وكيل وزارة التعليم بأسيوط يتفقد بعض مدارس إدارتي الفتح وساحل سليم    أبوشقة للمشاركين فى منحة ناصر: انقلو لبلادكم أن مصر واحة الأمن والأمان    إبداع وتألق طلاب مدارس التربية الخاصة بالفيوم في حفل ختام الأنشطة    محافظ الغربية: توزيع دفعة جديدة من لحوم صكوك الإطعام على الأولى بالرعاية    نائب رئيس الوزراء يترأس اجتماع اللجنة الوزارية لوضع محددات العدالة الاجتماعية لاستحقاق الدعم    الصين والبرازيل تؤكدان أن الحوار المباشر هو السبيل الوحيد لإنهاء الصراع الروسي الأوكراني    أحمد حمدي يتواجد في قائمة الزمالك للقاء بيراميدز "صورة"    مختار عمارة يُعلن انطلاق بطولة أفريقيا للشطرنج ورئيس الاتحاد الدولي يشكر مصر    «الأرصاد» تعلن موعد تلاشي الأتربة والرمال في أغلب المحافظات    تأجيل محاكمة 6 متهمين ب«خلية العجوزة» ل 11 يونيو    وزير الثقافة يزور الكاتب الكبير صنع الله إبراهيم بعد خضوعه لجراحة أمس    مسعود معلوف: الذكاء الاصطناعى والطاقة أهم الاستثمار بين أمريكا والسعودية    «كان يا ما كان في غزة» ينطلق في عرضه العالمي الأول من مهرجان كان السينمائي    أهلي طرابلس الليبي يعلن استمرار حسام البدري مديرا فنيا للفريق    النقل: وسائل دفع متنوعة بالمترو والقطار الكهربائي للتيسير على الركاب    "نيويورك تايمز": قبول ترامب للطائرة الفاخرة يتجاوز حدود اللياقة.. ومعلومات عن اطلاق عملة مشفرة لتمويل مؤسسته    انطلاق المسابقة العالمية للقرآن الكريم بمديرية أوقاف كفر الشيخ    الصحة العالمية: اليمن يواجه واحدة من أكبر فاشيات الكوليرا في العالم    رابطة الأندية تعلن عقوبات الجولة السادسة للمجموعة الثانية فى دورى نايل    فرص عمل بالإمارات برواتب تصل ل 4 آلاف درهم - التخصصات وطريقة التقديم    بملابس جريئة.. ميريام فارس تخطف الأنظار في أحدث ظهور وتغلق خاصية التعليقات    المتحف المصري الكبير يستضيف النسخة ال12 من فعالية «RiseUp 2025»    الصحة العالمية: نصف مليون شخص فى غزة يعانون من المجاعة    برواتب تصل ل 4000 درهم.. وزارة العمل تُعلن عن وظائف خالية| رابط التقديم    براتب 87 ألف جنيه.. تعرف على آخر موعد لوظائف للمقاولات بالسعودية    13 ملعقة بماء الذهب.. مذيعة تتهم خادمتها بالسرقة والنيابة تحقق    بالصور- مصادرة مكبرات صوت الباعة الجائلين في بورسعيد    مجلس الشيوخ يفتح أبوابه لشباب العالم ويؤكد أن مصر قلب الجنوب النابض    وزير الثقافة يزور الكاتب صنع الله إبراهيم ويطمئن محبيه على حالته الصحية    بين زيارتين.. ترامب يعود إلى السعودية دون عائلته لأول مرة منذ 2017 (تقرير)    التصريح بدفن جثة سائق توك توك لقى مصرعه على يد عاطل فى شبرا الخيمة    "عبدالغفار" يترأس أول اجتماع للجنة العليا لوضع استراتيجية وطنية شاملة لسلامة المرضى    الأعلى للآثار: عازمون على استعادة أى قطع خرجت بطريقة غير مشروعة    رئيس الوزراء يتابع إجراءات طرح إدارة وتشغيل مشروع "حدائق تلال الفسطاط"    المشدد سنة ل3 أشخاص بتهمة حيازة المخدرات في المنيا    «بتهمة تزوير معاينة بناء».. السجن سنتين لمهندس