أكد الأمين العام لجامعة الدول العربية الدكتور نبيل العربي ضرورة ألا يصرف الاتفاق النووي الإيراني مع مجموعة "دول 5+1" الانتباه عن وجود أسلحة نووية ومنشآت نووية في إسرائيل لا تخضع لأية رقابة دولية. ونبه العربي إلى أن إسرائيل نجحت طيلة العقود الماضية في التلاعب بالمجتمع الدولي لتجنب تسليط الضوء على ترسانتها ومنشآتها النووية وساعدها في ذلك انحياز المجتمع الدولي لموقفها وتبنيه سياسة الكيل بمكيالين في موضوعات نزع السلاح وعدم الانتشار حتى لا يتم الضغط عليها لانضمامها إلى معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية وإخضاع جميع منشآتها النووية لنظام الضمانات الشامل التابع للوكالة الدولية للطاقة الذرية، وظهر هذا الانحياز جلياً خلال مؤتمر مراجعة المعاهدة لعام 2015، وفقاً لما ذكرته وكالة أنباء الشرق الأوسط. جاء ذلك في كلمة الدكتور نبيل العربي التي ألقاها خلال الجلسة الافتتاحية لاعمال المؤتمر المشترك الثاني بين جامعة الدول العربية والمجلس المصري للشؤون الخارجية اليوم الأحد بمقر الامانة العامة لجامعة الدول العربية تحت عنوان"الانعكاسات الأمنية الإقليمية للاتفاق النووي الإيراني مع مجموعة دول 5+1". وحذر الدكتور نبيل العربي من خطورة الاضطرابات والتحديات الجسيمة التي تشهدها بعض دول المنطقة من نزاعات مسلحة ،والتي ترتب عليها انهياراً جزئياً أو كليا لمؤسساتها الوطنية وظهور تنظيمات إرهابية عابرة للحدود الوطنية، مما مهد الطريق لتدخلات خارجية في المنطقة وأبرزت تداعيات سلبية تهدد الأمن القومي العربي. وقال العربي إن هذا المؤتمر ينعقد في وقت تشهد فيه الدول العربية تحديات وتطورات متلاحقة تنعكس على أمنها الوطني والقومي،فضلا عن حالة عدم الاستقرار التي أوجدت تحديات تفرض على الجميع التصدي لها من خلال منظور استراتيجي شامل متعدد الأبعاد، مع المحافظة على سيادة واستقلال ووحدة الأراضي العربية وتماسك وصلابة الموقف العربي. وأضاف إنه في ظل انشغال الدول العربية بقضاياها الأمنية، شهدت المنطقة العربية تطوراً جيوسياسياً لا يمكن إغفاله وهو توقيع الاتفاق النووي الإيراني مع مجموعة "دول 5+1" بفيينا في يوليو 2015 ودخوله حيز النفاذ في شهر يناير من هذا العام ،موضحا أن تداعيات هذا الاتفاق على الدول العربية متعددة الأبعاد لا تقتصر فقط على البعد الفني للتأكد من الطبيعة السلمية الخالصة للبرنامج النووي الإيراني، بل أيضاً هناك ابعاد أمنية وجيوسياسية كثيرة خاصة فى ضوء التدخلات الايرانية المتزايدة فى المنطقة. وقال العربي :إنه لأمر محمود أن تتوصل إيران ومجموعة دول 5+1 إلى اتفاق حول برنامجها النووي ودليل على قدرة الدبلوماسية في حل الخلافات بالطرق السلمية ونزع فتيل الأزمة مؤقتاً بشأن هذا البرنامج،ولكن يبقى الحكم على نجاح الاتفاق من عدمه معتمداً في المقام الأول على التزام إيران في التنفيذ الأمين لبنوده وقدرة الوكالة الدولية للطاقة الذرية في تحديد مدى هذا الالتزام. وشدد العربي على أن جامعة الدول العربية تابعت ردود الفعل تجاه الاتفاق النووي الإيراني، التي تباينت بين رافضة ومرحبة وحذرة،مشيرا الى ان مخاوف الدول العربية -والتي تم استبعادها في هذه المشاورات- ليست من الاتفاق النووي بحد ذاته، بقدر ما قد يفرزه من آثار أمنية وسياسية واقتصادية عليها،داعيا الى ضرورة أن تكون لدي الدول العربية خيارات إستراتيجية متنوعة، خاصة أنه لا تزال لدى الدول العربية قضايا شائكة مع الجانب الإيراني ليس أقلها التدخلات الإيرانية في الشؤون الداخلية للدول العربية، واستمرار احتلالها لأجزاء من أرضي دولة الإمارات العربية المتحدة. وأوضح العربي إن نقطة الانطلاق في هذا الشأن تتلخص في ما اذا كان هذا الاتفاق في مجمله يتفق مع المبادئ الأساسية ومع فلسفة معاهدة منع الانتشار أم لا؟