دمشق : في الوقت الذي وافقت فيه الجامعة العربية بأغلبية الأصوات على فرض عقوبات اقتصادية واسعة النطاق على سوريا لقمعها الاحتجاجات ، كشف مصدر أمني عراقي سابق عن مشاركة عناصر من جيش المهدي الأجهزة الأمنية السورية لقمع المظاهرات الشعبية. وقال المصدر الأمني العراقي السابق، والذي رفض نشر اسمه، في تصريح خاص لصحيفة "الشرق الأوسط" اللندنية إن "شخصية مقربة من ائتلاف دولة القانون بزعامة نوري المالكي رئيس مجلس الوزراء العراقي زار اخيرا عواصم أوروبية لغرض التباحث مع شركات غربية للحصول على أجهزة متطورة للتنصت على هواتف الموبايل"، مشيرا إلى أن هذه الشخصية "لم تحصل على نتائج مرضية".
وأضاف قائلا إن "رجل أعمال عراقيا محسوبا على المالكي زار برلينولندن لغرض الحصول على جهاز مطور لملاحقة ومراقبة والتنصت على هواتف الجوال داخل العراق إلا أن الشركات المصنعة والمجهزة لمثل هذه الأجهزة رفضت إتمام أي عقد من هذا النوع خشية تسرب هذه الأجهزة إلى سوريا لتمكين النظام السوري من التنصت وملاحقة معارضيه". وأوضح المصدر الأمني العراقي السابق قائلا، إن "مثل هذه الأجهزة لا يتم تجهيزها إلى المؤسسات أو الأشخاص، بل من خلال طلب من الحكومة الراغبة بالحصول على الجهاز وبموافقة الحكومة البريطانية أو الألمانية كونها تتعلق بحرية وأمن الأشخاص"، مشيرا إلى أن "رجل الأعمال العراقي الذي يعتقد أنه مكلف من قبل المالكي نفسه للحصول على هذه الأجهزة استبعد إمكانية الحصول على طلب من الحكومة العراقية كما استبعد موافقة الحكومة البريطانية لخشيتها من تسريب مثل هذه الأجهزة إلى النظام السوري المدعوم من حكومة بغداد".
وقال "إن بغداد بحاجة ماسة إلى مثل هذه الأجهزة بعد رحيل القوات الأمريكية التي كانت تزود الحكومة العراقية أو مكتب القائد العام للقوات المسلحة، المالكي، بمعلومات استخبارية مهمة، وفي حالة خروج القوات الأمريكية فإن الأجهزة الأمنية العراقية والمرتبطة بالمالكي تحديدا ستعاني من نقص مهم في هذا الجانب، كما أن حكومة بغداد لا تريد أن تتورط بفضح قصة محاولة حصولها على أجهزة التنصت على الجوال لهذا كلفت رجل أعمال تثق به كثيرا، كما أنني لا أستبعد تسريب الجهاز إلى النظام السوري لملاحقة معارضيه الذين يتحدثون عبر الجوالات مع الفضائيات العربية والغربية عن قمع الأجهزة الأمنية السورية للشعب السوري". وفيما يتعلق بالأنباء التي تحدثت عن "مشاركة عناصر من جيش المهدي التابعة للتيار الصدري في دعم الأجهزة الأمنية السورية لقمع المظاهرات الشعبية في سوريا"، قال المصدر الأمني العراقي السابق "لا أستبعد ذلك على الإطلاق، إذ ليس غريبا على التيار الصدري هذه الممارسات، كما أن النظام السوري يتشبث الآن بأي قشة لتساعده على الاستمرار في قمع ثورة شعبه ضده"، مشيرا إلى أن "هذا الدعم بالإضافة إلى الدعم المعلن تقريبا الذي تقدمه الحكومة العراقية للنظام السوري يتم بإرادة إيرانية بحتة، وقد تتعارض رغبة الصدر في دعم نظام الأسد إلا أنه بالتالي يحقق إرادة إيرانية، تماما مثلما دعم المالكي للبقاء كرئيس للحكومة بقرار إيراني". من جهته، نفى حيدر الياسري، مسؤول العلاقات العامة في مكتب العلاقات الخارجي للتيار الصدر هذه الأنباء ووصفها بأنها "عارية عن الصحة تماما"، وقال ل"الشرق الأوسط" في لندن، إن "السيد مقتدى الصدر معروف بدعمه لإرادة وثورات الشعوب العربية ضد من يضطهدها ولا يمكن أن يدعم الرئيس بشار الأسد ضد شعبه خاصة أن العراقيين عانوا كثيرا من ممارسات النظام السوري وخاصة الشيعة".