تنظيم بمركز مغاغة في المنيا    الأكاديمية الطبية العسكرية تفتح باب التسجيل ببرامج الدراسات العليا    اليوم.. فتحي عبد الوهاب ضيف برنامج "كلمة أخيرة" مع لميس الحديدي    الرئيس الأمريكي يصطحب "الوحش" في جولته الخليجية الحالية.. صور وتفاصيل    أمينة الفتوى توضح سنة الاشتراط عند الإحرام    تحديد موعد مشاركة الجفالي في تدريبات الزمالك    جامعة قناة السويس تُعلن الفائزين بجائزة "أحمد عسكر" لأفضل بحث تطبيقي للدراسات العلمية    غلق 138 محلًا لعدم الالتزام بقرار ترشيد استهلاك الكهرباء    "الصحة": إنقاذ سائحين من روسيا والسعودية بتدخلات قلبية دقيقة في مستشفى العجوزة    وزير الصحة يؤكد على التنسيق الشامل لوضع ضوابط إعداد الكوادر الطبية    توريد 444520 طن من الأقماح المحلية لشون وصوامع محافظة الشرقية    رئيس «اقتصادية قناة السويس»: توطين الصناعة ونقل التكنولوجيا هدف رئيسي باستراتيجية الهيئة    مصرع شاب غرقا فى حوض مياه بالشرقية    الاتحاد الأوروبي: لن نستأنف واردات الطاقة من روسيا حتى لو تحقق السلام في أوكرانيا    الخارجية الإسرائيلية: لا نزال نعمل على الوصول لاتفاق آخر مع حماس    جدول مواعيد امتحانات الترم الثاني 2025 في محافظة أسيوط جميع الصفوف    وزير الخارجية الباكستاني: "المفاوضات مع الهند طويلة الأمد وضرباتنا كانت دفاعًا عن النفس"    صحة غزة: شهيدان فلسطينيان إثر قصف إسرائيلي استهدف مجمع ناصر الطبي    التاريخ يبشر الأهلي قبل مواجهة الزمالك وبيراميدز في الدوري    داعية إسلامي: احموا أولادكم من التحرش بالأخذ بالأسباب والطمأنينة في التوكل على الله    هل يحق للزوجة طلب زوجها "الناشز" في بيت الطاعة؟.. محامية توضح الحالات والشروط    حكم تسوية الصف في الصلاة للجالس على الكرسي.. دار الإفتاء توضح    الدوري السعودي يقترب.. موعد تتويج الاتحاد المحتمل وأمل الهلال الوحيد    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الكفيف الثائر: حصلت علي الدكتوراه وأنا مدرس خدمة اجتماعية
نشر في محيط يوم 09 - 03 - 2016


فقداني للبصر كان وراثيا
أعمل مديرا لفرقة "المفتحين" المسرحية
أتمنى إعادة تجربة طه حسين مرة أخري
قضيت 6 سنوات في التحضير للدكتوراه
حال الكفيف أيام الرسول أفضل من الآن
أتمنى تفعيل تعيين نسبة ال 5% للمعاقين
أدين بالفضل في نجاحي لأمي
الدولة تجاهلتني ولم يكرمني مسئول واحد
لم تثنه عذابات السنين عن تحقيق طموحاته ورغبته في التعلم، وانطبق عليه المثل "ودَاوني بالّتي كانَتْ هيَ الدّاءُ" فانطلق يدرس الدور الحقيقي الذي لعبه غير المبصرين في التاريخ الإسلامي.
حصل على شهادة الدكتوراه مع مرتبة الشرف عن رسالة بعنوان "الدور الحضاري للعميان في المشرق الإسلامي" ناقشها أ.د عطية أحمد القوصي، أستاذ التاريخ والحضارة الإسلاميه بقسم التاريخ جامعة القاهرة وأ.د حسام أحمد مختار العبادي, أستاذ التاريخ والحضارة الإسلاميه المساعد بقسم التاريخ كلية اداب جامعة الاسكندرية وأ.د أحمد عبد السلام ناصف, أستاذ التاريخ والحضارة الإسلاميه المساعد بقسم التاريخ بكلية الآداب جامعة طنطا.