،وهل الاتفاق يؤكد ضرورة إخلاء العالم من السلاح النووي؟ للآسف بدراسة بنود الاتفاق نجد أنها تتسم بمرحلية الالتزامات،وبأن هناك بنود سيعاد النظر فيها بعد فترة زمنية محددة. وقال العربي :"إذا كان هذا الاتفاق يعكس تحولاً في إستراتيجية الولاياتالمتحدةالأمريكية في تعاملها مع إيران رغبة منها في تخفيف حدة المخاوف الإسرائيلية تجاه البرنامج النووي الإيراني،فالأهم هو تداعيات الاتفاق على المساعي العربية والدولية لإخلاء منطقة الشرق الأوسط من الأسلحة النووية". وأبدى الأمين العام للجامعة العربية استغرابه لغياب أية إشارة إلى قرار 1995 حول الشرق الأوسط والذي لولاه لما وافقت الدول العربية على التمديد اللانهائي لمعاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية،معربا عن أمله أن يساهم المؤتمر في وضع مقاربة عربية شاملة لجعل منطقة الشرق الأوسط خالية من الأسلحة النووية خاصة وأن دورة مراجعة المعاهدة للفترة 2015-2020 تفتقر لأية خطة عمل دولية في هذا الشأن. وقال العربي:إن "توصل إيران ومجموعة الدول 5+1 إلى اتفاق بشأن برنامجها النووي وقبول المجتمع الدولي لهذا البرنامج بعد سنوات من فرض العقوبات والاتهامات بإخفائها لبرنامج نووي عسكري، يفرض علينا أن نسأل: لماذا تأخرت الدول العربية في تنمية الاستخدامات السلمية للطاقة النووية؟،لاسيما مع توافر القدرات المالية والكوادر الوطنية والإرادة السياسية، حيث أعلن القادة العرب في قمة الرياض عام 2007 البدء في تنمية الاستخدامات السلمية للطاقة النووية في كافة المجالات التي تخدم التنمية المستدامة". ومن جانبه ،أكد وزير الخارجية سامح شكري في كلمته التي ألقاها نيابة عنه مساعده للعلاقات متعددة الأطراف السفير هشام بدر ، أن هذا المؤتمر يعكس إدراكا نأبها بقضية تفرض على الدول العربية الوقوف عندها بالدراسة المدققة واستيعاب ماسيترتب عليها من آثار وتداعيات تلقي بظلالها على أمن واستقرار ومستقبل العالم العربي بل الشرق الأوسط بأكمله". وشدد شكري على أن العالم العربي يمر باللحظة تاريخية تنفرد بجسامة بما تحمله من تحديات أمنية وسياسية واقتصادية غير مسبوقة إذ تمس الأمن القومي العربي في صميمه بما يقترب بالمنطقة من درجة الأزمة . وأضاف شكري:"أنه بين التفكك الذي أصاب كينونة عدد من الأقطار ووقوع عدد آخر تحت نير الاقتتال الأهلي ودوامة العنف لم يعد التهديد الذي يشكله سلوك بعض الأطراف الاقليمية خافيا بل صارت تلك الأطراف تجاهر في تدخلها المباشر في العالم العربي دون اكتراث لأمن وسيادة الدول العربية وذلك في خرق واضح للأعراف والمواثيق الدولية وعلى رأسها ميثاق الاممالمتحدة وبذلك يصبح مستقبل العالم العربي رهينة لمصالحها وواقعه أسيرا لتوازنات خارجية لا تتعلق بمصالح الشعوب العربي". وقال شكري:إن الحديث عن التحديات التي تواجه الأمن القومي العربي والتداعيات المُحتملة للاتفاق النووي الإيراني مع مجموعة دول ال5+1 تجعلنا نؤكد على أهمية عدم تعامل ايران مع العالم العربي من منطلق قائم على التدخل في الشأن الداخلي لدوله بما يؤثر سلبا على استقرار المنطقة بأكملها". وأكد شكري حرص مصر على احترام الطوائف كافة كما انها تسعى لان يكون الأساس في تحقيق تطلعات شعوب المنطقة هو حقوق المواطن المستمدة من انتمائه لدولته وليس لارتباطه بطائفة أو أخرى. وقال شكري إن قضية نزع السلاح النووي وإخلاء الشرق الأوسط من الأسلحة النووية تحمل ركنا أساسيا في أولويات سياسة مصر الخارجية على المستوى الوطني ومن خلال منظومة العمل العربي المشترك. وأضاف شكري أن