وأضاف الياسري قائلا: "إن التيار الصدري ضد تدويل قضية سوريا وشعبها وضد التدخل الأجنبي فنحن في العراق عانينا كثيرا من الاحتلال الأميركي وقاومناه ولا نريد للشعب السوري الشقيق أن يعيش محنة الاحتلال أو التدخل الخارجي في قضاياه"، نافيا أن يكون "السيد مقتدى الصدر قد وصف الجامعة العربية بأنها ظالمة فقد تم تفسير أقواله خطأ"، مؤكدا "وقوفنا مع شعبنا السوري وتأييد مطالبه العادلة". عقويات اقتصادية وتأتي تلك الأنباء في الذي وافقت فيه الجامعة العربية بأغلبية الأصوات الأحد على فرض عقوبات اقتصادية واسعة النطاق على سوريا لقمعها الاحتجاجات وقال وزير خارجية قطر انه إذا فشل العرب في احتواء الأزمة فإن القوى الأجنبية الأخرى يمكن أن تتدخل. وكان رئيس الوزراء ووزير الخارجية القطري الشيخ حمد بن جاسم آل ثاني قال في السابق إن العرب يريدون تجنب تكرار ما حدث في ليبيا حيث أدى قرار من مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة إلى قيام حلف الأطلسي بحملة جوية. وقال الشيخ حمد إن كل العمل الذي تقوم به الجامعة العربية يهدف إلى تفادي هذا التدخل مضيفا انه لا يستطيع أن يضمن إمكان تفادي هذا التحرك إذا لم ير المجتمع الدولي أن العرب جادين. وقال الشيخ حمد في مؤتمر صحفي إن الجامعة أقرت العقوبات بموافقة 19 دولة من الدول الأعضاء ال22 ومن بين العقوبات حظر سفر كبار المسؤولين السوريين إلى الدول العربية وتجميد الأموال المرتبطة بالحكومة السورية وعدم التعامل مع البنك المركزي السوري ووقف الاستثمارات في سوريا. وأشار إلى أن العقوبات ستنفذ على الفور. بريطانيا ترحب وفي أول رد فعل دولي على العقوبات أشاد وزير الخارجية البريطاني وليام هيج الأحد بقرار الجامعة العربية فرض عقوبات اقتصادية ضد نظام الأسد ودعا الأممالمتحدة إلى دعم قرار الجامعة. وقال هيج في بيان أصدرته وزارة الخارجية الأحد "نرحب بمساعي الجامعة العربية لإنهاء العنف الفظيع في سوريا". وأضاف "أن قرار اليوم غير المسبوق لفرض عقوبات يظهر أن فشل النظام السوري المتكرر في الوفاء بوعوده لن يتم تجاهله وأن من يرتكبون هذه التجاوزات الفظيعة سيحاسبون". وتعهد هيج "بدعم جهود الجامعة العربية في إعادة السلام إلى سوريا" وحذر الأممالمتحدة من أنها "لا يمكن أن تظل صامتة على الوحشية المستمرة" وأضاف "ولهذا نرحب بالتزام الجامعة العربية في الحوار مع الأمين العام للأمم المتحدة في اقرب فرصة للحصول على دعم الأممالمتحدة لمعالجة الوضع في سوريا". وتابع "سنواصل الحفاظ على تركيز المجتمع الدولي على سوريا حتى وقف سفك الدماء". تركيا تدعم القرار من جهته قال وزير الخارجية التركي احمد داود اوجلو الأحد أن بلاده ستدعم مجموعة العقوبات التي فرضتها الجامعة العربية على سوريا في اجتماع لوزراء الخارجية العرب في القاهرة. ونقلت وكالة أنباء الأناضول عن داود اوجلو قوله على هامش اجتماع القاهرة الذي دعيت إليه تركيا، أن "تركيا تدعم القرارات والإجراءات التي اتخذتها الجامعة العربية ضد سوريا". وأضاف "لا احد يمكن أن يتوقع أن تبقى تركيا والجامعة العربية صامتتين على قتل المدنيين وعلى قمع النظام السوري المتزايد للأبرياء". إلا أن الوزير أكد على ضرورة معالجة الأزمة في سوريا بطريقة لا تقود إلى تدخل خارجي. وأضاف "آمل في أن تفهم الإدارة السورية رسالتنا، عندها ستحل مشكلتنا داخل العائلة".
ميدانيا، أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان أن 23 مدنيا قتلوا الأحد برصاص قوات الأمن السورية. وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان في بيان إن ستة مدنيين قتلوا في حمص أثناء عمليات تفتيش تقوم بها قوات الأمن وقضى آخر بالرصاص الذي أطلق من سقف مبنى البلدية في مدينة القصير المجاورة. وأضاف المرصد "دارت اشتباكات عنيفة صباح الأحد بين الجيش النظامي السوري ومجموعات منشقة في محيط مدينة تلبيسة في محافظة حمص أسفرت عن إعطاب ناقلتي جند مدرعتين للجيش النظامي". وتابع "تستخدم القوات النظامية السورية الرشاشات الثقيلة الآن باستهداف المنطقة الجنوبية من تلبيسة مما أدى إلى إصابة أربعة مواطنين بجراح". وأضاف المرصد انه في محافظة ريف دمشق قتل عشرة مدنيين بينهم فتى في ال14 من العمر "برصاص قوات أمنية وعسكرية اقتحمت بلدة رنكوس وتنفذ فيها حملة مداهمات واعتقالات". وأضاف المصدر نفسه أن مدنيين اثنين قتلا في دير الزور وجرح عدد آخر بعد "إطلاق رصاص من قبل قوات الأمن السورية على مشيعي شهيد قتل بعد منتصف ليل الجمعة السبت في حي المطار القديم ووردت معلومات مؤكدة عن سقوط شهيد على الأقل وإصابة ثلاثة فجرا". وفي منطقة حماه قتل ثلاثة مدنيين بينهم فتى في ال17 من العمر برصاص قوات الأمن السورية خلال مداهمات متفرقة، حسب المرصد. من جهة أخرى، قتل شخص في بلدة كفرنبل في ادلب بعدما اعتقلته قوات الأمن لبيعه الفيول "البنزين" لناشطين.
وإلى ذلك نظمت أربع تظاهرات صغيرة في دمشق الأحد حيث دعا المتظاهرون المجتمع الدولي إلى التدخل ضد النظام. وكتب على لافتة "من يقول لا للتدخل العسكري خائن". وذكرت السلطات من جهتها أنها قتلت 12 مسلحا وعمدت إلى اعتقال عدد من الأشخاص أثناء مواجهات مع "مجموعات إرهابية" في منطقة حمص. وذكرت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) وقوع مواجهات مماثلة في ادلب ودرعا.