الدكتور جمعة محمود دبل، التقته شبكة الإعلام العربية "محيط " فكان هذا الحوار:
بداية.. حدثنا عن نشأتك؟
ولدت في قرية "الرجدية" التابعة لمركز طنطا محافظة الغربية، توفي والدي وعمري عام، وتحملت أمي المسئولية وكانت تساعدها في تربيتي أختي التي تعمل أجيرة في الحقول، وبعد زواجها مؤخرا أصبحت أمي هي من ترعانا بشكل كامل، أصبت بمرض في قدمي أدى إلى إصابتي بشبه شلل تام في الحركة وتعايشت معه طيلة الخمس سنين الأولى في حياتي، ولم تيأس أمي وصارت بي هنا وهناك في جميع المستشفيات لمحاولة علاجي، والحمد لله تم شفائي بعد خمس سنوات من هذا المرض.
وما وظيفتك الحالية وحالتك الاجتماعية؟
معلم في مادة الدراسات الاجتماعية بمدرسة السيدة عائشة الإعدادية "بنات".. ومتزوج ورزقني الله ب "جهاد" وعمرها 10 سنوات في الصف الخامس الابتدائي الأزهري وتوشك على ختم القرآن الكريم، وتقرأ كثيرا من الكتب التي اقتنيها، و"محمود" 8 سنوات في الصف الثالث الابتدائي الأزهري أيضا، ويحفظ بعضا من أجزاء القرآن، وكل ما أفعله في حياتي هو من أجلهم لكي يكونوا فخورون بي، وهم بالفعل كذلك فلا يحرجون من كوني "كفيف" ويشعرون بالفخر عندما يحدثهم أحد عن إنجازاتي.
وكيف فقدت بصرك؟
فقداني للبصر ظهرت بشائره وأنا في الصف الرابع الابتدائي، كان نظري ضعيفا وكنت ألبس نظارة، كنت أحفظ القرآن الكريم في كتاب القرية، وفي يوم حصل لي "زغللة في عيني" اشتكيت يومها لأمي فصارت بي إلى المستشفيات وأجريت أكثر من عملية لكن حدث لي"انفصال شبكي" في العين، وأصبت بفقدان البصر بعدها.
وهل فقدت الأمل نتيجة فقدانك للبصر؟
إطلاقا.. كان ذلك بمثابة انطلاقة جديدة في حياتي، واكتشفت أن فقداني البصر أدخلني عالم النور، ورأيت ببصيرتي وقلبي وحواسي ما أنعم الله على بهم ما لا يراه أي مبصر، فرغم أنى لم أتمتع باللعب والجري في الشارع مثل أصدقائي، إلا أن الطاقة الربانية والروحية التي زرعت بداخلي كانت كفيلة لتحقيق المعجزات.
وحينها شعرت بأنني دخلت عالم من النور وآمنت بقضاء الله وحكمته، وها أنا الآن ومع كل عام يمر علي أحقق إنجازاً لم أكن أحلم بتحقيقه، وأنا مبصر فكل حلمي حين كنت مبصراً أن أحصل على دبلوم التجارة مثل أخي وأعمل في الحقل لكن الأمر تبدل وأعلم أن الأيام تحمل لى الخير بفضل الله.
هل أثرت هذه الحالة علي حياتك؟
أمارس حياتي بشكل طبيعي جدا، أعرف منزلي "شبر شبر"، وأتعامل مع أجهزة الحاسب الآلي وأستطيع البحث بنفسي عن الكتب التي أريدها، دون مساعدة من أحد، حتى أن زوجتي وأبنائي كثيرا ما يسألون عن أماكن بعض الأشياء وأساعدهم في الوصول إليها.
وهل فقدانك للبصر له أثار وراثية؟
نعم.. فقداني للبصر به جزء وراثي، فجدي وُلد كفيفا ووالدي كان نظره ضعيف.
مع الزميل محمد السباخى
وهل تخشى أن يصاب أبنائك بفقدان البصر بسبب الوراثة؟ وما الذي فعلته لتقيهم؟
نعم أخشى عليهم بشدة.. وبالفعل محمود ابني أصيب باحمرار في العين ويظهر عليه في فصل الصيف، ذهبت به عند أكثر من طبيب فأجابوني بأن ذلك "رمد ربيعي" وطمأنوني، وقالوا إنه لا يحتاج إلى تدخل جراحي في عينه، لكني كنت قلقا جدا عليه لأنني لا أريد أن يمر بتجربتي ويحدث له ما حدث لي.