مصر تابعت بشكل دقيق الاتفاق الأخير الذي توصلت اليه ايران مع مجموعة دول ال5+1بعد مفاوضات مطولة وهو الاتفاق الذي الذي سيترتب عليه في تقديرنا آثارا تتجاوز تفاصيله الفنية لتمس جوهر المصالح العربية وطبيعة التوازنات الاقليمية بين العالم العربي من جانب وإيران من جانب آخر. وشدد شكري على ضرورة العمل على استمرار تماسك الموقف العربي بشأن اخلاء المنطقة من أسلحة الدمار الشامل وعلى رأسها الأسلحة النووية ،مؤكدا اهمية استمرار العمل العربي المشترك تجاه الوصول الى انطلاقات في هذا الملف. وأكد أنه يبقى المعيار الرئيسي المتعلق بتقييم الاتفاق النووي مرتبطا بالمتابعة المدققة من جانب الدول العربية للسلوك الإيراني في المنطقة وما اذا كان الاتفاق سيسهم في تحقيق الامن والاستقرار في الشرق الأوسط. ومن ناحيته، أكد رئيس البرلمان العربي أحمد الجروان في كلمته أهمية المؤتمر خاصة في ظل الاتفاق النووي الإيراني الأخير وذلك لدراسة الآثار المترتبة لهذا الاتفاق على المنطقة العربية ووضع رؤية عربية موحدة حماية للمصالح العربية والأمن القومي العربي. وقال الجروان إن عدم التزام كل من اسرائيل وإيران بمعاهدة حظر الانتشار النووي في منطقة الشرق الأوسط يحتم علينا جميعا العمل سويا من اجل مواجهة الاخطار الناتجة عن عدم توازن القوى النووية في المنطقة. وأضاف الجروان أن "السماح لإيران بإمتلاك السلاح النووي سيدفع بِنَا للمطالبة بإمتلاكنا هذا السلاح لإعادة التوازن للمنطقة في ظل التهديدات الخطيرة التي تحقيق بدول المنطقة خاصة من اسرائيل وإيران". ودعا الجروان إلى ضرورة الاستفادة من العلاقات العربية مع المجتمع الدولي لتحقيق مصالح الشعب العربي بل وشعوب المنطقة من خلال الضغط لاخلاء المنطقة من الأسلحة النووية . كما دعا الى ضرورة توجيه الجهود الدبلوماسية العربية من اجل دعوة الدول دائمة العضوية بمجلس الامن للتعهد بإحترام أهداف ومقاصد انشاء المنطقة الخالية من أسلحة الدمار الشامل ،والتأكيد على ان عمليات التسويف والمماطلة بشأن الالتزامات التي سبق الاتفاق عليها في مؤتمرات المراجعة السابقة من شأنها دخول المنطقة في سباق التسلّح النووي التي سيكون المتضرر الاول والأخير منها المواطن العربيتين ان ذلك يمثل تهديدا ليس فقط للامن العربي والاقليمي بل للامن والسلم الدوليين بشكل عام. وأكد الجروان أهمية أن تقوم منظمات المجتمع المدني والمراكز البحثية المعنية بالتوعية على المستوى المحلي والدولي بأخطار انتشار أسلحة الدمار الشامل في المنطقة خاصة وان الجانب غير الرسمي له دور كبير في التأثير على السياسات الغربية. وشدد على أن البرلمان العربي سعى من خلال مشاركته الدولية المختلفة وعلى صعيد المؤسسات البرلمانية في الدول الأوروبية ومختلف العواصم العالمية لحشد الدعم والمساندة على الصعيد الشعبي لمساندة العمل الدبلوماسي الرسمي في مجال حظر انتشار الأسلحة النووية. وأعرب "الجروان" عن أمله أن يعود التقارب الإيراني الأمريكي والدولي بالإيجاب على شعوب المنطقة ،محذرا في الإطار ذاته من السياسات الإيرانية العدائية الأخيرة تجاه عدد من الأقطار العربية والتدخل السافر في الشؤون العربية كونه يدفع للقلق بشأن النوايا الايرانية التوسعية في المنطقة مما يؤكد أهمية مثل هذه المؤتمرات الاستراتيجية من أجل عمل عربي مشترك على الصعيد الحكومي والشعبي وبما يضمن للشعب العربي الوقاية من مثل هذه الاخطار وبما يدعم منظومة الأمن القومي العربي. وشدد الجروان على أن البرلمان العربي لن يدخر جهدا في دعم مخرجات هذا المؤتمر في كافة المؤتمرات البرلمانية والمشاركات الدولية وبما يدعم إخلاء منطقة الشرق الأوسط من الأسلحة النووية .