافتة إلى أن طهران وطالبان أثبتتا استعدادهما للتعاون سويا لدى مواجهة عدو مشترك أو السعي لتحقيق مصلحة واحدة، وذلك رغم الاختلاف المذهبي بينهما. وأشارت "الجارديان" إلى أن الملا منصور دخل إيران قبل نحو شهرين، وذلك حسب طوابع التأشيرة الموجودة على جواز السفر الباكستاني الذي وجد في حقيبة بجانب حطام السيارة التي كان يسافر فيها زعيم طالبان، قبل استهدافها بالغارة الأمريكية بدون طيار. وأوضحت الصحيفة أن جواز السفر الذي حمل اسم والي محمد، ظهر فيه أيضا أن الملا منصور كان في طريق العودة من إيران، خاصة وأنه قتل بعد عبوره 450 كيلومتر فقط من معبر تفتان بين إيرانوباكستان، ولكن طهران أنكرت اليوم الاثنين قائلة "لا يوجد شخص بهذه المواصفات دخل باكستان من الحدود الإيرانية". وأكدت الصحيفة أنه من غير المعروف أين قضى منصور وقته في إيران، وسواء كان الحرس الثوري الإيراني هو مَن سهّل هذه الزيارة السرية، أو أقام بين العدد الكبير من الأفغان المقيمين في شرق إيران، خاصة في مدينتي مشهد وزهدان. واعتبرت "الجارديان" أن التحالف بين إيران الشيعية وطالبان السُنية "أكثر غرابة"، لأن طالبان قتلت 10 دبلوماسيين إيرانيين في مدينة مزار شريف الأفغانية عام 1998، ومع ذلك تبقى العلاقة بين الطرفين مستمرة، لافتة إلى التذمر الدائم لأجهزة المخابرات الأفغانية من أن المتمردين المحليين تتم إدارتهم ودعمهم بالأسلحة والتدريب من إيران. من جانبه، قال المحلل الإقليمي مايكل سيمبل إن سفر الملا منصور إلى إيران من المحتمل أن يكون تسبب في غضب بين بعض من قيادات وعناصر حركة طالبان، موضحا أن "قائمة الاختلافات الطويلة بين طهران وطالبان تجعل العديد منهم يعتقدون أن التقرب من إيران يعتبر خيانة للقيم التي تمثلها طالبان". وتطرقت الجارديان في تقرير آخر إلى بحث طالبان عن قائد جديد ليحل مكان الملا أختر منصور، قائلة إنه من غير المرجح أن تكون عملية سهلة وسريعة، بل قد تكون (العملية) أدخلت الحركة في حالة من الفوضى والبلبلة. وبينما يظل جثمان منصور محترقا ومقطوع الرأس حتى اليوم الاثنين في مستشفى عسكري بمدينة كويتا الباكستانية دون أن يطالب به أحد، رجحت "الجارديان" أن تكون المناقشات حول خليفته بدأت بالفعل بين قيادات الحركة المتمردة. ورأت الصحيفة أن صلاة الجنازة الخاصة بمنصور ستكون فرصة لهذه المناقشات، ولكن من المستحيل أن يجتمع كل قادة الحركة الكبار في مكان واحد لأنهم منتشرون في جميع أنحاء المنطقة، حيث يوجد 4 أعضاء على الأقل من مجلس الشورى المركزي للحركة في قطر، كقاعدة دولية تمارس منها طالبان أنشطتها السياسية. وقالت الصحيفة إن قادة طالبان الكبار مرجح أن يظهروا حذرا زائدا في تحركاتهم حول باكستان بعد الضربة الأمريكية غير المسبوقة على الطريق الرئيسي في إقليم بلوشستان جنوب غرب البلاد، وهو على بعد نحو 311 ميلا من مقاطعة وزيرستان والمنطقة القبلية التي وقعت فيها كل الغارات الأمريكية السابقة تقريبا. وأضافت أن ما يضيف إلى حالة البلبلة التي يعيش فيها طالبان، هو مخاوف بعض قادة الحركة من أن باكستان التي هي بمثابة راعي الحركة منذ وقت طويل، قد تكون متواطئة في ضربة الطائرة الأمريكية بدون طيار والتي قتلت الملا منصور. ويستبعد معظم المراقبين أن تكون باكستان تخلت عن منصور لأمريكا، وهو الذي دعمته باكستان في مواجهة احتجاجات من داخل فصائل الحركة ضده.. فيما تشير وجهة نظر أخرى إلى إمكانية أن تكون إسلام آباد اضطرت للتخلي عن منصور تحت وطأة ضغوط أمريكية مكثفة.