وما علاقتك بالكتب والقراءة؟
أنا عاشق للكتب وأنتظر كل عام معرض القاهرة للكتاب بفارغ الصبر لأقتني بعضا من الكتب الهامة، فالكتاب بالنسبة لي كالهواء الذي أتنفسه بل هو "الحياة"، والكتاب هو أكثر شيء تنفق فيه المال وتكون فائدته عشرة أضعاف ثمنه، ولولا صعوبة توفير من يقرأ لي لكنت قرأت عشرة أضعاف ما قرأت.
لُقبت في فترة دراستك الثانوية ب «الكفيف الثائر» فما مناسبة هذا اللقب؟ ومن أطلقه عليك؟
هذا اللقب له مناسبة لن أنساها، فأثناء دراستي بمرحلة "الثانوية" بمعهد النور بزيزينيا "قسم الداخلي"، عانيت وزملائي من الاستبداد والمعاملة السيئة من إدارة المعهد، فكانوا يستخدموننا كوسيلة للاستجداء والشحاتة علينا.
وكنا نضرب ضرباً مبرحاً في حالة عدم إطاعة الأوامر، وكانت حقوقنا مهدورة، حينها كنت أول من رفض مبدأ الضرب والتهديد ودعوت أصدقائي جميعاً للعصيان، وبالفعل دخلنا في إضراب عن حضور الحصص، واشتكينا إلى الوزارة عن طريق إرسال "فاكسات"، إلى أن جاءت لجنة للتحقيق في الأمر.
ووقتها هددنا بعض المدرسون، وطلبوا عدم الكلام أثناء وجود اللجنة، لكن لم نلتفت لهذه التهديدات، وتحققت مطالبنا حيث تم تغيير الإدارة الفاسدة، لكنى دفعت الثمن غالياً فتم نقلى من المعهد إلى معهد آخر خوفاً من اعتراضي على أي قرارات، ورسبت في هذا العام بقرار من مدير المعهد تأديباً لي.
ما سبب اختيارك «الدور الحضاري للعيمان في المشرق الإسلام» موضوعا لرسالتك بالدكتوراه؟
كان لابد أن يكون موضوع الدكتوراه قويا لا يقل عن موضوع الماجستير، كنت أرغب في أن تكون الدراسة شاملة لذوي الاحتياجات الخاصة، لكن هيئة إشراف الرسالة نصحوني بأن يكون الموضوع محدد لفئة واحدة، فاخترت الفئة التي أنا منها وهي فئة "المكفوفين" ومن هنا بدأت في الدراسة.
قمت بوضع الخطة المناسبة لها بمساعدة أساتذتي في لجنة الإشراف وأعجبتني الفكرة كثيرا، وشعرت بأنها ستضيف إلى المكتبة الإسلامية والعالم الإسلامي وستثبت للجميع أن الكفيف ليس عالة على المجتمع ولا ينتظر شفقة ولا إحسان من أحد، وإنما شارك في وضع التراث العلمي في مختلف العلوم من الفترة (1ه إلى 656 ه ومن 622م إلى 1258م)، وكشفت الدراسة عن الدور الذى لعبه المكفوفين فى تلك الفترة في النواحي الاجتماعية والاقتصادية والعلوم النقلية.
كم أخذت من الوقت لإنجاز الرسالة؟ وما الصعوبات التي واجهتك طيلة هذه الفترة؟
إعداد الرسالة أخذ مني 6 سنوات وهذا وقت طويل جدا، والسبب في ذلك يرجع إلى حداثة الموضوع، فالمراجع والمصادر والدراسات السابقة الخاصة به كانت قليلة جدا فأخذت مني مجهودا شاقا، لكنى لم أستسلم واطلعت على مئات المراجع فى دار الكتب ومعهد المخطوطات ومعرض القاهرة الدولي للكتاب وسور الأزبكية، ولم أترك مكتبة إلا وبحثت فيها للخروج بالرسالة بهذا الشكل.
لكني مررت بصعوبات كثيرة خلال هذه المدة، فكنت أعاني في توفير مرافق معي للسفر من أجل البحث عن مراجع تخص موضوع الدراسة، وأيضا من الأمور الصعبة التي واجهتني هو قلة المتطوعين الذين كانوا يساعدوني في قراءة المراجع وكل ما يتعلق بالموضوع، حيث اعتمدت بشكل كبير على الذهاب لبعض الجمعيات الخيرية لتوفير متطوعين لمساعدتي كجمعية "رسالة" وغيرها، وبالفعل ساعدوني كثيرا.
وما أبرز الشخصيات التي تناولتها "دراستك" وأثرت فيك ؟
الدراسة شملت شخصيات عديدة كان لهم أدوارا فعالة في علوم كثيرة كعلم القراءات والحديث والشعر وغيرها، فكانوا بارعين وموسوعيين، واكتشفت من خلال الدراسة أن عباقرة التاريخ والعلوم المختلفة جزء كبير منهم كانوا من متحدي الإعاقة، أمثال "أبو البقاء العكبري وابو الحسن الباقوري، أبو غالب الأنصاري وغيرهم".
لكن أكثر شخصية أثرت في هي "عبد الله بن أم مكتوم"، لدرجة أني تمنيت أن أكون معايشا له في زمنه، حيث يعتبر أشهر شخصية لكفيف في الإسلام، كان مؤذن الرسول بجانب بلال بن رباح، فكان بلال يؤذن للصلاة مرة وهو يقيم لها والعكس.. وقال رسول الله "إن بلالاً ينادي بليل فكلوا واشربوا حتى ينادي ابن أم مكتوم"، وهو الصحابي الذي أُطلق عليه لقب الصحبة مع أنه لم ير النبي لأنه كان أعمي، وكان الرسول "ص" يعتمد عليه أثناء الغزوات وقد استخلفه ثلاث عشرة مرة عند خروجه من المدينة لثقته فيه، فكان يصلي بالناس ويرعى شئونهم، وكان من أول من هاجروا إلى المدينة بعد مصعب بن عمير، فراراً بدينهم بعد أن اشتد أذى قريش على المسلمين.. و"ابن مكتوم" نزلت فيه سورة كاملة في القرآن وهي سورة "عبس" وكان سبب نزولها هو انشغال النبي صلى الله عليه وسلم "عن إجابة "عبد الله بن مكتوم" حتى ينتهي من اجتماعه مع كبار مكة فنزلت الآيات "عبس وتولى أن جاءه الأعمى وما يدريك لعله يزكى"، إلى آخر الآيات، فكانت بمثابة "عتاب" من الله سبحانه وتعالى للنبي بسببه. هل ترى أن حال الكفيف إبان عصر الرسول والصحابة كان أفضل من عصرنا هذا ؟
نعم بكل أمانة، ويكمن ذلك في كل أمورهم وأحوالهم.. فكانوا يشاركون في مجالس الخلفاء والوزراء، وكان لهم احترامهم وكلمتهم كانت مسموعة، وكان منهم الفقهاء والحكماء، بل ومربين لأولاد الخلفاء أنفسهم، وكان الخلفاء يهتمون بهم اهتماما كبيرا لدرجة أنهم كانوا يخصصون لكل كفيف خادما أو اثنين ومرافقين أيضا، وكانت الدولة الإسلامية تكرمهم وتوفر لهم كافة متطلباتهم.. فإذا ما قارنا هذا الاهتمام بوضعيتهم حاليا سنجد أنهم كانوا أفضل حالا بمراحل كبيرة، فمن المستحيل أن تجد في عصرنا هذا كفيفا يتولى منصبا مهما في الدولة على الرغم من تفوق العديد منهم وأن من بينهم ذوي الخبرات والكفاءات في مجالات مختلفة، لكن خبرتهم حبيسة العقول والصدور.
لديك موهبة فنية أيضا بجانب تفوقك العلمي.. حدثنا عن هذه التجربة؟
أجمع ما بين العلم والفن، فبجانب أبحاثي ودراساتي أنا حريص على الجانب الترفيهي حيث يمثل لي شيئا إيجابيا في حياتي، وأشارك في فرقة "المفتحين" المسرحية للمكفوفين كمديرا لها وممثل في نفس الوقت، وهذه الفرقة هي الأولى من نوعها في مصر والوطن العربي أسستها أنا وصديقي "السيد مجاهد" رئيس الفرقة، وهي عبارة عن مجموعة من المكفوفين لديهم موهبة فنية ونحن منهم.
والهدف من تأسيس الفرقة إيصال قضايا ذوي الاحتياجات الخاصة وإبرازها ومحاولة إيجاد حلولا أفضل لهم، وللفريق دور وطني ومجتمعي أيضا من خلال تقديم أدوار تساهم في خدمة المجتمع وتنمية الحس الوطني.
وقدمنا أول عرض مسرحي بعنوان "حكايات مصرية" كان ذلك في شهر مايو 2015، ونال العرض على إعجاب المشاهدين وتمت استضافتنا في العديد من القنوات الفضائية وكتبت عنا الصحف والمواقع الإلكترونية، وأشاد بنا فنانين عظام أمثال الفنان الكبير محمد صبحي الذي عرض علينا إعادة تمثيل مسرحية "وجهة نظر" على نفقته الخاصة، وأيضا أشاد بنا الفنان القدير صلاح عبدالله في مداخلته معنا في أحد البرامج التلفزيونية.
هل حظيت تكريم من جهة رسمية في الدولة؟
إطلاقاً، لم أكرم من أي جهة ولم يتصل بي مسئول أو موظف من المجلس القومي للإعاقة أو غيرها من المؤسسات التي تتشدق بالدفاع عن حقوق ذوي الاحتياجات الخاصة، واستعجب أن أغلب تلك المؤسسات يعمل بها أشخاص طبيعيون ونسبة ذوي الإعاقة بها لم تصل حتى نسبة ال5% التي حددها الدستور، وأظن أن موضوع الرسالة لو كان مثيرا تافها لتهاتف عليه الإعلام واختلف الحال كثيرا، فأنا كل يوم لا أنام قبل أن ألقي نظرة على دراستي وأدعو نفسى للتحلي بالصبر.
وما أحلامك وأمنياتك بعد حصولك على الدكتوراه؟
أتمنى من الله عز وجل أن يكرمني في مشواري وأتعين في كلية علوم الإعاقة الجديدة بجامعة بني سويف، لأنها ستكون بابي لتكملة مشوار الأستاذية وأرغب أيضا أن تكون دراستي في شئون الإعاقة لإبراز مكانتهم وتفوقهم وهذا سيكون لكل المعاقين وليس للمكفوفين فقط، أتمني أيضا أن يتم اختياري فى أى جهة استشارية للتربية الخاصة بالمديرية أو الوزارة، وأتمنى هذه الأمنية لكل من حصل علي درجة الماجستير والدكتوراه من متحدي الإعاقة في جميع المصالح الحكومية.
‎وماذا تتمنى لفئة ذوى الاحتياجات الخاصة؟
أتمنى رفع نسبة ال 5% في التعيينات، وتفعيلها أولا في كل مؤسسات الدولة، كما أدعو وزير المالية العمل لتوفير سيارة لمكفوفي البصر أسوة بباقي المعاقين في مصر ورفع الجمارك عنهم.
كما أتمنى إعادة تجربة طه حسين مرة أخري عميدا للأدب العربي ووزيرا للمعارف، فما هو المانع أن يكون هناك مستشارا للرئيس من ذوي الإعاقة وما المانع أن يكون هناك وزيرا من بينهم في الحكومة، وأتمنى أن يكون هناك لجنة داخل مجلس الشعب خاصة لفئة ذوي الاحتياجات الخاصة، لذا أتمنى من أجهزة الدولة إعطائهم الفرصة كاملة لإثبات ذاتهم في كافة المجالات، لكي يعيد التاريخ نفسه من جديد.
هل تدين بالفضل لأحد كان سببا في نجاحك ووصولك لهذه المرحلة؟
أكيد.. فكل عمل ناجح ورائه أناس مخلصون ومن لا يشكر الناس لا يشكر الله، وأنا أنعم الله على بأناس وقفوا بجواري ولم يتخلوا عنى لحظة واحدة، بدأت بوالدتي التي ظلت تعمل أجيرة في الأراضي لمدة 55 عاماً من أجل أن توفر نفقات علاجي ودراستي ولم تبخل على يوماً ومروراً بأخي الأكبر محمود الذي كان لي بمثابة أب وصديق، بعد أن فقدت أصدقائي لعدم قدرتي على مجاراتهم في حياتهم، فتحمل معي الكثير من المعاناة وكان دائماً يشجعني، وتعب معي كثيرا في الدراسة وقراءة الكتب والمراجع والأبحاث، حتى أنه يحفظ رسالتي عن ظهر قلب، وانتهاء بزوجتي التي تحملت ولا تزال تتحمل انشغالي عنها في البحث والدراسة ولم تشعرني يوماً بالتقصير وتهتم بأبنائي جهاد ومحمود، وتقوم بواجباتها في المنزل على أكمل وجه.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.